الملصق ودوره في المقاومة الإسلامية
ثمّة ملصقات كُرِّسَت للتعبير عن الثورة والبطولات الّتي صنعها المقاتلون والتضحيات الّتي قدّموها، مروراً بالشهداء الأبرار الّذين جسّدوا أروع ملاحم البذل والعطاء والفداء، وقد اسْتُخْدِمَت في هذه الملصقات مختلف الرموز الفلسطينيّة القديمة، وبرزت بشكل خاصّ "الكوفيّة الفلسطينيّة" للدلالة ليس على هويّة المقاتل، فالثورة ضمّت في صفوفها مقاتلين عرباً وأجانب، بل على أصالة الثورة. في ما كشفت ملصقات أخرى عن المجازر الّتي ارتكبها الكيان الإسرائيليّ النازيّ ومنها مجزرة كفر قاسم، وملصق دير ياسين، وملصق خان يونس، وغيرها من الملصقات الّتي تكشف للناس المذابح الجماعيّة الّتي ارتكبها الصهاينة بحقّ الشعب الفلسطينيّ. وثمّة ملصقات جسّدت البطولات الّتي قامت بها المجموعات المقاتلة، ومع تنامي ثورة الفلسطينيّين في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، ظهرت عشرات الملصقات عن يوم الأرض والانتفاضة الشعبيّة وعن المعتقلين في سجون العدوّ.
الملصق بوصفه أداة تثقيفيّة
جُمِعَتْ هذه الملصقات الّتي تشكّل في محتواها تاريخاً للقضيّة الفلسطينيّة في معرض كبير أُقيمَ في عدّة عواصم عربيّة، بمشاركة فنّانين عرب وبتنظيم من قسم الفنون التشكيليّة في "منظمة التحرير الفلسطينيّة". اعْتُبِرَ هذا المعرض من أهمّ المعارض الّتي أحاطت بالقضيّة الفلسطينيّة في كلّ مراحلها، وكل ما مرّ على هذه القضيّة منذ البداية حتّى اليوم، كأنّه يستعرضها ويؤرّخ لأحداثها عبر لغة الملصق الجداريّ، فلا تغيب عن المشاهد حادثة، ولا يفوته مأزقا أو انتصارا. وإذا استطاع معرض أن يؤرّخ لنا هذه الأحداث، وهذه التواريخ المتسلسلة، ويقدّمها لنا، فذلك يعني أنّه قام بالمهمّة الّتي أُلْقِيَت عليه، وأدّى الدور الّذي أُنيط به، وهكذا نكتشف بوضوح كامل، وكافٍ، مدى تفاعل الملصق مع القضيّة، ومدى تلازم التعبير عنها عن طريقه والأدوار المختلفة الّتي يلعبها في التوجيه والتحريض، والمساهمة في تثقيف المواطن حين يقدّم له الثقافة الضروريّة، لأنّه لا ينقل – الفنّ والتوجيه – وحدهما، بل ينقل المعلومات الثقافيّة والفكريّة ويذكّر بها، ويرسّخها ويدعم المعرفة الأساسيّة عند المواطن بالقضيّة وبالأحداث، وهكذا يدعم الملصق التوجيه بالتثقيف السياسي
والفكريّ والفنّيّ.