وفقاً لوثيقة استخبارات أميركية سرية
ابن سلمان يهدد واشنطن بإجراءات اقتصادية مؤلمة
أفادت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير، صباح الجمعة، بأن ولي العهد السعودي هدد باستخدام سلاح العقوبات ضد المصالح الأميركية، في حال مضى الرئيس الأميركي جو بايدن بتنفيذ تهديده ضد الرياض، على خلفية خفض معدلات إنتاجها من النفط الخام.
وأضافت الصحيفة: "بعد أن هدد بايدن بأنه سيكون هناك عواقب على السعودية لخفض إنتاج النفط العام الماضي، ردّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مهدداً أيضاً، وبشكل غير معلن، بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة والانتقام منها اقتصادياً"، وفقاً لوثيقة استخبارات أميركية سرية حصلت عليها "واشنطن بوست".
في العلن، "دافعت الحكومة السعودية عن أفعالها بهدوء، معتمدة بيانات دبلوماسية. لكن في السر، هدد ولي العهد، بتغيير العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، وتكبيد واشنطن تكاليف اقتصادية كبيرة، إذا ردت على تخفيضات النفط"، بحسب الوثيقة.
توتر في جوهر العلاقة القائمة منذ فترة طويلة
وقال ابن سلمان: إنه "لن يتعامل مع الإدارة الأميركية بعد الآن"، ووعد "بعواقب اقتصادية كبيرة لواشنطن".
ثمانية أشهر مضت، ولم يفرض بايدن أي عقوبات على السعودية، واستمر ابن سلمان في التواصل مع كبار المسؤولين الأميركيين بشكل طبيعي، مثل وزير الخارجية بلينكن في مدينة جدة الساحلية السعودية هذا الأسبوع.
وبحسب الصحيفة، فإنه من غير الواضح ما إذا كان تهديد ولي العهد قد تم نقله مباشرة إلى المسؤولين الأميركيين، أو تم اعتراضه من خلال التنصت الإلكتروني.
وذكرت "واشنطن بوست": أنّ هذا التسارع الدراماتيكي في الأحداث، وهذا التهديد، يكشفان التوتر في جوهر العلاقة القائمة منذ فترة طويلة على النفط مقابل الأمن، والتي تتغير بسرعة مع اهتمام المتزايد في الشرق الأوسط.
ورداً على تسريب الوثيقة، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي علمه بالتهديد السعودي، قائلاً: "لسنا على علم بمثل هذه التهديدات من قبل السعودية".
لكن بعد اجتماعات بلينكن، بدا أن الخلافات لا تزال قائمة بخصوص طموحات السعودية لإنتاج الطاقة النووية، الأمر الذي تعتبره واشنطن وغيرها أمر خطر.
تعميق علاقات الرياض مع بكين
بدوره، أشار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى أنه "بينما ترحب الرياض بدعم الولايات المتحدة في بناء برنامجها النووي المدني، هناك آخرون يقدمون عطاءات"، وهو تذكير غير مباشر بأن المملكة يمكن أن تعمق تعاونها مع الصين بشأن الطاقة النووية.
وحذرت وثيقة استخباراتية أميركية ثانية، مسربة في كانون الثاني/ ديسمبر الفائت، من أن السعودية تخطط لتوسيع "علاقتها التجارية" مع الصين من خلال شراء طائرات بدون طيار وصواريخ باليستية وصواريخ كروز وأنظمة مراقبة جماعية من بكين، وفق الصحيفة.
مؤتمر صحفي لوزير خارجية السعودية مع نظيره الأميركي
كما أكد وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، أنّ حل الأزمة في سوريا "يتطلب الحوار مع دمشق"، وستواصل الرياض متابعة تنفيذها التزاماتها.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، أن تهديد تنظيم "داعش" الإرهابي، "لا يقتصر على دول الساحل، بل العالم كله"، مشيراً إلى أن المملكة تولي جهوداً كبيرة للتصدي لتمويله.
وبشأن الملف السوداني، أكد ابن فرحان: أنّ على المملكة مواصلة العمل "من أجل البحث في سبل رفع المعاناة عن الشعب السوداني"، مشدداً على ضرورة أن يتحمل طرفا الصراع في السودان "مسؤولياتهما، وتجنب مزيد من الدمار".
وأشار إلى أن العمل جارٍ مع أفريقيا لمواجهة التنظيمات الإرهابية، موضحاً: أن السعودية "تؤمن بمسؤولية تجاه أفريقيا كمصدر مهم للتعاون".
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي يزور السعودية حالياً، إن بلاده ملتزمة تعزيز الشراكة واستمرارها في المنطقة، معرباً عن امتنانه لمساهمات السعودية في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأضاف: أن هدف واشنطن هو "وقف إطلاق نار دائم في اليمن"، وإطلاق عملية سياسية شاملة، لافتاً إلى العمل عن كثب مع السعودية بشأن الوضع في اليمن.
أما بشأن الوضع في السودان، فقال بلينكن إن السعودية تقود حملات دبلوماسية لوقف النار في هذا البلد، وإيصال المساعدات الإنسانية.
كما أشار بلينكن إلى أن واشنطن لن تطبع علاقاتها مع دمشق حاليًّا، وهي لا تعتقد أن سورية تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية.
إلى ذلك، ادعى بن فرحان أنّ بلاده تؤمن بأن التطبيع مع الكيان الصهيوني "سيفيد الجميع، ولكن بدون سلام للفلسطينيين، فإن فوائد التطبيع ستكون محدودة".