الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وأربعون - ٢٣ مايو ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وأربعون - ٢٣ مايو ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

«كمال المصري » أحد أحفاء بلدة الطنطورة الفلسطينية في حوار خاص مع الوفاق:

نكبة الطنطورة نكبتان: نكبة المجزرة ونكبة التهجير والتشريد

الطنطورة، الحقيقة المستعادة من التاريخ بعد أن حاول الصهاينة أن يسلخوها عنه، والمجزرة التي حاول إخفاء وقائعها وحقائقها الكيان الإسرائيلي وجيشه خلال عشرات السنين... هي الذاكرة التي لم تذب وقائعها في ملح بحرها، عادت تلك المجزرة بتفاصيلها الى فلسطينها وأهلها بحذافيرها وعلى لسان الجنود من ارتكب وجّزر برجالها ونسائها وأطفالها أبشع انواع المجازر.

لم يكن ربيع بلدة الطنطورة بتاريخ 22-23 مايو عام 1948 ربيعاً عادياً، بل كان ربيعاً ملطخاً بدماء الأبرياء في البلدة، التي نامت على واقع واستيقظت وأهلها على إعدامهم جماعياً على بد لواء الإسكندروني وهي مجموعة محاربين من جيش الاحتلال الإسرائيلي خاضوا عدة حروب إسرائيلية. في ذكرى النكبة، وفي ذكرى مجزرة الطنطورة، بحثت جريدة الوفاق عن أحد اهالي الطنطورة لتستعيد معه ذكريات مرّت عليها 75 عاماً، لكنها لم تخرج من التاريخ بعد أن دخلته بأبشع الجرائم التي ارتكبها الصهاينة بحق أهلها، والتقت جريدة الوفاق بـ "كمال المصري" أحد أحفاد الطنطورة الذي بحث عن حقيقة بلدته، وحفظها ظهراً عن قلب، ووثّقها ولا يزال يعمل على توثيق كل حقائقها كي لا تغيب عن عيون العالم بأن "الطنطورة المذبوحة أقلقت الكيان الإسرائيلي بعد أن خرجت الى النور".

تاريخ بلدة الطنطورة
بداية اللقاء كانت حول الطنطورة البلدة الجميلة، التي عُرف أهلها بطيبتهم وكرمهم، وحبهم للآخر، يخبرنا كمال المصري عن الطنطورة قائلاً: "قرية الطنطورة هي قرية كنعانية عمرها اكثر من ٦ آلاف سنة تقع جنوب مدينة حيفا  على بعد ٢٨ كيلو متر،  يحيطها من الشمال  قرية كفر لام  وصرفند  وشمال شرق قرية جبع واجزم وخربة المنارة، ويقابلها من الشرق قرية عين غزال وخربة السوامر كما تحدها من وسطها قرية لفريديس العامرة ومن الجنوب قرية جسر الزرقاء العامرة".ويضيف: "تتميز بلدة الطنطورة بآثارها الكنعانية كالمعابد والقبور والأسوار، كما كان يوجد فيها برجين ومنطقة خاصة لتصنيع السفن فوق تلة البرج الكنعانية، وأثناء قيام الإحتلال الإسرائيلي بالحفريات والتنقيب عن الاثار، وجد المسؤولون عن التنقيب ختم فرعوني وبعض الآثار التي تم الإحتفاظ بها من قبل الصهاينة ووضعوها داخل متحف في القدس."
الطنطورة نسبة الى "طنطور"
وحول سبب تسميتها بالطنطورة يقول  كمال المصري، أحد أحفاد أهالي بلدة الطنطورة الذين هُجّروا منها غصباً : "سألت جدي والد امي من عائلة الدكناش عن تسميتها بالطنطورة، فقال لي بأن اسمها طنطور، وفي القديم كانت نساء الطنطورة تضع طنطوراً على الرأس من أجل المباهاة، فكن يلبسن لباساً جميلاً، ويزيّن لباسهن بالطنطور على الرأس، حتى صار جيرانهم من أهل القرى المجاورة  ينادوهم " أهل الطنطور" ومع الوقت أصبحت القرية اسمها "طنطورة".
كان والدي وجدي يخبراننا عن الطنطورة وما فيها، فلا يزال في الطنطورة بئر ماء حلوة داخل البحر يُعرف بـ "بير المكر" ، كان أهل الطنطورة يشربون منه اضافة الى بئر نبع ماء حلوة آخر موجود غرب البرج في منطقة معروفة بـ "بئر الصعبية".
من الطنطورة الى حيفا ولبنان وسوريا
عند السهل الساحلي تقع قرية الطنطورة، يوجد في بحرها جزر منها جزيرة المكر والحصان والفلتية والشدادة والحمام وسطيح  والكراكون، وفي جنوبها يوجد نهر ونبع الدفلة، وعرفت بالدفلة نسبة الى اشجار الدفلة التي كانت تلفها،  ولاحقاً تم إكتشاف بئر جنوب المدرسة الأميرية، التي لا زالت موجودة وحاضرة على تاريخ الطنطورة، تم تسميتها بـ "بئر الشفاء" ، وقام أهالي البلدة بالإستفادة من هذا البئر وتم مد شبكة من أنابيب المياه الى المدرسة وبنوا جزان مياه لا زال موجوداً حتى اليوم، اضافة الى المدرسة الأميرية التي كانت مركز تعليم للبلدة وللقرى المجاورة الى الصف السابع، وكان الطلاب يتعلمون فيها اللغتين العربية والإنكليزية والدين والحساب واللغة والزراعة، اضافة الى مدرستين واحدة للذكور وآخرى للإناث، وكان التعليم في هاتين المدرستين حتى الصف الرابع، وكان راغبوا العلم يكملون تعليمهم في مدينة حيفا وعكا ورام الله ومنهم من كان يذهب الى سوريا ولبنان ومصر.
وبالإضافة الى المدرسة كان يوجد في الطنطورة مسجد، بنى أهالي البلدة الى جانبه غرفة نوم للمسافرين أو العابرين الذين كانوا يأتون من خارج البلدة، كما كان في الطنطورة ورشة كبيرة لنسج الحرير، وقبل النكبة قام الإنكليز بتسليم الورشة لليهود وحولوها الى مصنع للزجاج لكنه فشل ثم تحولت الى متحف تاريخي يتضمن بعض الأواني الزجاجية القديمة اضافة الى بعض الأثريات من منطقة دور الكنعانية.
الحياة الإقتصادية في بلدة الطنطورة قبل النكبة
عرفت الطنطورة بمينائها التجاري من والى الدول العربية مثل لبنان وسوريا ومصر، اذ كان اهالي الطنطورة مشهورين بزراعة البطيخ والقن وجميع أنواع الحبوب والورد مثل القرنفل اضافة الى زراعة التفاح الشامي الذي كان يُباع داخل فلسطين، كما اشتهرت الطنطورة بتربية الماشية والدواجن مثل البط والدجاج والحمام، وكان يوجد عرف داخل البلدة، إذ كان يتم تخصيص يوما في الإسبوع لتوزيع الحليب للعائلات التي لم يكن لديها ماشية، اضافة الى النحل وتربيتها واستخراج العسل، كما اشتهر اهلها بالصيد في البحر وكانوا يشترون القوارب من بلدة يافا.
أعراس الطنطورة جزء من ذاكرة حيّة
ذكريات مختلفة وكثيرة حفظناها أباً عن جد يضيف كمال المصري، "إذ كان جدي يخبرنا عن الأعراس في قريتنا الطنطورة التي كانت تقام وتستمر لمدة 7 ايام متواصلة، وفي اليوم السابع كان اهالي البلدة مع أهل العريس يجتمعون في جزيرة المكر ويحضرون معهم الخيول ويحتفلون برقصة الخيول  وفي الجزيرة كان يوجد كرسي منحوت في الصخر يجلس عليه العريس، ثم ينتقل العريسان الى منطقة اسمها مجلس العرسان لقضاء شهر العسل هناك".
بعد تقديم الوقائع والشهادات... ثيودور كاتس يسحب أطروحته
منذ ارتكاب المجزرة، عمل المؤرخون الفلسطينيون على توثيق وقائع المجزرة رغم المحاولات الإسرائيلية المختلفة لطمسها. ولأنها الطنطورة، ولبشاعة ما حدث فيها حاول بعض الإسرائيليين الإستفادة من حقائقها ووقائعها، ففي العام 2000 قدّم طالب دراسات عليها يُدعى ثيودور كاتس أطروحته في الماجستير حول "مجزرة الطنطورة" مفصّلاً الحقيقة كما هي ومرفقاً رسالته بشهادات اعتبرها الكيان الإسرائيلي هي الأفظع التي ارتكبها لواء الإسكندروني خلال نكبة فلسطين، ما أثار ضجة  وجدلاً داخل الأواسط الإسرائيلية، تم خلالها رفع دعوى تشهير ضد كاتس من قبل قدامى المحاربين في اللواء إلى التراجع عن روايته عن المذبحة. وأمام ما جرى وأمام الحقيقة المريعة، قام المؤرخ التقدمي إيلان بابي، الذي أشرف على رسالة كاتس، لترك جامعة حيفا، ثم ترك الكيان الإسرائيلي وانتقل للعيش في بريطانيا، وبدأ مشروعه الأكاديمي اللافت عن التطهير العرقي في فلسطين.  
إعدامات حية وقبر جماعي
بعد أطروحة ثيودور كاتس عادت "الطنطورة" الى الظلام، ليأتي في العام 2022 المخرج الإسرائيلي ألون شوارتز وينتج فيلماً وثائقياً بشهادات ولسان مرتكبي المجزرة وتخرج معه الطنطورة الى العالم أجمع.
مهما كانت الأسباب والدوافع التي دفعت المخرج الإسرائيلي ألون شوارتز الى إنتاج الفيلم الوثائقي "الطنطورة" في العام الماضي، 2022 فقد تم عرض الحقائق على لسان منفذي المجزرة الشنيعة والمؤلمة، المجزرة الجماعية التي ارتكبها الجنود الصهاينة بعد استيلائهم على بلدة الطنطورة والتي راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد، تم إعدامهم وجمعهم وإخفائهم في قبر جماعي واحد على قطعة ارض تقع حالياً تحت موقف للسيارات على "شاطئ دور".
شهادات الجنود الصهاينة فضيحة كبرى للكيان الإسرائيلي
في الفيلم الوثائقي "الطنطورة" يصف الجنود السابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين شاركوا في المجزرة، مشاهد مختلفة بطرق مختلفة مع استحالة تحديد عدد القرويين الذين قتلوا رميا بالرصاص، وبحسب تعابيرهم فإن الأعداد الناتجة عن الشهادات بين “حفنة قُتلوا” و”عشرات العشرات والشهادات التي أدلى بها أحد سكان زخرون يعقوب الذي ساعد في دفن الضحايا، فإن عدد القتلى تجاوز 200. وينقل الجنود الصهاينة الذين بلغوا التسعين من اعمارهن ما فعلوه بأهالي الطنطورة العزّل، رغم اعترافهم بأن شهاداتهم هي فضيحة كبرى للكيان، فقد أطقلوا النار على سكان القرية عبر رشاش نصف أوتوماتيكي من قبلنا نحن الجنود المتوحشون، ثم يصف أحدهم كيف وضعوا الرجال في براميل وأطلقوا النار عليهم، وكيف طاف الدم الى خارج البراميل، كما يذكر أحدهم كيف ذبح رجالاً غير مسلحين بعد المعركة وغيرها من الأفعال الشنيعة التي ارتكبها الصهاينة.
الطنطورة... ممرّ سريّ لتهريب الأسلحة للثوار
شكلت بلدة الطنطورة اهمية استراتيجية كبيرة ما قبل النكبة وذلك بسبب موقعها الجغرافي، فقد كانت الطنطورة ممراً سرياً للثوّار، يضيف المصري، إذ كان الثوّار يهربون منها السلاح عن طريق الميناء من الدول العربية "سوريا ولبنان ومصر"، وكان هذا الممر يشكل تهديداً لكيانهم المحتل، فكان القرار بإحتلال الطنطورة وتهجير أهلها بأي ثمن مع المثلث الصغير والذي هو " " أجزم وجبع وعين غزال المي". وبعد ارتكاب المجزرة وتهجير أهلها الى القرى القريبة في فلسطين والى الدول المجاورة في لبنان وسوريا دخلت الطنطورة التاريخ ولم تخرج منه حتى اليوم رغم المحاولات المختلفة لدفن حقيقة البلدة.
تفاصيل المعركة والمجزرة
نعود بالذاكرة المتداولة الى ايام المجزرة، ويأخذنا كمال المصري مع ذكريات أهله وأجداده الى تلك المرحلة، يقول:" دخل الجيش الإسرائيلي البلدة، وبدأوا بالتخريب والتدمير والإعتداء، ودخلوا الساحة والبيوت، قاوم في البداية أهل البلدة الصهاينة، ورفضوا الإستسلام، وعملوا على حماية البلدة نظراً لأنها كانت الممر لتهريب السلاح، لكن العدو حاصرها، وتوجه بعض الصهاينة الى مختار بلدة الفريديس وطلبوا منه أن يذهب الى الطنطورة ويخاطب أهلها بالإستسلام دون مقاومة، وهكذا حدث، لكن اهالي الطنطورة رفضوا الإستسلام قائلين: "منموت بأرضنا وما منطلع"، عندها أخذ الصهاينة قرار الإحتلال ودخلوا البلدة ليلاً وبين مقاومة وقتل واعتداءات مختلفة بين أهل الطنطورة والصهاينة، ودفاع كبير من كبار رجال البلدة، بدأ الصهاينة بالقصف على البلدة من جهة البحر بسلاح الإنكليز، وطوّق الصهاينة البلدة من ناحية القطار ونزل الجنود الى البلدة من مختلف الجهات وجرت معركة شرسة راح منها أكثر من 40 قتيل صهيوني. يضيف المصري: " ويخبرنا الأجدادا الذين سمعت منهم تفاصيل الأحداث والذين كانوا شهوداً في تلك الأيام، بأن المجزرة التي ارتكبت بحق أهالي بلدتي الطنطورة كانت إنتقاماً ايضاً لقتلى الصهاينة بعد المقاومة الشرسة، إذ أمر القائد شمشون بإرتكاب ابشع المجازر في البلدة، كما اغتصبوا النساء والبنات ودعسوا على بطون النساء الحوامل".
إذن، ارتكبت العصابات الصهيونية والجيش الإسرائيلي المجزرة، ودفن الصهاينة الضحايا في قبر جماعي وهجّروا أهلها وأخفوا معالم الجرائم المختلفة وذبحوا أهلها وهجّروهم، لكن كانوا أمام الكاميرات والعالم يتزيفون بالأعمال الإنسانية ويقدمون الماء للأطفال والنساء.
بداية فتح قضية الطنطورة كانت عام 1991 في جريدة كل العرب
يكمل المصري حديثه قائلاً: " بقيت الطنطورة المذبوحة محط إهتمام اهلها والفلسطينيين، فقد عمل على فتح القضية في البداية عام 1991 صحافيين اثنين من جريدة كل العرب احدهما من بلدة الفريديس وهو موسى حصادية صاحب جريدة كل العرب والصحفي محمد كعوش من بلدة المثلث جت، وأمام الكشف عن الحقائق ونظراً لخطورة المواد الإعلامية التي كان يجمعها الصحفيين، وصل الخبر الى الصهاينة، وتم تهديده بالقتل وإغلاق الجريدة. بعدها تواصل مع  موسى حصادية الطالب الإسرائيلي ثيودور كاتس من جامعة حيفا، وأراد حينها إجراء لقاءات مع كبار بلدة الطنطورة والمجرمين الصهاينة، ليس حبّاً بأهالي الطنطورة، إنما بحثاً عن الشهرة، وعند تقديم أطروحة الماجستير، ولأن حقائق الطنطورة أكبر من الكيان الإسرائيلي، تعرض كاتس للمضايقات وتم رفع دعوى تشهر وسحب أقواله من الرسالة وتم توثيق الرسالة في وثائق الكيان وعملوا مجدداً على طمس هوية المجزرة وحقيقتها، حتى عادت الى النور مرة جديدة مع المخرج الإسرائيلي ألون شوارتز الذي قدّم الطنطورة في فيلمها الوثائقي.
يضيف المصري: " لم يكن يتوقع أهالي الطنطورة أن يدخل الصهاينة والعصابات الصهيونية الى البلدة، إذ دخلوا على البيوت ليلاً وتم الإعتداء عليهم ثم أجبروهم على الخروج مرغمين من البلدة، فذهب ما يقارب 1200 شخصاً من النساء والأطفال وكبار السن الى بلدة الفريديس، وبعضهم أجبرهم الصهاينة اليهود بالذهاب الى طول كرم ومنهم من رحل الى نابلس والأردن وسوريا ولبنان.
تم تأسيس لجنة خاصة بالطنطورة المذبوحة
إذن، اعترف الجنود في لواء الإسكندرون بأفعالهم الشنيعة، وقدّموا الدلائل على القبر الجماعي الذي يضم أكثر من 200 ضحية، يقول المصري: "المقبرة تتوزع على 8 أماكن، لكن القسم الأكبر هي تحت موقف سيارات، عندما طلب مني مخرج فيلم الطنطورة الحديث عن البلدة والمقبرة والمجزرة، أعطيته كل المعلومات وكل أماكن دفن الشهداء، عندها سألني المخرج ألون شوارتز عن مصدر معلوماتي، أخبرته يومها أنني جمعت الطنطورة بمعلوماتها من كبار البلدة، بعدها طلب مني إجراء ندوة في جامعة تل أبيب حول الطنطورة لكنني رفضت، فنحن أحفاد الطنطورة أسسنا لجنة خاصة وتقوم بالتواصل مع لجنة اسمها "عدالة" تضم ناشطين عرب وأجانب من داخل فلسطين ومن الخارج، وتطالب بجمع كل شهداء الطنطورة في مكان واحد من اجل بناء نصب تذكاري لشهداء الطنطورة المذبوحة.
 الشعب الإسرائيلي شعب مهزوم ومنهار
بعد كشف الحقائق المروعة عن الطنطورة، عملنا على استعادة حقنا في بلدتنا وبيوتنا وأرضنا، وذهبنا الى البلدة التي يسكنها الصهاينة اليوم وطالبنا بحقوقنا، لكنهم رفضوا التعاون معنا بحجة انهم بنوا بيوتهم على ارضنا بمبالغ كبيرة، لكننا لن نستسلم لهم، فعلى الرغم من بقايا البيوت القديمة التي لا تزال شاهدة على الطنطورة ايام النكبة ومنها بيت اليحيى والمقام والورشة التي تحولت الى متحف، والمدرسة وخزان المياه، إضافة الى بعض البيوت التي أخفيت معالمها من الخارج، إلاّ أننا على يقين بأننا سنعود الى بلدتنا وسنعمّرها كما كانت وكما نريد أن تكون، ولن يبقى في بلادنا ظالم، فالشعب الإسرائيلي شعب مهزوم ومنهار رغم أنه محمي من أميركا وبعض الحكّام العرب.
التضليل الإعلامي الصهيوني لم يعد ينفع
بعد عرض الفيلم الوثائقي يضيف المصري، جن جنون الكيان الإسرائيلي، وبدأوا يتخبطون أمام الحقيقة التي كشفت، ورفضوا كل ما جاء من وثائق في الفيلم، ورفضوا فكرة المجزرة من أساسها، لكن العالم اليوم لم يعد يعيش التضليل الإعلامي الذي مارسه الصهاينة قبلاً، وادركوا حقيقة المجزرة وحقيقة بلدة الطنطورة، وانا كأحد أحفاد الطنطورة وكل الأهالي الذين يعيشون اليوم في منطقة ما يسمى "عرب 48" لا يمكن أن ننسى أصلنا ولو فرضوا علينا ألف هوية، تبقى فلسطين هي هويتنا وهي روحنا ولن نتخلى عن فلسطيننا لو أعطونا مال الكون، فالدم الفلسطيني لن يتغير...
دماء شهداء الطنطورة لن تذهب هدراً...
يختتم كمال المصري قوله: "ذُبحت الطنطورة، وذُبحنا نحن الأحفاد، في كل مرة أذهب الى مكان دفن الشهداء وازور الطنطورة وأشاهد المعالم الباقية، وأتخايل رؤوس أقربائي وأجدادي مقطوعة، وكيف قلعت عيونهم بدم بارد وهم أحياء وكيف تم إحراقهم وهم أحياء بدون شفقة ولا رحمة، نؤكّد في كل لحظة أن دماءهم لن تذهب هدراً، ونحن الاحفاد سنأخذ بثأر كل نقطة دم ذهبت لشهيد من الطنطورة."

 

البحث
الأرشيف التاريخي