الصين... البعد الاقتصادي المقبل من الشرق
زياد ناصرالدين
كاتب ومحلل سياسي
بات واضحاً أنّ الصين عادت بقوّة إلى صدارة المشهد العالمي، جامعة في يدها مقوّمات جغرافية واقتصادية وسياسية لطالما تميّزت بها تاريخيّاً. عملت بهدوء، حتى دخلت إلى معظم البيوت، فحاربت الفقر وأمّنت جميع احتياجات الطبقات الاجتماعية المختلفة، من الفقراء إلى الأغنياء، حتى أصبحت النموذج الاقتصادي الذي تربع على عرش القمّة. والنجاح الكبير الذي حققته الصين في فترة زمنية قصيرة، يعود الفضل فيه إلى فكرها السياسي – الاقتصادي الذي مرّ بمتغيّرات ومراحل عدّة.
أ- معادلات الفكر الصيني الاقتصادي
1- الدبلوماسية الاقتصادية.
2- معادلة رابح - رابح في الاقتصاد.
3- الأمن والهدوء في الاقتصاد، بعيداً من لغة الحرب.
4- تطوير المرافئ البحرية وسكك الحديد.
5- دور الشرق الأوسط والبحر بربط العالم والقارات الثلاث الكبرى، آسيا وأوروبا وأفريقيا.
6- تكبير اقتصاديات الدول النامية.
7- التشبيك الاقتصادي.
ب- الفكر السياسي للصين بعيون اقتصادية
- مع عودتها إلى الأمم المتحدة عام 1971، حصلت الصين على 10 أصوات مؤيدة من الشرق الأوسط، أبرزها وأوّلها لبنان، ثم كرّت السبحة لتشمل السعودية وإيران وتركيا والأردن وليبيا. لم تتدخل بكين في أي شؤون داخلية ومشكلات سياسية، وامتنعت 45 مرة عن التصويت على قرارات تتعلق بمشكلات الشرق الأوسط. عام 1978، انخرطت في الإصلاح والانفتاح، وعدّت الشرق الأوسط مفتاح العالم الاقتصادي، واعتمدت على دبلوماسية التعاطي الإيجابي بكل الملفات لتحفيز الاقتصاد وتسهيل الدخول البطيء، تمهيداً لتوسيع النشاط الاقتصادي.
ت- انطلاقة من الشرق الأوسط
التفتت الصين إلى الأطماع الكبيرة للقوى العظمى في مصادر الطاقة في الشرق الأوسط، فقررت اعتماد القواعد التالية:
1- العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الشرق الأوسط تقوم على مبادئ حاجيات السوق، ونجحت هذه الخطة في جذب القطاع الخاص بشكل كبير.
2- مرحلة الدخول إلى أوروبا وباقي دول العالم من خلال تركيز أنظمة العولمة على الأرباح الكبرى، إذ كانت أذكى من تعامل وخطط باستراتيجية العملة مع أوروبا، فحوّلت توحيد عملة القارة الأوروبية (اليورو) إلى مصلحتها باعتماد المؤسسات الصينية كمصدر أساسي للتصنيع بالمواصفات الأوروبية، لتحقق الشركات الأوروبية الأرباح وتثبت المصانع الصينية قدراتها وانتشارها الواسع.
في المحصلة الأوليّة، باتت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم عام 2023 بالأرقام، أما بالمعايير الاقتصادية فهي الأولى لأكثر من سبب، إذ إنّ ناتجها المحلي يبلغ 18 تريليون دولار ولا ديون عليها، ومعدل النمو فيها 8.1%، أمّا معيار القوّة الشرائية فوصل إلى 18.59% من الناتج المحلي، ما يعني اقتصادياً أنّ حجم الطبقة الوسطى في الصين هو الأكبر عالمياً ونسبة الفقراء هي الأدنى.
الرؤية الاقتصادية للعام 2030 تتكلّم عن اقتصاد صيني يوازي نصف إنتاج منظمة التجارة العالمية الذي يصل كل إنتاجها إلى 78 تريليون دولار، لذا وجب وصف الاقتصاد الصيني بأنّه البعد الاقتصادي المقبل من الشرق.