تم الحفظ في الذاكرة المؤقتة...
تأييد شعبي عربي وفلسطيني لعملية مصر الفدائية
«وحدة الساحات- مصر» اسقطت التطبيع
العملية أسقطت وهم الحدود
في التفاصيل، فقد تسلّل جندي مصري إلى داخل الأراضي الفلسطنية المحتلة، بعمق كيلو ونصف الكيلو متر، فيقتل جنديين صهيونيين (جندي ومجندة)، ثم يبقى في المكان لأربع ساعات، ينتظر وصول تعزيزات صهيونية إلى المنطقة لتفقد الجنديين بعد انقطاع الاتصال معهما، ثم يعود الجندي المصري إلى فتح النار من جديد، فيقتل جندياً صهيونيا ثالثا، ويشتبك مع قوة صهيونية قبل أن يرتقي شهيدا.
عين المؤسسة الأمنية الصهيونية على الحدود المصرية هشّة
في الكيان الصهيوني، إجماع على أن ما جرى ضربة موجعة، بغض النظر عن خلفية العملية، فعين المؤسسة الأمنية والجيش على الحدود، حيث يتحدثون عن أمنها وأمانها، لكن ما جرى يبين أنها هشة وعرضة لتسلل أي فدائي وتنفيذ عملية أخرى.
إذاً، يمكن القول بأن العملية جاءت في توقيت حرج تمر به المنطقة والعدو الصهيوني، لتزيد من عمق أزمة العدو، وقد وصفها بالخطيرة والمؤلمة، وهنا يمكن رصد مصادر الخطورة والألم، حيث تحمل العملية أبعاداً متعددة من حيث التوقيت والدلالات، فقد وقعت العملية في وقت يحاول فيه العدو ترميم الردع واستعادة ثقة الجمهور الصهيوني المهترئة بعد صواريخ المقاومة التي اجبرت مواطنيه على البقاء لأيام في الملاجئ، وبعد ارتداعه الواضح على الجبهة اللبنانية، وحرصه على عدم التصعيد معها وخرق الخطوط الحمر التي حددتها.
العدو جاهد في مشروع لفصل الساحات
من حيث الدلالات، تحمل هذه العملية دلالات عميقة تؤدي جميعها إلى نتيجة مفادها، فشل النظرية الأمنية والسياسية للعدو، أما من حيث النظرية الأمنية، فإن العدو جاهد في مشروع لفصل الساحات وخاصة دول الطوق، ليستطيع الانفراد بكل جبهة على حدة، وانفق كثيرا على مناورات ودعايات للتظاهر بالقوة وبأنه يستطيع الحرب على أكثر من جبهة، بينما كان في واقع الأمر يتلاشي الوقوع في مصيدة الحرب الداخلية مع المقاومة الفلسطينية، وفتح جبهة خارجية.
العداء المصري مع العدو الصهيوني لا يسقط بالتقادم
فوجئ العدو بأن هناك جبهة محتملة جديدة وهي الجبهة الجنوبية مع مصر، وخاصة وأن الحادث يحمل بصمات عملية وطنية لها سوابق منذ عملية الشهيد سليمان خاطر وعملية ايمن حسن، وهو ما يعني أنها عمليات تخضع لسلسلة نوعية واحدة حتى لو تباعدت الفترات بينها، وهي سلسلة الوجدان الوطني المقاوم والذي يعتبر الكيان عدوه الأول والرئيسي، وأن هذا العداء لا يسقط بالتقادم، وأن حقائق السياسة التي يتم فرضها بالقوة لن تغير حقائق التاريخ وحقائق الوجدان وبديهيات الصراع مع عدو يكاد كل بيت مصري يحتوي على شهيد سواء منه أو من أقاربه، قضوا في الحروب مع الكيان الغاصب.
التطبيع مع الكيان الصهيوني حبر على ورق
وفي الجانب السياسي، فقد سار العدو بمسار عكس اتجاه الوحدة العربية والإسلامية، وأراد أن يمحو مقوماتها ويهدم حتى شعارها الأبرز، وهو الوحدة بذهابه للمحيط للتطبيع مع المغرب، وذهابه للخليج الفارسي للتطبيع مع دوله، وهنا تسقط هذه الطموحات والأوهام الصهيونية بعد أن فوجئ بعمليات تباغته من أول قطر افتتح معه مسار التطبيع، وهو عودة لنقطة الصفر، تثبت أن تطبيعه حبرا على ورق، وأن الشعوب لا تكتفي بالرفض فقط، بل يمكنها المبادرة بالهجوم والاشتباك في أي لحظة وأنها جبهة مفتوحة محتملة ولا يعول على سقوطها.
كان العدو دقيقا عندما وصفها بأنها خطيرة لأنها على جبهة يمكنها أن تشكل أزمة ردع مضافة لها تداعيات سياسية بالداخل وكذلك عسكرية واستراتيجية، وكذلك عندما وصفها بأنها مؤلمة لأنها كشفت عواره وسهولة اختراقه وضعف واهتراء اجراءاته الأمنية وجبن جنوده وفشلهم. ربما تخضع هذه العملية لنمط العمليات الفردية كسابقاتها من العمليات ولا تؤشر بالضرورة على مرحلة جديدة عنوانها فتح جبهة مقاومة مصرية، وربما يتم احتواء تداعيات العملية من الجانبين المصري والصهيوني، ولكنها ستبقى شاهدا على عدم خلو مصر من المقاومة وأنها ستظل دوما جبهة صراع مع العدو، قد تكون كامنة ولكنها ليست ميتة أو ساقطة.
رعب في الكيان الصهيوني من عقلية المقاتل المصري
يعيش الكيان الصهيوني رعباً في الداخل المحتل من عقلية المقاتل المصري مع اجتياح سمة الارباك لدى القيادة السياسية في الوقت الذي قام فيه الاعلام الصهيوني باستعادة جملة مفتاحية للحاخام جيرشون إدلشتاين قبل أقل من شهر من وفاته في سياق توصيف التحديات التي تهدد استمرار وجود "إسرائيل" وهي: "نحن محاطون بالأعداء من كل الجهات، ومصر من بين الأمم التي تكرهنا، نحن نحتاج لمعجزة إلهية للخلاص من أعدائنا"، مع أنه كان يدرك أن زمن المعجزات قد ولى.
العملية المصرية استجابة لمعركة "وحدة الساحات"
لقد ذهبت التحليلات، ولا سيما من المتخصصين الصهاينة إلى اعتبار العملية وكأنها احدى الاستجابات لمعركة "وحدة الساحات" التي كانت نتاج محور المقاومة. وهنا استعاد المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع حادثة مجيدو، وقال: "إن هذا ثاني اختراق للحدود في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تمكن شخص عبر من لبنان لمسافة 70 كيلومترًا تقريبًا في آذار من الوصول إلى مفترق مجيدو، ووضع عبوة ناسفة، تسبب انفجارها بإصابة خطيرة لمواطن. وقتل جنود صهاينة المتسلل عند الحدود مع لبنان لدى عودته إليها"، حسب تعبيره.
طبعا انتشرت روايات وتحليلات متناقضة حول سير العملية المقدامة للشجاع المصري. وكذلك، وجّهت اتهامات بالتقصير سيّما الى سلاح الجو الذي دافع عن أدائه بالقول إن من كانوا على الأرض لم يدركوا ما جرى إلا بعد ساعات.ويبقى الأرجح ما كشفه قائد لواء الجنوب في جيش العدو اللواء اليعازر توليدانو من أن الجندي المصري اخترق الأراضي المحتلة واشتبك 3 مرات مع الجنود.
إعلام العدو: الشرطي المصري نفّذ العملية حسب خطة مدروسة جيدًا
وبحسب إعلام العدو، فإن التحقيق أظهر أن "الشرطي المصري قام بما قام به حسب خطة مدروسة جيدًا، إذ إنه يعرف المنطقة جيدًا بحكم عمله، وحمل سكينين استخدم إحداها لقطع الأصفاد الموضوعة على بوابة معبر الطوارئ المخصص لمرور القوات الصهيونية عند الحاجة إلى الجانب المصري، وعبر منه". وقالت صحيفة "هآرتس" : إن التحقيق الأولي كشف أن الجندي المصري دخل عبر معبر مغلق بالأصفاد من الصعب اختراقه بسهولة، وكان على بعد مئات الأمتار من نقطة الحراسة الصهيونية ، مشيرة إلى أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجنود الصهاينة الذين كانوا يحرسون الموقع وقتلوا، على علم بالفتحة أم لا. وهذا بالتأكيد قبل الاشتباك الذي قتل فيه الجندي الثالث واصابة ضابط صهيوني.
طائرة مسيّرة رصدت مطلق النار على عمق 1.5 كيلومتر من الحدود الفاصلة
كما أوردت صحيفة "معاريف" نتائج التحقيق الأولي للجيش الصهيوني المتعلق بمقتل الجنود الصهاينة. وقالت : إن الشرطي المصري خطط للهجوم بدقة، وربما تلقى مساعدة على مستوى التخطيط، وقد توغل مسافة 5 كيلومترات من موقعه في الأراضي المصرية، وسط تضاريس صعبة للغاية، أنه خطط لمسار التسلل، وعرف موقع الجنود الذي يبعد نحو 150 مترا عن ممر الطوارئ في السياج الحدودي. وقالت إذاعة جيش العدو: إن الجنديين اللذين قتلا أولًا قرب الحدود لم يطلقا النار من أسلحتهما، ويبدو أن منفذ العملية فاجأهما، مشيرة إلى أن طائرة مسيّرة رصدت مطلق النار على عمق 1.5 كيلومتر من الحدود الفاصلة.
اتضح من التحقيق وفقًا للاعلام الصهيوني : أن الشهيد المصري الذي عبر من "العوجة" عرف المنطقة جيدًا، وذلك بحكم عمله كحارس حدود دائم، وعرف بالضبط مكان تواجد الجنديين اللذين أطلق عليهما الرصاص في البداية. وقد أعد مخبأ لنفسه للتخفي داخل الأراضي المحتلة والبقاء فيه مدة طويلة، حيث استقر داخل عمق كيلومتر ونصف شرق السياج، ووضع علامة على كومة من الصخور مستعينًا بالتضاريس الجبلية للمنطقة الحدودية التي تضم العديد من المنحنيات والمرتفعات الصخرية.
هل تصرّف الجندي المصري من تلقاء نفسه ؟
بغض النظر عن التحقيق المشترك في ضوء الروايتين الأمنيتين المتناقضتين بين القاهرة و"تل ابيب" وما سيرسو عليه الاستنتاج والتداعيات المحتملة، سيبقى السؤال الرئيسي المطروح الآن والأصعب في الدوائر الأمنية الصهيونية التي ستعجز حتمًا في ايجاد الاجابة الشافية له هو ما إذا كان الجندي المصري تصرف من تلقاء نفسه، أم أنه جزء من تنظيم مسلح؟ وهو ما قد يثير المخاوف من تكرار مثل هذه "الحوادث غير المحسوبة والمفاجئة" بالنسبة للعدو. وعلّق مسؤولون صهاينة : "هذا السؤال مهم للغاية".
فكيف اذا عبرت "قوات الرضوان"؟؟
الخسائر الفورية التي دفعها الكيان على المستوى العسكري والأمني ستلقي بظلالها على كل الكيان، وهو ما ألمح إليه خبراء عسكريون صهاينة من خلال طرح عميق في ضوء مناورة "كسارة العروش" بأن ما حدث على الجبهة المصرية خطير جدًا، فكيف اذا عبرت "قوات الرضوان"؟
وحول العملية، مهما حاول الصهاينة أو حتى المصريون صياغة رواية ما جرى، أو الإخراج الذي يناسب الجانبيين، إلا أننا في الواقع نحن أمام عملية فدائية واضحة، نفذها فدائي مصري، ضرب بدوره في "الأمن الإسرائيلي" بشكل موجع.