طوارئ بايدن حول العراق.. خارج نطاق التغطية!
عادل الجبوري
موقع العهد الإخباري
أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي مرسومًا يقضي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية بخصوص الأوضاع في العراق وعلى امتداد عشرين عامًا مثّل تمديد حالة الطوارئ بخصوص العراق إجراء روتينيًا اعتاد عليه الرؤساء الاميركيون الذين تعاقبوا على دخول البيت الأبيض. فالعراق نجح في تجاوز مخاطر الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي خلال الأعوام الأولى للاحتلال الأميركي وإفشال أجندات زرع الفتنة الطائفية رغم الكم الهائل من المصاعب التي واجهها. وكذلك نجح في المحافظة على الإطار العام للنظام السياسي الديمقراطي الجديد الذي أرادت قوى دولية وإقليمية إسقاطه وتفكيكه.
والحقيقة الأخرى التي لا تقل أهمية عنها هي أن الجزء الأكبر من المشاكل والأزمات والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تعرض لها العراق خلال العقدين الماضيين بل وحتى قبلهما كانت تقف وراءها الولايات المتحدة الأميركية، إذ إنه كان بإمكانها لو صدقت في نواياها ومزاعمها أن تجنب العراق كثيرًا مما تعرض له، وخصوصًا ما يتعلق بمحاربة ومواجهة الجماعات والتنظيمات التكفيرية الإرهابية والبعثية، ناهيك عن إصلاح وتطوير القطاعات الخدمية من قبيل شبكات الكهرباء والماء والطرق والمستشفيات. والحقيقة الأخرى تتمثل في أن واشنطن كانت وما زالت تماطل في مغادرة العراق وانهاء وجودها العسكري فيه رغم الموقف الرسمي والبرلماني والشعبي المطالب بخروجها. ليس هذا فحسب، بل إنها تحرص على الأمساك بالمفاصل الاقتصادية والمالية والأمنية العراقية الحيوية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
ومما لا شك فيه أن تمديد حالة الطوارئ في وقت يشهد العراق حالة من الاستقرار السياسي والامني ومظاهر حراك إصلاحي غير مسبوق على صعيد محاربة الفساد وتحسين الخدمات، يعكس إصرارًا أميركيًا على إبقاء الهيمنة على العراق، عبر التشبث بالقراءات والحقائق والمعطيات السابقة وتجاهل الحقائق والمعطيات الراهنة، وذلك من أجل تبرير استمرار وجودها وتدخلاتها فيه. وإلا أية حالة طواريء يحتاجها بلد تجاوز الفتن الطائفية وانتصر على الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره وبات يمتلك حضورًا فاعلًا في محيطه الإقليمي ويعد عنصرًا إيجابيًا وبات في النهاية جزءًا من الحلول بعد أن كان جزءًا من المشكلات؟
يقول البعض إن هذا القانون يتيح للرئيس الأميركي أو بنطاق أوسع الإدارة الأميركية التحكم بالأصول المالية العراقية، وتحريك أو ارسال أي قوات عسكرية إضافية اذا ارتأى أن هناك ضرورة لذلك وأمور أخرى تتمحور حول تلك المضامين.
في السابق ربما كان ذلك متاحًا وممكنا بالنسبة لها، بيد أن الأحوال تغيرت والظروف تبدلت كثيرًا في العراق والمنطقة وحتى على الصعيد العالمي، ولم تعد أميركا تلك القوة العالمية التي تمسك بكل الخيوط وتتحكم بكل الأوراق وتفرض وجودها في كل مكان، بل إن صعود قوى عالمية وإقليمية إلى جانب مشاكل وأزمات مجتمعية واقتصادية داخلية جعلها تنكفئ وتبدو عاجزة في أغلب الأحيان وفاقدة لزمام الفعل والمبادرة. كل ذلك وغيره يظهر أن قانون تمديد حالة الطوارئ من قبل بايدن كما لو أنه لعب خارج الميدان أو حراك خارج نطاق التغطية!