في ضوء التقارب الإيراني- العربي وتراجع هيمنة الغرب في المنطقة..
طور جديد للحرب النفسية الغربية ضد ايران
بدأ الغرب عبر أدواته الإعلامية والنفسية والترهيبية شنّ هجمة نفسية جديدة ضد ايران وشعبها المقاوم، هجمة رغم أنها مُكثّفة ومُمنهجة إلاّ أنها باتت مُكرّرة بشكل يبعث على الإشمئزاز (من ناحية جدواها)، حيث بدأت ملامحها تتكشف عندما أطلق الصهاينة واللوبي الراعي والداعم لهم في أمريكا شائعات حول إتّفاق مؤقت (رغم أن الإتفاق النووي لم يدخل في قائمة الإتفاقات المستديمة حتى اليوم ومازال مؤقتا بسبب التعنّت الأمريكي) بين طهران وواشنطن سيتم الكشف في الأسابيع القادمة، وستتعرّى بالمُطلق عندما نقوم بتلقف كافة أبعادها من تلك المزاعم التي أطلقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج ايران النووي السلمي وحتى التخويف والترهيب من ايران بعد كشفها عن صاروخ "فتّاح" الذي أكد المسؤولون في الجمهورية الاسلامية الايرانية أن دوافع تصنيعه رادعة بامتياز في ضوء التهديدات الصهيونية-الأمريكية المتواصلة لايران وشعبها.
أخبار متناقضة
في حال أردنا تفكيك لغز هذه الأحجية الغربية المفضوحة، علينا مراجعة مجريات الأسابيع الأخيرة بدقّة، حيث لم تنفك تحاول منذ بضعة أيام وسائل الإعلام الغربية تأليف رواية حول عملية المفاوضات بين إيران والغرب من خلال نشر أخبار متناقضة في بعض الأحيان. ورغم أن نشر معلومات غير صحيحة من قبل وسائل الإعلام الأجنبية للوهلة الأولى يشير إلى إحراز تقدم في المفاوضات لرفع العقوبات، فإن الاتجاه الرئيسي للأجواء المُثارة في هذا السياق الذي أوجدته هذه الوسائط هو محاولة متكررة لزعزعة إستقرار الأسواق المحلية الإيرانية. في هذا السياق؛ ومنذ حوالي أسبوع أي قبل وبعد نشر شائعات من قبل صحيفة هاآرتس الصهيونية حول المحادثات السرية بين إيران وأمريكا وأن التطورات قاب قوسين أو أدنى من التوصل الى إتفاق، وكذلك نشر أخبار غير رسمية حول تبادل سجناء إيرانيين وأمريكيين وإطلاق سراح أصول إيران المجمدة في كوريا الجنوبية والعراق و ... ، شهدت أسواق العملة والذهب إلى حد ما تقلبات هبوطية.
الاتصالات بين أمريكا وإيران
في إشارة إلى بعض التفاصيل المزعومة، كتبت صحيفة " هاآرتس " في تقريرها: إن الاتصالات بين أمريكا وإيران في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الاتفاق النووي حققت تقدما كبيرًا في الأيام القليلة الماضية، ويقول مسؤولون إسرائيليون إن المحادثات تتحرك أسرع مما كان متوقعا، وهناك احتمال أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق في غضون أسابيع قليلة. في السياق أعلن موقع ميدل ايست آي الإخباري التحليلي، الخميس المنصرم، في تقرير عن التوصل إلى اتفاق مؤقت بين إيران وأمريكا، وانعكس هذا التقرير على نطاق واسع شأنه في ذلك شأن الأخبار والتقارير الأخرى التي تدور حول موضوع الاتفاقية الإيرانية الأمريكية من قبل وسائل الإعلام الغربية والإقليمية. ولم يقتصر الأمر على نفي ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة نبأ الاتفاق المؤقت مع أمريكا، بل نفى المتحدث باسم البيت الأبيض أيضًا ما نقله "ميدل إيست آي"، وقال: "إن تقرير هذه الوسائط كاذب ومضلل".
لعبة إعلامية
ما نريد قوله هو؛ إن نشر أخبار كاذبة ومتكررة عن الاتفاقية المؤقتة بين إيران وأمريكا، والتي تجري متابعتها على شكل لعبة إعلامية من قبل الكيان الصهيوني وأمريكا، هي أشبه بالفخاخ المعتادة للغرب لزعزعة الأسواق المحلية في الأسابيع الأخيرة، وإذا كانت بالتأكيد سابقة، في الأيام المقبلة، من خلال نشر أخبار مختلفة فإنها ستحاول تعكير صفو السوق المحلية الذي بات يتكيف مع الوضع الماثل.
إنهاء التبعية الإقتصادية
منذ بداية نشاط الحكومة الثالثة عشرة، كانت سياسة إنهاء تبعية اقتصاد البلاد فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية على جدول الأعمال، بالإضافة إلى المشاركة الفعالة في مفاوضات رفع العقوبات، مع الاستفادة القصوى من القدرات الداخلية وفتح الأبواب على مصراعيها في العلاقات الخارجية، بما في ذلك اتباع استراتيجية تعزيز التعاون والتآلف مع الجيران، خطوة كبيرة لتقليل تأثير مفاوضات رفع العقوبات على اقتصاد البلاد. على الرغم من أن التنفيذ الكامل لهذه السياسة صعب للغاية ومعقد، مع التنفيذ التدريجي لسياسة التعاون مع الجيران، وخاصة سلسلة الاتفاقيات مع السعودية والعراق والإمارات في مارس من العام الماضي، إلا أن البيئة الاقتصادية للبلاد ابتعدت بشكل كبير عن المكائد النفسية والواهية التي حيكت من قبل الغرب لزعزعة استقرار البلاد.
الوكالة الدولية تساند أمريكا
في هذا السياق وبالتزامن مع الهجمة النفسية من قبل أمريكا والصهاينة، تحوّلت الوكالة الدولية الى جندي رديف لواشنطن توجهه ضد ايران متى ما شاءت، حيث نشر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً يواصل فيه اتهاماته الواهية ضد البرنامج النووي الايراني السلمي في محاولة خاوية لشيطنة ايران أمام الرأي العام العالمي، وأعلنت البعثة الدائمة للجمهورية الإسلامية الايرانية لدى مكتب الأمم المتحدة تعليقاتها بشأن تقرير المدير العام إلى مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية فيما يتعلق بإتفاقية ضمانات معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية NPT مع ايران. وأكدت أن قضايا الضمانات المتبقية الناشئة عن التزامات إيران بموجب اتفاقية الضمانات الشاملة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب حلها حتى تكون الوكالة في وضع يمكنها من ضمان أن يكون برنامج إيران النووي سلمياً بشكل حصري.
ومن الضروري ذكره، انه وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تزود إيران بوثائق موثوقة بشأن ادعائها بشأن "مواد نووية وأنشطة ذات صلة بالمجال النووي غير معلن عنها، الا ان ايران بذلت قصارى جهودها وقدمت المعلومات والتوضيحات حول المواقع المطلوبة لتمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجراء تحقيقاتها الخاصة بها في ايران. ولذلك فإن إيران تعتبر نفسها غير ملزمة بالنظر الى الوثائق غير الأصلية والملفقة كأساس لاتفاقية الضمانات الشاملة (CSA) للرد على طلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعليه اعتبرت البعثة الايرانية انه من المؤسف أن تعتبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية جميع الوثائق والمعلومات الملفقة التي قدمها الكيان الإسرائيلي صحيحة وخلصت إلى أنه "يجب حلها حتى تكون الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وضع يمكنها من ضمان أن برنامج إيران النووي سلمي حصرياً" مثل هذا البيان يقوض حياد الوكالة وهو بعيد عن النهج المهني الذي يجب أن تتبناه الوكالة.
على مايبدو يحاول الغرب بقيادة أمريكا شيطنة الجمهورية الاسلامية الايرانية أمام الرأي العام العالمي، خصوصاً بعد نجاح دبلوماسية ايران النشطة في المنطقة وفشل مشروع الإيرانوفوبيا أمام الرأي العام العالمي، وتسارع العديد من الدول في المنطقة والعالم لتعزيز العلاقات الثنائية مع ايران في كافة المجالات، وتجلّت آخر محاولات الغرب المذكورة سالفاً في الترهيب من منجزات ايران العسكرية وتقديمها للرأي العام العالمي على أنها موجهة نحو العديد من الدول، في حين أن قادة الجمهورية الاسلامية أعلنوا مراراً أن هذه الترسانة الصاروخية وكافة الأسلحة تنضوي تحت لواء استراتيجية الردع.