قناة أهواز الفضائیة والرسالة الإعلامية
لم تعد المادة الاعلامية في عصرنا الحاضر والمليء بالتجاذبات السياسية مادة ترفيهية فحسب، بل أصبحت أداة أمنية وسياسية في خدمة القوى الاستكبارية التي تستخدم الإعلام لتمرير أجندتها الشريرة .وبعد ظهور الفضاء الافتراضي واستخدام الهواتف الخلوية للتواصل الاجتماعي،أصبح للاعلام أهمية بالغة لأنه بات يلعب دورا هاما في حياة الناس بكل أرجاء العالم .وما حدث في العقدين الماضيين من متغيرات دراماتيكية في العالم العربي كان نتاج هذه الظاهرة، أي الفضاة الافتراضي على الساحة العالمية.
الاعلام ينقسم الى أقسام مختلفة منها المرئي والمسموع والمكتوب، والفضاء الافتراضي حيث لكل من هذه الأقسام تأثيره الخاص على الرأي العام، بل ويترك أثرا أكبر على عقول الشباب .فالاعلام التقليدي اي المرئي والمسموع و المكتوب منذ الحرب العالمية الثانية كان بمثابة أداة عسكرية وأمنية للتأثير على الطرف الآخر وإضعاف معنويات العدو.
إن وجود 5 آلاف جهاز اعلامي مرئي ومسموع ومكتوب لدى اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وحدها يدل على مدى أهمية الإعلام في التأثير عى مجريات الأمور لأن الصهاينة قبل اكثر من 7 عقود أدركوا مدى اهمية الاعلام للوصول الى اهدافهم الشريرة. بالمقابل، كانت الدول الاسلامية والعربية متخلفة جدا في استخدام الاعلام لصد الغزو الثقافي الغربي والصهيوني، ومن هذا المنطلق اصبحت منطقة الشرق الاوسط ساحة مفتوحة للصراعات الداخلية والإقليمية والدولية.
هذه الصراعات قضت على الموارد البشرية والطبيعية وبددت الطاقات الموجودة في العالمين الاسلامي والعربي. وبسبب الحروب الطاحنة الداخلية اضطرت الطاقات المثقفة للهجرة الى الغرب. وهذا هو مربط الفرس، لان الدول الغربية عادة ما تقوم بإثارة النعرات الطائفية والعرقية في الشرق الاوسط وافريقيا لإرغام الادمغة والطاقات المثقفة على ترك بلادها واللجوء الى دول الغرب لاستغلالها والاستفادة من خبراتها ومؤهلاتها بشكل قهري. خلال العقدين الماضيين تمكنت الدول الاسلامية والعربية من استخدام الاعلام خاصة الفضاء الافتراضي لصد الغزو الثقافي الغربي ولكن دون وجود استراتيجية ممنهجة، وهذا يشكل خطرا آخر على المجتمعات العربية والاسلامية.
وما يخص ايران التي عانت من غزو ثقافي موجه، كان القصد منه اثارة الفتن وإيجاد فجوة بين شرائح المجتمع الايراني بغية إنهاك ايران من الداخل على غرار ما حدث في سوريا وليبيا منذ عام 2011 للميلاد. ولكن ثمة بادرة مميزة أخذت منحى غير معتاد، ألا وهو تأسيس قناة أهواز الفضائية بمبادرة من سماحة اية الله السيد الموسوي الجزائري ممثل الولي الفقية سابقا في محافظة خوزستان وزعيم الحوزات العلمية في خوزستان حاليا.
فكان تأسيس قناة أهواز الفضائية بمثابة حدث ثقافي وإعلامي في آن واحد، لأن المحافظة كانت بحاجة الى متنفس جديد تمكن أهالي محافظة خوزستان خلاله من متابعة الأحداث العالمية وعبر هذه الشاشة الجديدة التي سميت باسم مركز محافظة خوزستان - أهواز. وكان من الصعب تأسيس قناة عالمية غير حكومية في محافظة خوزستان ذات طابع ديموغرافي خاص ومليء بالتجاذبات القبلية ولكن سماحة السيد الموسوي الجزائري كرس كل جهوده الخيرة والانسانية للوصول الى هذا الهدف السامي .وبما أن محافظة خوزستان كانت وما زالت معرضة الى غزو ثقافي غربي فلابد ان تكون هنالك استراتيجية اعلامية وثقافية لصد الهجمات الاعلامية وتوعية الشباب خاصة العشائر العربية.
وبطبيعة الحال، فأن تأسيس قناة إعلامية دائما ما يكون بحاجة الى دعم مالي ولوجستي كبيرين ولكن زعيم الحوزات العلمية بنفوذه وبقدرته وبحنكته ودأبه العظيم حطم كل العقبات التي كادت تحول دون تأسيس قناة إعلامية خاصة بالمحافظة. فجاء تأسيس قناة أهواز الفضائية كاستراتيجية هامة استطاعت من خلالها أن توحد الصفوف بين أبناء العشائر والطوائف الموجودة، لا بل تصبح منبرا لمحور المقاومة ولكل العرب في العالم. هذه القناة استطاعت بسرعة هائلة أن تدخل عقول ووجدان أهالي المحافظة شيبا وشبابا لأن اللغة الخطابية التي استخدمت في القناة كانت مزيجا بين اللهجة المحلية والفصحى، لذلك تقبلها الاهالي بكل سعة صدر وترحاب.
التركيز على الطابع الثقافي والابتعاد عن العصبية القبلية وترسيخ ثقافة أهل البيت عليهم السلام وتبيان الحقائق الموجودة ومواجهة الافكار المتطرفة والدفاع عن قضايا الامتين الاسلامية والعربية، خاصة القضية الفلسطينية وإفساح المجال امام الطاقات الشبابية لاظهار مواهبهم عبر القناة ومواكبة الاحداث والمستجدات الاقليمية والعالمية، كلها جاءت ضمن استراتيجية قناة أهواز الفضائية. أيضاً ومن ميزات هذه القناة ان كل العاملين والكوادر الموجودة في القناة هم من أبناء وبنات المحافظة، وهذا خير دليل على وجود طاقات شبابية مؤهلة لأن تعمل لديمومية وبقاء القناة كمنبر فاعل لاهالي المحافظة. ومن الميزات الأخرى هي انتخاب حجة الاسلام الشيخ بيمان علي نجاد الذي هو موضع ثقة للفقيه المجاهد اية الله السيد الموسوي الجزائري حيث كان الرجل المناسب
في المكان المناسب.
والشيخ بيمان علي نجاد قام بكل ما في وسعه لأجل أن تكون القناة مفتوحة امام الجميع دون اي تمييز، وهذا بالفعل ما حدث خلال السنوات العشر الماضية خاصة وان العشائر العربية اعتمدت القناة كملجأ لإيصال صوتها الى المسؤولين في البلاد. واليوم حينما نحتفل بالذكرى العاشرة لتأسيس هذه القناة نرى أن هذا المنبر الاعلامي قد دخل قلوب الملايين في ارجاء العالم الاسلامي والعربي واصبحت قناة أهواز تنافس اكبر القنوات الاعلامية في العالم. إن وجود برامج متنوعة شعبية و رسمية و ترفيهية وثقافية وسياسية ورياضية وتاريخية و وثائقية، جعل القناة في عداد أهم القنوات التي تجذب شرائح المجتمعات في الداخل والخارج.