الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وستة وأربعون - ٢٨ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وستة وأربعون - ٢٨ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

قراءة في رسوم أطفال الحجارة (3)

ليل المخيّمات الطويل
حينما يُخْرَقُ الخطّ الفاصل بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين، يتجلّى عالم مظلم. بدأب، يرسم الطفل الذي لا يفوته شيء التضحيات المروّعة التي يتكبّدها الفلسطينيّون. بالتفصيل نشاهد ما قد شاهده الأطفال أنفسهم: نسف البيوت، ضرب الجنود لرجل بالغ، جرح صبيّ، اعتقال جماعي لتلامذة المدارس، امرأتان قيد التحقيق، اعتقال مراهقين، عصب أعين فتيان وتقييدهم بالسلاسل، امرأة في السجن، جنود يُبْعِدُون مناضلاً عبر الحدود، رمي أربعة من الفلسطينيّين من طائرة حوّامة، شابّ يُدْفَنُ حيّاً.
شاهد الآخرون نتفاً من تلك الأحداث، من على مسافة مريحة، مبتسرة عمداً في برقيّات وكالات الأنباء. أمّا الأطفال الذين أنتجوا تلك الأعمال الفنّيّة، فإنّهم يعرضون علينا كيف عاشوا أهوالها وكيف خرجوا من الظلمات. لذا، لا يفاجئنا أن تكون المناظر الليليّة تراود عالم هؤلاء الأطفال. على أنّ الأداء الغنائيّ لا ينمّ عن أيّ خوف من العتمة، بل على العكس من ذلك، فالأصحّ أنّ الأطفال يصوّرون الليل لإبراز قيمة لون فاقع، أو وميض نجمة بعيدة. توفّر هذه المناظر الليليّة مؤشّراً ملموساً للجواب على الذين يتساءلون من أين يأتي هؤلاء الأطفال بالإيمان والجسارة في مواجهتهم الجنود المدجّجين بالسلاح، وليس في حوزتهم غير الحجارة.
المذهل في هذه المجموعة من الصور الزيتيّة هو فانتازيا رقيقة بعنوان: "العودة إلى مخيّم عماري في ليلة منجّمة" هو طفل تشرّب تقاليد الحنين لـ "العودة" على يد كهول المخيّم الذين تشرّدوا من بيوتهم عام 1948، يحاول تفسير الحلم الوطنيّ عن "العودة". على أنّ الولد ابن الثلاثة عشر ربيعاً لم يعرف في حياته من "بيت" غير المخيّم. لذا تجده يلجأ إلى سحر  الليل لإخفاء معالم البؤس المزرية في "بيته"، وأيضاً - والأهمّ - ليستظهر النور الشحيح المتسلل من عالم المحرومين القاتم. وهكذا، فالأنوار الذهبيّة في اللوحة لا تنبعث من الأفق البعيد، ولا من النجوم العديدة التي تملأ السماء فوقنا، إنّما تصدر من داخل مساكن مخيّم اللاجئين ذاتها، وكلّ شعاع نور تبثّه نافذة بيت لا يلبث أن ينعكس كتلة نور تتدحرج على تلال الوطن الحبيبة. أمّا الطفل، فإنّه يحمل فانوس الأسطورة في يد، ويسوق باليد الأخرى بقرة - أثمن رفيق للفلّاح، مقتفياً آثار أقدامه في العتمة نحو ذلك الضوء.

 

البحث
الأرشيف التاريخي