الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وستون - ١٩ يونيو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وستون - ١٩ يونيو ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

بعيدا عن الانترنت في قلب طهران

 

الوفاق/ خاص
نسرين نجم
كنت اعتقد وانا المعتادة على تمضية اغلب اوقاتي بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي على اختلاف انواعها لاسباب متعددة تتعلق بالعلاقة التأثيرية لهذه المواقع على الهندسة القيمية المجتمعية الجديدة وتشكيل اتجاهات للرأي العام، فكنت اظن بأنه لا يمكن ان ابتعد عنها ليوم او يومين حتى، فأتت زيارتي الى الجمهورية الاسلامية الايرانية لتثبت لي العكس، فقد ابتعدت عنها لمدة 13 يوما، نتيجة الحظر على اغلب المواقع في ايران، وهي خطوة تكتيكية استراتيجية هامة جدا وضربة قوية في وجه الاعداء الذين كانوا ولا يزالون يتربصون شرا بهذه الجمهورية المباركة معتمدين على هذه المواقع لبث الاضاليل والأكاذيب والافتراءات لقلب الحقائب، ولتشويه صورة ايران في الداخل والخارج، كما حصل مؤخرا من اعمال شغب ومن اثارة للفتن في الجمهورية الاسلامية، وكيف ان قوى الاستكبار العالمي كانت تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي لتحرك عملاءها وتغرر بالشباب، وكما هو معلوم فقد اجهض هذا المخطط الشيطاني بفضل القيادة الحكيمة والوعي المجتمعي.
وبالفعل اتى هذا الحظر لصالحي، فقد اخذتني شوارع طهران ومناطق ومحافظات ايران الى عوالم متنوعة مليئة بجمال الطبيعة وبطيبة هذا الشعب وبغنى هذا البلد بالقادة والشهداء والعلماء اي بالعزة والكرامة والعنفوان، واول مواجهة للاكاذيب كانت تلك  التي يروج لها في لبنان خاصة بأن الشعب الايراني لا يحب الشعب اللبناني وذلك نتيجة ما  يبثه المحور الشيطاني من افكار ومن معلومات مدسوسة لزرع الفتن والشرخ بين الشعبين، ولكن ما وجدته انا وصديقتي اللبنانية ايضا كل الترحيب والمحبة والتعاون وعندما كنا نسأل من اين انتم؟ ونجيبهم من لبنان، ترتسم البسمة على وجوههم ويقولون "لبنان بلد جميل"، وهذا الموقف يمر به كل زائر لبناني، فإذن هذه الاشاعة المقيتة تم ضربها بعرض الحائط واندثرت الى غير رجعة، وليس من الان
بل منذ زمن..
 انها المرة الثانية التي ازور بها ايران ولكن الحب لهذه الجمهورية القوية وقع منذ الزيارة الاولى، ففي ايران ورغم كل العقوبات الجائرة والحصار اللاانساني واللاقانوني من الإدارة الأمريكية الخبيثة الا انه لا يوجد قلق او خوف من انقطاع الكهرباء والمياه والخدمات العامة كما في بلداننا... في ايران لا نخاف من فقدان دواء او عدم القدرة على الدخول للمستشفى، في ايران لا نخاف من السير ليلا فالامن مستتب، في ايران لا نقلق من الغلاء وارتفاع الأسعار بشكل مخيف كما في لبنان او سوريا، ولم ننشغل بتأمين البنزين للسيارة... وكل هذا بسبب نجاحها في كسر الحصار عبر الاكتفاء الذاتي، وهو ما اغاظ الاعداء اكثر فأكثر ..
تجولنا في العديد من المناطق والشوارع فوجدنا غير الملتزمة بكامل الحجاب تمارس حياتها بشكل طبيعي دون ان يتعرض لها احد بكلمة او بضربة بعكس ما كان ينقل الينا ويروج له الإعلام الغربي المعادي وعدة مواقع مضللة، وقد رأينا بأم العين هذا النوع من الفتيات في العديد من الاماكن المقدسة للصلاة وهن ملتزمات بالحجاب داخل المرقد وبمحيطه، وحتى ما لفتنا بشكل كبير عندما كان لنا شرف زيارة مدينة الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني "كرمان"، بالقرب من ضريحه كانت تجلس فتاة عشرينية تضع منديلا على رأسها وليس حجابا وتبكي لتتبرك بالضريح، لتأتي سيدة اخرى ايضا تضع المنديل ايضا
وترش الورد على الضريح وتقرأ بعض الآيات القرآنية ومنعت الاطفال الصغار من اللعب حول الضريح... الملفت في كرمان المدينة التي احياها الشهيد الكبير بعد استشهاده هو زيارة العائلة بأسرها للضريح وكيف ان الاطفال يتباركون به ويقرأون الفاتحة ويقبلون صورته، وكيف انهم يأتون من كل المناطق والمحافظات الايرانية ليلا ونهارا، مدينة كرمان لا تنام بعد ان اغمض القائد الكبير عيناه ليغفو في قلوبنا ووجداننا، وقد اضحت زيارة الضريح  ثقافة نفس اجتماعية مهمة جدا تتمثل بأن اصبحت هذه الشخصية الاستثنائية التي لا يمكن ان تتكرر عبر التاريخ قصدنا الشهيد القائد الحج قاسم سليماني قدوة لكل صغير وكبير، فالمدرسة السليمانية وكما شاهدنا في عيون الزائرين والمقيمين هناك مزروعة بشكل ثابت في العقول وليس فقط في القلوب... وهذه ثقافة مجتمعية مهمة جدا، ولا بد من التوقف عندها، لانه من خلالها يتم تعبئة وتنشئة اجيال لا تهاب الا من الله عز وجل، اجيال تعرف وتعي من ضحى من اجلها ومن اجل حماية الجمهورية الاسلامية الايرانية وكل محور المقاومة، وهذا ما بدا واضحا حتى من خلال اسماء الشوارع والصور المنتشرة في كل حي لقادة وشهداء وعلماء، وهذه الاسماء والصور لها الاثر الكبير في تكوين شخصية المرء، لانها تعزز لديه حب الانتماء والولاء لوطنه، وتشكل وعيا جمعيا  بضرورة التعرف على هذه الشخصيات اكثر واكثر والتمسك بسيرها ومسيرتها لمقارعة قوى الاستكبار العالمي، وهذا سلاح فعال ضمن اطار جهاد التبيين من خلال اظهار الشخصيات الواجب التماهي بها بدلا من الشخصيات الكرتونية السطحية الفارغة التي يروج لها الغرب على اساس انها المثال الاعلى الذي يجب ان يتغنى به الشباب ويأخذه قدوة...
من المشاهد الجميلة التي توقفت عندها ونحن في الحرم الرضوي الشريف ننتظر صلاة الجماعة ذاك الشاب من الطائفة السنية الكريمة وهو يصلي بحريته دون ان يأتي احدا ليمنعه او يوجه له اي ملاحظة... وهنا سألت نفسي لو ان العكس حصل في دولة عربية مسلمة مطبعة مع العدو الصهيوني ماذا سيكون مصير هذا الشاب؟! وهو للاسف ما حصل في عدة دول اما الاعتقال او المحاكمة او الترحيل، وتبتسم عندما تتذكر ما تنشره الابواق الغربية الكاذبة التي تحدثنا عن قمع الحريات في ايران، وا أسفاه على معنى الحرية لدى هذه الابواق المأجورة...
وايضا مشهد آخر ونحن نتجول في اسواق "مشهد" وبالقرب من الحرم الرضوي الشريف كيف ان شابا من الطائفة المسيحية الكريمة يضع صليبا برقبته يرحب بنا ويطلب منا ان لا ننساه من الدعاء في المقام، قائلا انا ازور المرقد الشريف دائما  ولكني اطمع بدعائكم...
هذا التنوع الديني والثقافي هو الذي اغاظ قوى الاستكبار اي الإدارة الأمريكية الخبيثة والكيان اللقيط اي "اسرائيل" والانكليز وغيرها من الدول...
هذه الخدمات التي تؤمن للمواطنين واستتباب الامن والامان والاكتفاء الذاتي الاقتصادي الانتاجي الصناعي اثار الرعب والهلع عند أعداء الانسانية اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية.
الحديث عن مشاهداتنا في هذه الزيارة لا يمكن حصره بمقالة ابدا، ولكن سننهي هذه المقالة بما رأيناه بأم العين اثناء تواجدنا في احياء الذكرى السنوية لرحيل الامام الخميني(قدس) من الحب الكبير والوفاء للامام ولسماحة السيد القائد دام ظله الشريف، فقد كان شعورا لا يوصف عندما اطل علينا ليتحدث بهذه المناسبة وهي المرة الاولى التي اتواجد بها في هذه المناسبة، فقد كانت دموع الفرح في عيون الكبار والصغار، كلمات الحب والاخلاص كانت تنبض بها القلوب قبل الحناجر وكأنهم يجددون العهد والوعد بالبقاء على هذا الخط وهذا النهج، فتجد السيدة المسنة تحتضن صورة الامام الخميني (قدس) مع ابنها الشهيد وتدعو للسيد القائد، وترى الفتيات بعمر الورود عمر المراهقة يكتبن اسم الامام الخامنئي دام ظله على كفوفهن ليرفعوها امام الشاشات بإشارة منهن الى انتمائهن لهذه المدرسة العظيمة، اما ذاك الرجل المسن المريض الذي يضع بالقرب من كرسيه قنينة الاوكسجين والذي رغم سنه ومرضه أبى الا ان يشارك في هذه المناسبة العزيزة، عدا عن الحشود المليونية في الخارج التي اتت من اقاصي ايران لتعاهد بالبقاء على هذا النهج الإسلامي المحمدي الاصيل رغم كل التحديات والصعوبات...
شعب لديه هكذا قيادة عظيمة ويمتلك هذا الوفاء لا يمكن ان ينهزم...
لذا لا اسف على بقائنا دون مواقع التواصل ولو لاشهر لان ما شاهدناه ولمسناه يكشف زيف الكثير مما يقال في الاعلام الغربي المعادي.

 

البحث
الأرشيف التاريخي