باريس تُطلق طورا جديداً من الإسلاموفوبيا
أثار وزير التعليم الفرنسي باب ندياي غضبا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدما وصف الصلاة في المدارس بـ"الأمر الخطير الذي لا يطاق، لأنه هجوم على العلمانية التي تحكم فرنسا"، على حد قوله. وكان كريستيان إستروزي عمدة مدينة نيس قد نشر بيانا عبر منصات التواصل الاجتماعي قال فيه إنه تلقى معلومات من مفتش أكاديمية المدينة بوجود "أفعال خطيرة" -حسب وصفه- تمثلت في قيام عدد من التلاميذ المسلمين بالصلاة في فناء المدارس في المدينة خلال فترة الراحة.
ذرائع واهية
وحسب موقع "يورونيوز (Euronews) الإخباري، فقد أرسل إستروزي رسالة إلى رئيس الوزراء الفرنسي قال فيها إن "تلاميذ قد أدوا الصلاة في ساحة المدرسة أو أنهم وقفوا دقيقة صمت إحياء لذكرى النبي محمد (ص)، لذلك تم إبلاغ السلطات الرسمية للاشتباه بحالات تطرف. وأصدر وزير التربية باب ندياي بيانا مشتركا مع عمدة نيس قال فيه إن ما حدث في 3 مدارس ابتدائية في نيس هو "هجوم خطيرة على العلمانية"، مشيرا إلى أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات بعدها، منها استدعاء أولياء أمور التلاميذ الذين قاموا بأداء الصلاة، ومعتبرا أن مبدأ العلمانية غير قابل للتفاوض في الجمهورية الفرنسية، على حد قوله.
حقوق الأطفال المسلمين
من جانبها، اعتبرت الناشطة المناهضة للعنصرية والمشهورة باسم "صبرينا واز" أن البيان المشترك الأخير يلتقي في خطوة واحدة هي الإسلاموفوبيا، ويخطو خطوة جديدة إلى الأمام نحو الهجوم على حقوق الأطفال المسلمين وأوليائهم. بدوره، يرى عضو حركة فرنسا الأبية برونو مزال أن الوزير باب ندياي يحاول أن ينقذ حصيلته السيئة جدا بعد سنة على تعيينه باتخاذ موقف عنصري، قبل أن تتدخل زوجة ماكرون من أجل الدفع بجان ميشيل بلانكير لخلافته. وقالت مغردة تدعى هيلين إن وزير التربية لا يطبق سوى نسخة مشوهة وملتوية وعنصرية من العلمانية فقط. ويأتي هذا الجدل في خضم معركة إعلامية أخرى يخوضها الوزير ضد انتشار "العباءات" في المؤسسات التربوية، والتي اعتبرها تحديا آخر تعيشه المدرسة الفرنسية.
الجدل حول الإسلاموفوبيا بفرنسا
وتبدو فرنسا اليوم أكثر تمزقا منها في أي وقت مضى بسبب الانقسامات في الهوية، حيث غدا الجدل حول الإسلاموفوبيا مريرا للغاية وأقل أكاديمية وأكثر تسييسا، حتى إن كتابا أصدرته الأستاذة فلورنس بيرجو بلاكلر، حول تأثير الإخوان المسلمين في أوروبا، أصبح مثارا لسلسلة من النقد والشتائم والمنع والتهديد بالقتل لهذه الأستاذة، كما ترى الباحثة جوسلين سيزاري، في تحليل تسلط فيه الضوء على الحرب الثقافية بالطريقة الفرنسية بناءً على تجربتها في الولايات المتحدة. ويوضح موقع أوريان 21 (Orient XXI) الفرنسي -في مقال سيزاري الذي ترجمه الكاتب آلان غريش- أن التحقيق الذي نشرته بلاكلر تحت عنوان "الإخوانية وشبكاتها" عام 2023، كان يمكن أن يبقى بحثا في قائمة طويلة من الأعمال التي تتناول تأثير الإخوان المسلمين في أوروبا، لولا ما أثاره من لغط في فرنسا، عندما شجب السياسيون والعلماء من جميع المعتقدات ما اعتبروه "أمركة" من قبل بلاكلر، للنقاش السياسي تركز كثيرا على الاختلافات العرقية والدينية والجنسانية، مما يقوض الطبيعة التوحيدية للهوية الفرنسية العالمية، حيث قبضة سياسة الهوية على المشهد السياسي الفرنسي قوية، ولكنها بعيدة كل البعد عن الأمركة.