الاستشهادي عامر كلاكش: هوية حيرت الاحتلال 14 عاماً
"أبو زينب"، الإسم الذي رافق العملية الاستشهادية عند الحدود مع فلسطين المحتلة لـ 14 عاماً، فيما بقيت الهوية الحقيقية للمنفّذ لغزاً للمسؤولين الإسرائيليين وأجهزة الكيان المؤقت الأمنية التي لم تستطع كشف هويته قبل أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله (حفظه الله) بعد تحرير الجنوب عام 2000 أنّ "أبو زينب هو الإستشهادي عامر علي كلاكش من بلدة دبين مباشرة في خطابه من معتقل الخيام.
المولد والنشأة
وُلد الشهيد عامر كلاكش في بلدة دبّين الجنوبيّة، في السادس والعشرين من شهر آذار من العام 1966م، وترعرع وسط أسرة واعية، ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
تميّز عامر بين أشقائه الستة، بجمال الخَلق والخُلق، وقد فرضت شخصيته محبّته واحترامه على الجميع، إضافة إلى فطنته وذكائه الحاد، الذي تميّز بهما أثناء الدراسة، فهو دائماً الأول بامتياز، ومنذ صغره كان ملتزماً بالأحكام الشرعيّة، مؤمناً واعياً، وكان يتنقّل بين شقرا ودبّين، ليلتقي بالإخوة المجاهدين سرّاً، بعيداً عن أعين جيش العميل لحد. وكان إضافة لذلك يعمل في الحدادة ليتمكن من خدمة المقاومين. ولم يكتفِ بذلك بل سعى لعقد الحلقات الدينية في الحسينيات، إلى جانب تواصله المستمرّ مع الشيخ راغب حرب، ما جعله عرضة للملاحقة الدائمة، من قبل عملاء لحد.
الاتحاق بصفوف المقاومة الإسلامية
وعندما بلغ السادسة عشرة من العمر، ترك الدراسة والقرية والتحق بصفوف المقاومة الإسلامية، وانتقل إلى بيروت لتكون نقطة انطلاقته، وحتى لا يعرّض أحداً من أهله للأذى بسبب عمله الجهادي، وهكذا بدأت الرحلة الجهادية للشهيد عامر، إلى جانب إخوانه المجاهدين، للتخطيط للعمليات وتنفيذها. ففي الثامن من شهر آذار، من العام 1985م، ارتكبت إسرائيل مجزرة بشعة بحق المدنيين الآمنين، عندما فجّرت عبوتيْن من العيار الثقيل في محلّة الصنوبرة – بئر العبد، ما أدّى إلى استشهاد العشرات، أكثرهم من النساء والأطفال.
العروج الملكوتي...العملية الاستشهادية
ردّاً على الفعل الشنيع المتمثل بالمجزرة ولكسر سياسة القبضة الحديدية التي كان الصهاينة يعتمدونها، وضع الإخوة في المقاومة الإسلامية، خطة تقضي بضرب العدو الصهيوني في عمق وجوده، ففي الساعة الثانية ظهر العاشر من شهر آذار، من العام 1985م، وعلى بعد مائة متر من شمالي مستوطنة المطلّة في مكان يُطلَق عليه اسم باب التينة، وبينما كانت قافلة عسكرية مؤلفة من سبع قطع، تحمل عشرات الجنود الصهاينة، ظهرت سيارة بيك آب محمّلة بتسعمائة كيلوغرام من المتفجرات، سارت ببطء متوجّهة نحو القافلة، محدثة انفجاراً هائلاً، هزّ المنطقة بأسرها، وأُحضِرت رافعات ضخمة إلى مكان الانفجار لرفع قطع السيارات المحترقة وبقاياها.إنّه أبو زينب الغريب الذي سافر من محراب حلمه بالصلاة في مقام سيّدته زينب (ع) مسرعاً للقاء أخيها غريب كربلاء فحظيَ بما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت.