الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وخمسة وأربعون - ٢٧ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وخمسة وأربعون - ٢٧ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

قراءة في رسوم أطفال الحجارة (2)

يبدو أنّ الرغبة الملحّة في إيصال فوريّة تجربة معيّنة قبل نفاد الموادّ الفنّيّة النادرة، التي في حوزتهم، تحذو بالأطفال إلى أن يحشروا على الرقعة المحدودة للورقة أكبر عدد ممكن من التفاصيل، فإذا بالتأليفات عن المشاهد الشاملة تروي موجزاً لقصّة فلسطين بلغة الشعر.
في المشاهد الريفيّة للحياة التقليديّة، نجد أنّ كلّ ثلم في الأرض، كلّ نصل لعشبة، كلّ زيتونة على شجرة، كلّ زهرة في بيّارة برتقال مستظهرة بعناية وحبّ. كذلك يستطيع المشاهد أن يتعرّف في الشخصيّات الفلسطينيّة على منمنمات لأفراد يعملون في الحقل، أو يملأون الجرار من العين في القرية، أو يتظاهرون في الشارع. هنا امرأة ترتدي الثوب التقليدي المطرّز، وأخرى ترتدي الـ "بلو جينز"، وهناك فتاة ذات ضفيرة على شاكلة ذيل حصان تحمل حجراً، في ما أخرى عقصت ضفيرتها بشريط تكتفي بمراقبة ما يجري. وهذا فتى يتلثّم بكوفيّة رجاليّة، وذلك فلّاح مشورب يعتمر الكوفيّة ذاتها يبادلنا الابتسامة.
عالم مشطور
ينمّ فنّانونا الصغار عن العناية ذاتها بالتفاصيل عندما يحاولون تصوير الصهاينة. على أنّه يبدو أنّ الصهيوني الوحيد الذي يعرفه الأطفال هو الجندي في بزّة القتال المرقّطة: ومثلما أنّ التفاصيل المؤَسْلَبة للعالم الفلسطيني كثيراً ما تذكّرنا بالمنمنمات الإسلاميّة، كذلك فالوضعية الجانبيّة التي يرسمون بها الصهاينة تذكّرنا بهامات المحاربين على الأختام والنقوش الآشوريّة. على أنّ المحارب المعاصر يجري التعريف به من خلال رتبته العسكريّة، أو الوحدة التي ينتمي إليها؛ فهذا الشكل للخوذة وهذا اللون للقبّعة يدلّان على انتماء الجنديّ المعنيّ لـ "حرس الحدود"، أمّا ذاك فجنديّ في "سلاح المظلّيّين".
جميعهم مدجج بالأسلحة الآليّة، والهراوات الغليظة، والمسدّسات، والأغمدة، وأحزمة الرصاص، وعبوات الغاز المسيل للدموع. بعضهم يحتمي وراء الأقنعة الواقية من الغاز، والبعض الآخر وراء الدروع البلاستيكيّة، وبعض آخر يحمل أجهزة الاتّصال اللاسلكيّة "الووكي-تووكي". جميعهم ينتعل الجزم الثقيلة. جميعهم معزز بالآليّات العسكريّة من سيّارات جيبّ تحمل الرشاشات، شاحنات، باصات، حوّامات. هكذا يرى الطفل جانبَي عالمه.
في روايتهم للأحداث الجارية في الوطن المشطور، يعمد بعض الأطفال إلى تقسيم الورقة إلى نصفين: الصهيونيون من جهة والأطفال من جهة، ثانية.
جهة مكتظّة بالأسلحة وجهة باليافطات والحجارة، تفصل بينهما متاريس من براميل وصخور، بينما اعمدة الدخان المتصاعد من الإطارات المحترقة يختلط بدخان الغاز المسيل للدموع.
في إحدى الصور التي رسمها شاب اعتقل أخوه الأكبر، ولم يُشاهده منذ ذلك الحين، يحتلّ الصهيونيون المدى الأفقيّ الأوسع للورقة، في ما ينحشر الفلسطينيّون في إحدى الزوايا. أمّا في صورة أخرى من تصوير شاب آخر، يبدو الصهاينة هم المحشورون في الزاوية العليا من التأليف العاموديّ، بينما المتظاهرون الفلسطينيّون يحتلّون معظم المدى في الأسفل. في كلا الحالتين، يظهر الصهيونيون جميعاً بوجوه نحاسيّة، وبزّات بلون رماديّ معدنيّ. إنّ الأطفال يوفّرون الألوان النادرة في متناولهم من أجل تلوين الشخصيّات الفلسطينيّة الإفراديّة واليافطات.
يتبع...

 

البحث
الأرشيف التاريخي