وجِهات روسيّة تُبدي مخاوفاً من ضياع فرص يريفان..
أرمينيا تبحث التخلّي عن المظلة الأمنية الروسية
الوفاق/وكالات- نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرًا تحدث فيه عن زيارة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان روسيا ومشاركته في اجتماع رؤساء حكومات رابطة الدول المستقلة. وقال الموقع، إنه قبل وقت قصير من وصول باشينيان إلى روسيا، صرح أمين مجلس الأمن الأرميني أرمين غريغوريان بأن بلاده ستتخلى عن خدمات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي لحماية حدودها في نقض واضح للاتفاقيات السابقة. ويعزو الخبراء هذا التصريح إلى سعي يريفان للابتعاد عن موسكو في ظلّ إنخراط الاخيرة بالحرب في أوكرانيا.
ووصل رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى سوتشي في زيارة تستغرق ثلاثة أيام لحضور اجتماع رؤساء حكومات دول الاتحاد الاقتصادي الأوروبي ورابطة الدول المستقلة. وتعد مسألة تطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية ورقمنة نقل البضائع بالقطارات من المواضيع التي طرحت على جدول أعمال الاجتماع.
ممر زانجيزور
ذكر الموقع أن رئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، استقبل نظيره الأرميني وأبلغه تحيات الرئيس الروسي، وخلال اللقاء تطرق الجانب الروسي والأرميني إلى مسألة إلغاء حظر روابط النقل في منطقة القوقاز أو ما يعرف بإنشاء ممر زانجيزور. من جانبه، أعرب باشينيان عن استعداده لفتح روابط النقل لكن في إطار مبدأ السيادة والولاية القضائية لتلك الأطراف التي تمر هذه الروابط من خلالها. وأوضح باشينيان أن الأمر يتعلق بالروابط الواردة في الفقرة التاسعة من بيان قادة روسيا وجمهورية أذربيجان وأرمينيا الموقع في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 – وهو اتفاق أوقف الحرب الثانية في كاراباخ.
من هاجم روسيا
ونقل الموقع عن نائب رئيس وزراء روسيا، أليكسي أوفرشوك، أن مناقشة إلغاء حظر روابط النقل بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان أحرزت تقدما كبيرًا، ورغم كل التحديات الدبلوماسية وإعلان أمين مجلس الأمن أرمين غريغوريان قبل أيام قليلة أن فتح روابط النقل مع أذربيجان لن يتم إلا على أساس مبادئ السيادة الأرمنية، تمت زيارة باشينيان إلى سوتشي.
وفسّر الخبراء تصريح غريغوريان بأنه رفض يريفان لإحدى النقاط الرئيسية في البيان الثلاثي، التي تنص على ضمان أرمينيا حماية روابط النقل بين المناطق الغربية لأذربيجان وحكم ناخيتشيفان الذاتي وخضوع روابط النقل لسيطرة دائرة حرس الحدود التابعة لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي. ومع أن غريغوريان لم يشر إلى حرس الحدود الروس بشكل مباشر إلا أنه ذكر أن عضوية أرمينيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي تخلق مشاكل. وحسب قوله، تبحث أرمينيا عن مصادر بديلة لاستيراد الأسلحة لأن فرص التصدير الروسية في هذا المجال تراجعت. بعد تعيين أرمينيا لأول مرة ملحقًا عسكريًا لسفارتها في دلهي في منتصف أيار/ مايو الماضي خلص المراقبون إلى أن يريفان ترغب البدء في شراء أسلحة من الهند.
ما هي اللعبة الجديدة؟
ونقل الموقع عن رئيس الحزب الديمقراطي الأرميني المعارض، النائب آرام سركسيان، قوله: "في الواقع، ينص البيان الثلاثي لسنة 2020 على أن الطريق من الجزء الرئيسي من جمهورية أذربيجان إلى ناخيتشيفان أي ممر زانجيزور سيكون تحت سيطرة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. لكن منذ ذلك الحين، تدهورت العلاقات بين يريفان وموسكو وفقد الحلفاء الثقة في بعضهم البعض. ويقع ممر زانجيزور في مقاطعة سيونيك الواقعة في أقصى جنوب أرمينيا، وهو عبارة عن خط سكك حديدية يرتبط بخطوط السكك الحديدية الواقعة في أذربيجان من جهة ومنطقة ناخيتشيفان ذات الحكم الذاتي والتابعة لأذربيجان.
السلطات الأرمینية تقترب من الغرب
وحسب سركسيان، تقترب السلطات الأرمنية من الغرب، الأمر الذي يعتبر "لعبة خطيرة" كون التحالف مع روسيا لا بديل له، لذلك ينبغي ليريفان وموسكو إبرام وثيقة جديدة تحدد بوضوح الالتزامات المتبادلة مع مراعاة الحقائق الجديدة. وأقر سركسيان بأن روسيا وأرمينيا تسعيان في الوقت الراهن لفتح الطريق من باكو إلى ناخيتشيفان خدمة لمصالحهما، مشككا في قدرة البلدين على التوصل إلى توافق في الآراء. وأورد الموقع أنه لإنشاء ممر من المخطط ترميم جزء يبلغ طوله 41 كيلومترًا من السكة الحديدية تعود إلى العهد السوفيتي على طول نهر أراس، أي على طول الحدود الأرمينية الإيرانية وكذلك بناء طريق سريع موازٍ. ووفقا للنقطة التاسعة من البيان الثلاثي وعلى الرغم من أن ممر زانجيزور سيمر رسميًا عبر أراضي أرمينيا، إلا أنه يخضع لسيطرة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، العامل الذي تعارضه يريفان. وبناء على تصريحات غريغوريان والتحفظات على "مبدأ السيادة" التي أبداها باشينيان في الاجتماع مع ميشوستين، قررت يريفان نقض التزاماتها بموجب النقطة التاسعة من البيان والمطالبة بحراسة ممر زانجيزور في المستقبل من قبل قوات الأمن في أرمينيا نفسها عوضًا عن حرس الحدود الروس.
موسكو لا تزال تضمن السلام
وحسب نائب مجلس الدوما الروسي أليكسي جورافليف فإنه "بقطع النظر عن غريغوريان، لا تنص الوثائق المعتمدة على سيطرة حرس الحدود الأرمينيين بطريقة ما على ممرات النقل. وعلى الأرجح، ظهر هذا حديثا". وشدد النائب على أنه من أجل تطبيع العلاقات، من الضروري إعادة الاتصال بين البلدين واستعداد روسيا للعمل كضامن للأمن في المنطقة وحرصها على حراسة جميع المعابر من أجل استبعاد المشاكل التي تواجه سكان كل من أرمينيا وأذربيجان.
وتابع جورافليف أن التوجه المؤيد للغرب الذي اتبعه باشينيان أدى إلى فقدان يريفان تأثيرها عمليًا على كاراباخ، غير أن مواصلة فريق رئيس الوزراء مفاقمة الصراع يتم بناءً على اقتراح القيمين الأجانب.
لماذا يعتبر طريق زانجيزور مهما؟
ونقل الموقع عن ديمتري سولونيكوف، مدير معهد تنمية الدولة المعاصرة الروسي، أن لروسيا العديد من المصالح في جنوب القوقاز منها تطوير الاقتصاد والاستثمار والتجارة المتبادلة داخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وأضاف سولونيكوف أن "ممر زانجيزور يعد أحد أجزاء ممر النقل الدولي المستقبلي بين الشمال والجنوب. يربط أحد فروع هذا الطريق روسيا بالموانئ الجنوبية لإيران في الخليج الفارسي، أما الآخر فيتّجه نحو ناخيتشيفان وتركيا ويربط روسيا بالموانئ على البحر الأبيض المتوسط، ما يجعله يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لموسكو". وأيد سولونيكوف "تحوّل منطقة جنوب القوقاز إلى جزء من نظام روابط النقل العالمي. ويمكن أن يساعد ممر زانجيزور المستقبلي على تحقيق هذا الهدف". ويرى كولتاشوف أن سيطرة قوات حفظ السلام الروسية على ممر لاتشين في كاراباخ وسيطرة حرس الحدود التابعين لجهاز الأمن الفيدرالي على ممر زانجيزور في المستقبل كفيل بضمان أمن الطرق والمنطقة ككل. والتخلي عن حرس الحدود الروس يهدد بتصعيد النزاع المسلح في كاراباخ مرة أخرى ويقوض إمكانيات تسجيل تنمية اقتصادية مشتركة وازدهار المنطقة.