الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • خوزستان
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وأربعون - ٢٩ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة وأربعون - ٢٩ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

الشاعر الذي وقف بشجاعة لا مثيل لها ضد الظالمين

دعبل الخزاعي.. شاعر عبقري ورمز شعراء الشيعة في الإلتزام

الشعر والأدب بشكل عام هو نتيجة أفكار الإنسان ویُعد رکناً من ثقافة المجتمعات البشرية. الشعراء أحياناً یتخذون طريق الذل وبأناشیدهم وثنائهم للملوك والظالمین، یشترون غضب الله وعباده لينالوا أجراً ومکاناً حتی یقضون حياتهم المخزية. وأحياناً يصرخون كالأسد الغضبان على أعداء الله والإنسانية لكي یسمع الجمیع أصوات المظلومين والمحرومين. الشاعر الملتزم هو الذي يدافع عن رأي أخلاقي أو سياسي أو اجتماعي أو ديني، فتارة یتحمل السجون والتعذيب في هذه الطريقة، وتارة يضحي بحياته. من جانب آخر، الإلتزام یرجع إلی معتقدات الأفراد ومن المستحيل أن يؤمن الإنسان بشيء ولا يلزم نفسه بالدفاع عنه. دعبل بن علي الخُزاعي یمثّل ذاتیة الشاعر الملتزم؛ الذي وقف بشجاعة لا مثيل لها ضد الظالمين وطغاة عصره، ومن جانب آخر قام بالدفاع عن آل بيت الرسول (ص) وخاطر بکل شيء من أجلهم.

الوفاق/ خاص

عبدالکاظم علي نجاد
أبوعلي (أبوجعفر) دعبل بن علي بن رزین الخزاعي الکوفي (148- 245 هـ 765 / 859 م)، هو من أشهر شعراء الشيعة الذي اشتهرت قصيدته التائية في عصرها.
لقبه دعبل وقیل إسمه حسن وعبدالرحمن ومحمد. لکن لا یعرف بهذه الأسماء. کان له ثلاثة أبناء: عبدالله وعلي وحسين، ورث علي وحسين قریحة الشعر من أبيهم وكان كلاهما من الشعراء. كما كان لحسين ديوان من الشعر وأدرجت بعض أشعاره في كتب التاريخ ونقلت في التذكرات.
أصله من أهل الكوفة أو علی قول من قرقيزيا، وهي کانت من بلاد الشام، ولم يسكن في مكان واحد، كانت حياته مليئة بالتنقل في البلاد من مدینة إلی مدینة وإن كان أكثر مقامه في بغداد.
لقائه بأهل البیت علیهم السلام
أدرك دعبل الخزاعي الإمام موسى بن جعفر عليه السلام وقد کان یروي عن الإمام الرضا علیه السلام وکذلک حدث عن مالک بن أنس والواقدي وشعبة وسفيان الثوري والخلیفة المأمون العباسي (الخلافة 198-218 هـ) وروى عنه (دعبل) ابنُ ابي داود قاضي القضاة، ومحمد بن موسى وأخویه علي واسماعیل.
فترة الحکم
ولي دعبل سمنجان لمدة وهي بليدة من طخارستان (افغانستان) ولفترة کان والیاً علی أسوان من بلاد مصر.
وصفوه بأنه شاعر متقدَّم، مطبوع، کثیر الهجاء، شدید اللسان، لم يسلم عليه أحد من الخلفاء ولا من وزرائهم ولا أولادهم.
ويكفي في مظهر شجاعته أنه قالها بنفسه: لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي، أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك.
انه هجا المأمون (الخلافة 198-218هـ) والمعتصم (الخلافة 218-227هـ) والواثق (الخلافة 227-232 هـ) والمتوکل (الخلافة 232-247 هـ) فلما أراد المعتصم قتله هرب إلی ایران.
أشهر أشعاره
کان دعبل من المشهورین عند الشیعة بالمیل إلی الإمام علي علیه السلام، وقد نظّم قصیدة مشهورة في مدح آل البیت علیهم السلام والتي عُرفت بالقصیدة التائیة وتعتبر من أحسن الشعر وأسنی المدائح، قصد بها الإمام علي بن موسی الرضا (ع) وقرأها عنده وذکر في أبیاتها مراثي اهل البيت علیهم السلام ومدحهم. البيتان المشهوران من تلك القصيدة هي هكذا:
مدارس آیات خلت من تلاوة
ومنزل وحي مقفر العرصات
خروج امام لا محالة خارج
یقوم علی اسم اللّه والبرکات
فلما وصل دعبل في قصیدته إلى قبر الامام الکاظم علیه السلام، ألحق الإمام الرضا علیه السلام بيتین بقصیدته وصدر البیت هکذا:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
ألحّت على الأحشاء بالزفرات
فأعطاه الإمام خاتماً من عقيق ودراهم مما ضرب باسمه وقال: فإنك حینما تصل الی قم ستحتاج إليها وکان مما أعطاه أیضا قمیص خز وقال: إحتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ركعة وختمت فيه القرآن ألف ختمة.
کیفية شهادته
کتبوا حول إستشهاد هذا الشاعر الملتهب قلبه علی اهل البیت علیهم السلام بأن حینما هجا دعبل حاکم دمشق مالك بن طوق، أرسل إلیه؛ فهرب دعبل الی البصرة، فأغرى حاكم دمشق رجلاً وأمره أن يقتل دعبل كيف شاء.
فلم يزل الرجل يطلبه حتى وجده في قرية من نواحي السوس، فاغتاله ليلاً إذ ضربه بعكاز مسموم فمات، ودفن في نواحي السوس، وأیضاً هناك أقوال أخرى حول وفاته ومدفنه. وورد إنه توفي عام 245 هـ أو بسنة قبله أو بعده.
آثاره ومؤلفاته
الكاتب الشهير أبوبكر محمد بن يحيى الصولي المتوفى سنة 335 هـ جمع أشعار دعبل في ثلاثمائة صفحة ولكن لم یصل إلینا هذا الدیوان.
لقد بُذلت جهود لتجمیع قصائد دعبل في عصرنا هذا، ومنها ديوان دعبل - تحقیق عبدالصاحب الدجيلي الذي تم نشره عام ۱۹۶۲م (۱۳۴۱ش) في النجف الأشرف، ونقله حيدر سهرابي إلى الفارسية ونُشر في طهران عام 1391ش.
ومما قام بتأليفه دعبل الخزاعي، كتاباً حول فضائل ورذائل العرب عنوانه: "الواحدة في مناقب العرب ومثالبها" وأیضاً صنف كتابا عنوانه "طبقات الشعراء".
لباب العالم الشیعي
دعبل بن علي الخزاعي هو من أبرز الشخصيات الثقافية في العالم الشيعي، وقال عنه محمد علي المدرس التبريزي في ريحانة الأدب أنه لُقِّب بدعبل وکني بأبي علي وأبي جعفر.
ولد دعبل في الكوفة سنة 148هـ. ق، وکتب بعض المؤرخين أنه ولد في مدينة طيب (وهي حالیاً من المناطق الحدودية في العراق)، وکانت في ذلك الوقت من نواحي السوس في خوزستان. وقد تنقل کثیراً طیلة حیاته بين مدن خوزستان، وعند وفاة المعتصم عام 227 هـ. کان یسکن مدینة صیمرة بالقرب من «مهرجان قذق» في شمال خوزستان، وحینما تلقی نبأ موت المعتصم، في الحال هجا الخليفة المیت والحي بأبیات:
الحَمدُ لِلَّهِ لا صَبرٌ وَلا جَلَدُ
وَلا عَزاءٌ إِذا أَهلُ البَلا رَقَدوا
خَليفَةٌ ماتَ لَم يَحزَن لَهُ أَحَدٌ
وَآخَرٌ قامَ لَم يَفرَح بِهِ أَحَدُ
یعود الی قبیلة خزاعة من بطون قبیلة أزد وهي المعروفة بالولاء لآل محمد صلوات الله علیهم اجمعین، وهذه القبیلة العربیة ترجع إلی قحطان.
عرفوا آل رزين بن سليمان (جد دعبل) بالعلم والأدب، وعلی حسب ما نقله صاحب معجم الشعراء کان "علي بن رزين" (أبو دعبل) من قادة الشعر في عصره.
وبناء علی قول ابن قتيبة في "الشعر و الشعراء"، كان جد دعبل متذوقاً للشعر، وعمه عبد الله بن رزين وابن عمه "أبو جعفر محمد" وأخویه "أبوالحسن علي ورزين" كانوا من الشعراء والخطباء.
والمهارة في الشعر والأدب لیست هي المیزة الوحيدة لهذا البیت، بل الغالب کانت شرافتهم مخبوءة بجهودهم في إعلاء كلمة الإسلام، وأساًساً هذا البیت كان مؤمناً راسخاً منذ الوقت الذي حظي جدهم الأعلی بعنایة الرسول (ص)، وإنهم أثبتوا بتضحياتهم العدیدة في معارک صدر الإسلام إستقامتهم وسلامة ايمانهم، وأيضاً حاموا عن الإمام علي (ع) في واقعة صفين.
اتصل دعبل منذ شبابه بهارون الرشيد وحظي عنده، وفي عام (174 هـ. ق)، ولّاه هارون مدينة سمنجان، وهي أول مکان الذي حکم فيه دعبل.
وعلی أساس بعض الأقوال نصب "عباس بن جعفر" دعبلاً  لهذه المهمة وطبقاً لبعض الأقوال الأخری، عیّنه نجله "فضل بن العباس".
بعد ذلك ذهب دعبل إلى بغداد ثم ذهب للحج وبعد تشرفه لبيت الله هرب إلى مصر والتجأ بـ "مطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي" أمير تلك المنطقة، ثم ولاه مطلب علی أرض أسوان، ولكن فيما بعد قطع العدو بمحاولته العلاقة بینهما، فاضطر دعبل لمغادرة مصر.
وفي خطواته التالیة من حياته الإجتماعية، فإنه لم یکتف بترك الخلفاء فقط، بل قام بالمعارضة ضدهم أیضاً وهجا هارون الرشيد والمأمون والمعتصم وإبراهيم بن المهدي والواثق وکثیراً من الخلفاء، وهناك بعض الأبیات التي هجا بها المعتصم وهي فيما یلي:
مُلوكُ بَني العَبّاسِ في الكُتبِ سَبعَةٌ
وَلَم تَأتِنا عَن ثامِنٍ لَهُمُ كُتبُ
كَذَلِك أَهلُ الكَهفِ في الكتب سَبعَةٌ
كرام إِذا عُدّوا وَثامِنُهُم كَلبُ
وَإِنّي لَأُعلي كَلبَهُم عَنكَ رِفَعَةً
لِأَنَّكَ ذو ذَنبٍ وَلَيسَ لَهُ ذَنبُ
عاش دعبل بفترات قوة وفترات ضعف وحياته الطويلة عاصرت تسعة من خلفاء العباسيين الظالمين (منصور، مهدي، هادي، هارون، أمين، مأمون، معتصم، واثق ومتوكل).
وفي هذه الفترة التي حلّت بالقرن أدرک أربعة من الأئمة المعصومين عند الشيعة وهم الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد علیهم السلام الذين استشهدوا بعد الأذی والتعذیب والطرد والسجن مدة طويلة.
هکذا إقترف الخلفاء العباسيون الظالمون في هذه الآونة من التاريخ الإسلامي جرائم بالإضافة إلى قتل الأئمة المعصومین علیهم السلام یقصدون بها إفناء التراث الإسلامي والمدرسة الشيعية، وقمعوا الإنتفاضات الشيعیة ضدهم وأزاحوا قادتها.
كان دعبل بمثابة الشاعر الملتزم بأهل البيت علیهم السلام یواصل ائمة عصره الأطهار كقادة إلهيين وحقيقيين للأمم، وكان ینتفع من كلامهم وسلوكهم ومواقفهم السياسية والاجتماعية، وإن اشعاره وسیرته تؤكد ذلك.
لم يكن دعبل شاعرا لآل البیت علیهم السلام فقط، وإنما کان أيضاً راوياً لأحاديثهم، ويعتبر من طبقة الشعراء المحدثين، فإن حب الشاعر وبغضه يثري شعره ويعطيه تأثيراً وثمناً مضاعفاً وفي العاطفية يجعله أقرب إلى الكمال.
الحب والبغض والکَرَه والغرام والغضب من الخصائص البارزة في قصائد الشعراء الملتزمين. دعبل هو رمز شعراء الشيعة في الإلتزام وهذه الحقيقة لها مظهر لامع في أشعاره وأنّ حياته وقصائده تعبر عن التولي والتبري، ويُعرف بين شعراء العرب بـ "التشيع و هجاء الخلفاء".
مکانته العلمية
لا شك أن دعبل لا یعد شاعراً جلیلاً وذا أسلوب فقط، بل کان بالإضافة إلى عبقريته الشعرية من کبار علماء الشیعة في علم الکلام والحديث والقرآن والتأريخ والمعاجم. یقول العلامة الحلي: ابن علي الخزاعي الشاعر، مشهور في أصحابنا في الإيمان وعلو المنزلة،
وعظم الشأن.
هکذا هو من أعظم شعراء تاريخ الأدب في الشعر السیاسي، وکان من خلال أشعاره ینشر الخلافة الإلهیة الحقة للإمام علي (ع) وأبنائه المعصومین علیهم السلام وینکر بها الخلافة المخزیة للأمويين والعباسيين. كتب محمد جواد مغنية: "أجرأ شاعر عرفه التاريخ في قول الحق، ومجابهة المبطلين هو دعبل الخزاعي".
أنشد دعبل قصيدة في رثاء أهل بيت العصمة علیهم السلام وأقسم علی نفسه أن لا یقرأها لأحد قبل الإمام الرضا علیه السلام. تُعرف هذه القصيدة بـ "مدارس آيات".
صدّقت العامة والخاصة فصاحة أشعار دعبل وطلاقتها ويعتقد حنا الفاخوري في تاريخ الأدب العربي أن شعر دعبل نابض بالحیاة لأن روح قائله الثائرة المتمردة تخفق فيه؛ وهو علی الإجمال سهل الألفاظ، واضح المعاني، حسن الإنسجام، تتردد فيه أنغام موسیقیة عذبة.
معظم اشعاره في مدح آل البیت علیهم السلام من الشیعة وفي هجاء الخلفاء خاصة، ولکن قصائده بسبب الإختناق الحاكم هجرت ونسیت شيئاً فشيئاً.
روی الشيخ الصدوق رحمه الله في كتابه "عيون أخبار الرضا (ع)" عن عبد السلام الهروي یقول: دخل دعبل بن علي الخزاعي علی الرضا (ع) بمرو فقال له: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال الرضا علیه السلام هاتها فأنشد.
وفيما یلي نقدّم للقراء الکرام بعض أبیات من قصيدة "مدراس آيات" التي أنشدها دعبل عند الإمام الرضا علیه السلام:
بَكَيتُ لِرَسمِ الدارِ مِن عَرَفاتِ
وَأَذرَيتُ دَمَعَ العَينِ بالعبرات
***
مَدَارسُ آيَاتٍ  خَلَتْ مِن تلاوةٍ
ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصاتِ
لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ  مِن مِنىً
وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ
***
دِيارُ عليِّ والحُسَيْنِ وجَعفَرٍ
وحَمزةِ والسجَّادِ ذِي الثَّفِناتِ
مَنازِلُ كانَتْ للصَّلاَة ِ وَلِلتُّقَى
وللصَّومِ والتطهيرِ والحسناتِ
ديارٌ عَفاها جَورُ كلِّ مُنابِذٍ
ولمْ تعفُ للأيامِ والسنواتِ
قفا نسألِ الدارَ التي خفَّ أهلها
متى عهدها بالصومِ والصلواتِ؟
***
هُمُ أَهْلُ مِيرَاثِ النبيِّ إذا اعَتزُّوا
وهم خيرُ سادات وخيرُ حماتِ
اذا لم نناج الله في صلواتنا
بأسمائهم لم يقبل الصلوات

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي