لماذا أثار صاروخ «فتّاح» إمتعاض الغرب؟
الوفاق/وكالات
أثار الكشف عن صاروخ "فتاح" الفرط صوتي من القوة الجوية للحرس الثوري صباح الثلاثاء المنصرم والذي جعل إيران خامس دولة بعد امريكا وروسيا والصين وكوريا الشمالية التي حققت تكنولوجيا صنع هذه الأنواع من الصواريخ، إمتعاض الغرب وذيله في المنطقة الكيان الصهيوني، حيث سارعت الدول الغربية لإنتقاد هذا المنجز الذي يلتحق بالعديد من المنجزات العسكرية الأخرى في إطار سياسة الردع الدفاعية الإيرانية أمام تهديدات أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
حيث أرّقت مواصفات الصاروخ الدول الغربية الراعية للصهاينة في المنطقة والمزعزعة للأمن في العديد من أنحاء العالم، فيما حاول وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت إعطاء جرعة زائفة من الأمل لجيش الكيان المتهالك أمام صواريخ المقاومة، حيث قلل من شأن هذا المنجز في محاولة إعلامية مخاتلة، إلاّ أن دولاً أخرى لم تخف قلقها من المنجز الايراني الجديد، حيث أدانت وزارة الخارجية البريطانية كشف ايران عن صاروخ "فتاح"، مُتذرّعة بالقوانين الدولية وهي التي تنتهك جميع القوانين الدولية بحيازتها ترسانة نووية وأسلحة محرّمة دولياً، كما هو الحال بالنسبة لأمريكا التي زعمت على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن "موقف حكومة بايدن من أنشطة طهران كان حازما وفرضت أميركا عقوبات وإجراءات جديدة لمنعها". حيث فرضت إثر ذلك وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على برنامج إيران الصاروخي الدفاعي في كافة حالاته رغم مزاعم الدول الغربية.
قلق على الصهاينة
في الواقع ان تصنيع هذا الصاروخ بمدى 1400 كم وسرعة تعادل 13 ماخاً والقدرة على استخدام جيل جديد من الوقود الصلب ورأساً حربياً مخروطياً متفجراً مع زيادة الدقة والقدرة التشغيلية العالية، مع القدرة على المراوغة والمرور عبر أنظمة الرادار والقدرة على تدمير جميع أنظمة الدرع الصاروخي اختراق هذه الأنظمة وتدميرها، يبعث رسالة واضحة للعدو الصهيوني، ويؤكد للجميع أن الصاروخ موجّه نحو العدو الصهيوني لا غير في حال تجرّأ الصهاينة وشنّوا هجوماً على ايران وشعبها، خصوصاً في ظلّ التهديدات الصهيونية المستمرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي ظلّ تكثّف التحركات الصهيونية في عدّة دول مجاورة لإيران، وهو ما يحتّم على القوات المسلحة في البلاد تطوير البرنامج الصاروخي لردع أي تحركات عدوانية ضد الشعب.
ما أسباب القلق الغربي؟
في الواقع ان القلق الغربي من الصاروخ الإيراني المتطوّر مرّده القلق على الكيان الصهيوني، ذلك أن الصاروخ مُصمّم لضرب العدو الصهيوني لردع إرهابه وتكبّره في المنطقة لاسيما ضد دول محور المقاومة.
ردّا على هذه التخرصّات الغربية، اعتبر المتحدث الرسمي بإسم الخارجية "ناصر كنعاني" أن الإنجازات الاستراتيجية للقوات المسلحة تدبير فعال في ردع التهديدات الخارجية، مؤكدا على ان الأنشطة الصاروخية للجمهورية الإسلامية الإيرانية تقليدية ودفاعية ومشروعة تماما وقائمة على القانون الدولي.
وأشار كنعاني الى انه لا يحق لهذه الدول التي لها تاريخ طويل وواضح في تقويض التزاماتها الدولية في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارب النووية ونظام عدم انتشار الصواريخ النووية والقيام بدور مدمر في القضايا الإقليمية والدولية التعليق على القدرات الدفاعية المشروعة والقانونية تماماً للجمهورية الاسلامية الإيرانية .
"تهديد حقيقي وتحدي تكنولوجي" لإسرائيل
وفي إشارة إلى الكشف عن صاروخ فتح الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، وعقب محاولات فاشلة للصهاينة للتقليل من شأن هذا المنجز العسكري وتأثير على معادلة الردع في المنطقة، قال خبير عسكري صهيوني: يجب على "إسرائيل" تحديث أنظمة دفاعها الصاروخي متعدد الطبقات للتعامل مع التهديد الجديد للصواريخ الإيرانية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وقدم تال إنبار الخبير العسكري البارز والرئيس السابق لمركز أبحاث الفضاء في معهد فيشر الصهيوني، في مقال نُشر على موقع الصناعة العسكرية الأوروبية، عن صاروخ فتح على أنه "تهديد حقيقي للغاية وتحدي تقني" لإسرائيل، وقال: إن هذا الصاروخ يمكن أن يكون له مدى أكبر في الإصدارات القادمة. ووفقًا لهذا المحلل العسكري الكبير، "يمكن لصاروخ فتح الذي تفوق سرعته سرعة الصوت أن يتحدى استراتيجيات الغرب للدفاع الصاروخي الباليستي".
رسائل مهمّة للمنطقة والعالم
كما أن الكشف عن هذا الصاروخ يحمل عدة رسائل خاصة إلى العالم: أولاً: هذا الصاروخ مثل العديد من المنتجات الدفاعية للبلاد، تم تصنيعه في ظل ظروف العقوبات والضغط الشديد من قبل امريكا وأعوانها وبالاعتماد على القوة الداخلية وقوة الشباب الإيرانية، واتباع المثال العملي للمبدأ من "الأمل والإيمان"، فقد نقلت رسالة مفادها أنه لا يوجد ضعف أو مشكلة يمكن أن تقف ضد قوة الإرادة. ثانياً: بالرغم من أن الغرب يسعى لإضعاف وتقليص القوة الدفاعية لإيران بادعاءات كاذبة ومحاولة شيطنة صاروخ "فتاح" والزعم بأنه ينتهك القوانين الدولية والقرار رقم 2231، إلا أن الكشف عن "فتاح" نقل رسالة تغص بالقوة والإرادة مفادها أنه لن يكون الشباب الايراني ابدا مقيداً وخاضعاً للقوى السلطوية، بل سينتهز فرصة العقوبات الجائرة لتطوير بلاده والنهوض بها الى مصافي البلدان المتقدمة. ثالثا: جاء هذا الكشف رداً على بعض التخرصات الأخيرة للكيان الصهيوني وراعيته أمريكا، والتي ادعت أنها مستعدة لعمل عسكري ضد إيران.
رابعاً: صاروخ "فتاح" هو بعد آخر من طمأنة إيران لأصدقائها ودول المنطقة بأنها مستعدة لتوفير الأمن القومي في المنطقة، لأن إيران لطالما اعتبرت أمن المنطقة من أمنها وشددت على الحاجة للتناغم الإقليمي لإنهاء التدخل الأجنبي. بتعبير أدقّ في المرحلة الحالية التي تتوسع فيها العلاقات السياسية والاقتصادية بين إيران ودول المنطقة، ينقل "فتاح" رسالة الوحدة والتعاطف والأمن الإقليمي دون الاعتماد على القوى الأجنبية في المنطقة.
كما أن الكشف عن هذا الصاروخ هو دليل آخر على تسارع تدهور النزعة الأحادية والتدخل الغربي في الساحة العالمية، والتي تقوم على النظام العالمي الجديد متعدد الأطراف.