الفائزة بجائزة سليماني العالمية للأدب المقاوم للوفاق:
نشر قصص مرحلة طفولة شهداء المقاومة أيقونة ضرورية
الأدب مقولة رقیقة تتناسب مع طبع البشر حیث مثّل خلال التاریخ دوراً کبیراً في الثورات والحرکات الإجتماعیة بقصد الإستقلال أو الحریة، وهو یتفرّع إلی ما یصنع أدب المقاومة الذي هو أدب جیّاش لا یقبل التوقف والیأس إذ یعمد إلی الدفاع عن المجتمعات رافضاً الهیمنة القهریة، وبوصفه سلاحاً مانعاً یتیح مجال الخلود الثقافي للمجتمعات المستضعفة، محاولا أن یحيي لهیب الرجاء في قلوب الشعوب؛ فشأنه یرتبط بساحة الفکر المعاصر، فيؤخذ بعین الإعتبار مجرّد سلاح لبعض المقاومين. یعتبر أدب المقاومة أدب الوعي والحثّ علی تجاوز الأزمات الشعبیة والحروب والقهر ویحاول إستنهاض الهمم للجهاد والوعي بالذّات والهویة ویتناول موضوعات البطولة في مواجهة العدوان والظلم والإحتلال.
من جهة أخرى تمثّل الطفولة في التجربة الإبداعیة عنصراً مهماً وحیویاً وحساساً للغایة یوظفها الأدیب أو الشاعر وفق رؤیته الإنسانیّة ومنطلقاته الإبداعیة، فما هو عندما يكون المناضل والمقاوم في سن الطفولة والناشئة، وترى التضحية عند المقاوم الناشئ، والكتابة عنه في إطار الرواية يحتاج إلى قدرة لتصوير المشهد وتبيين شخصية الشهيد الناشئ، ومن هذا المنطلق غطّت صورة الطفولة (البراءة والطهارة) معظم تجارب الكاتبة والروائية اللبنانية "هلا ضاهر" التي تعمل في "جمعية إحياء التراث المقاوم" اللبنانية ولها تأليفات في هذا المجال منها:
"تحت ظلال الزيتون" التي هي عبارة عن مجموعة قصصية للناشئة تتضمّن مقتطفات من سير صغار مزجوا طفولتهم بشغف الجهاد والمقاومة قبل أن يُتوَّجوا شهداء أثناء مواجهة التنظيمات التكفيرية في سوريا، و "العكاز الخشبي" الذي فازت بها بمسابقة سليماني العالمية للأدب المقاوم فئة "القصَّة القصيرة"، وأخيراً زارت "هلا ضاهر" إيران ضمن وفد الجمعية، ونظراً لأهمية التأليف للأطفال والناشئة في مجال أدب المقاومة، إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع هذه المحققة والكاتبة اللبنانية في مركز آثار الشهداء، وسألناها عن نشاطاتها وكتابة رواية المقاومين الناشئة، وفيما يلي نص الحوار:
الجهاد بالقلم
بداية طلبنا من "هلا ضاهر" أن تتحدث لنا حول أدب المقاومة، فقالت: رأيي بالنسبة للكتابة في مجال أدب المقاومة، أن هذا القلم هو رديف السلاح، نحن في حزب الله كما أنه يجب علينا الجهاد بالسلاح وندعم المجاهدين بكافة السبل وهم أزواجنا وأولادنا وإخوتنا، أيضاً كنساء لن نترك الساحة لأعدائنا بكافة السبل وكان أن وفّقني الله ليكون القلم هو سلاحي، ولن أتركه وأعتبر نفسي برعاية سماحة حجة الإسلام السيد حسن نصرالله، أجاهد بقلمي.
نشر ثقافة المقاومة عبر الرواية
وفيما يتعلق بنشر ثقافة المقاومة عبر الرواية وتأليف الكتب في هذا المجال قالت "ضاهر": عندما نؤرخ ونوثق هذه القصص الحقيقية لأنها ليست من الخيال، بل هي قصص حقيقية حصلت مع شهدائنا فإذا قمنا بواجب توثيقها بكافة السبل، سواء كان كتاب تأريخ أم قصة، القصة تصل أسرع إلى هذا الجيل وللناشئة.
صوت المقاومة الإسلامية
كما ذكرنا فازت "هلا ضاهر" بجائزة الفريق الشهيد سليماني للأدب المقاوم عن قصتها "العكاز الخشبي"، فسألناها عن مشاركتها وشعورها، فقالت: ما شجّعني أن أرسل قصتي لان الجائزة تحمل اسم سيد شهداء محور المقاومة الشهيد قاسم سليماني، لأنها كانت عالمية وأريد أن يصل صوت المقاومة الإسلامية في لبنان إلى كل العالم، ولهذا السبب كتبت باتقان ودقة، لأن إتقان العمل يؤدي إلى الوصول للهدف، وإن شاء الله الهدف هو أن يصل صوت المقاومة إلى كل ارجاء العالم.
الكاتب يحمل رسالة الإعلام الزينبي
وتابعت "ضاهر" كلامها حول رسالة المؤلف في مواجهة الحرب الناعمة، وقالت: الكاتب يحمل رسالة الإعلام الزينبي لأننا نحن من مدرسة كربلاء ولولا جهاد السيدة زينب (س)، بعد اليوم العاشر وأنها أوصلت صوت الإمام الحسين (ع) وواقعة كربلاء المقدسة وما حصل هناك ومنذ تلك الواقعة ونحن نحمل نفس مسؤولية وتكليف السيدة زينب (س) مولاتنا.
رجولة مبكرة عند الشهداء
وحول الدافع الذي شجعها للكتابة في مجال أدب المقاومة للأطفال، قالت هذه المؤلفة اللبنانية: عندما بدأت بالتحقيق في قصص الشهداء في البداية كان الهدف توثيق بنك المعلومات، ولكن لاحظت وجود
كم كبير من القصص المتعلقة بالشهيد وهو في عمر صغير، في عمر الطفولة والناشئة، ووجدت أن تلك القصص تحمل في طيّاتها رجولة مبكرة، هي أوصلت الشهيد إلى هدفه السامي، ومن واجبنا أن ننشرها لأنه يوجد جيل من الشباب الناشئة يتعلّم منها، عندما يسمع، أعطيكم مثالاً في كتاب "تحت ظلال الزيتون" الذي يتضمن قصص عن شهداء في ضمن عمر الناشئة، عندما يسمع الشاب أن هذا الشهيد لم يكن أن يقبل الغناء ولأن سائق الباص وضع غناء، طلب منه أن يتوقف، وتابع الطريق إلى منزله سيراً على الأقدام، هذه إحدى القصص ويوجد على هذا الغرار قصص متنوعة، تنم عن رجولة مبكرة في هؤلاء الشهداء، شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان.
منهجية الكتابة
وفيما يتعلق بمنهجية الكتابة والبدء بالتأليف وحبكة القصة، قالت "ضاهر": نبدأ الكتابة من لحظة إجراء المقابلة مع عائلة وأصدقاء الشهيد أي خلال جمع المعلومات والقصص تمر أفكار لامعة خلّاقة ملفتة تحمل بين طياتها الكثير من الومضات والعبر المؤثرة فنختارها بعناية لأنها ليست مجرد قصص للتسلية بل هي وقائع للتاريخ قد تأتي بقالب قصصي والهدف منها حفظ ونشر تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان مثل انتخاب حبة قمح جيدة أخذها الإنسان وألقاها في بستان فنمت وصارت سنبلة بل وحقل قمح هكذا هي الفكرة النوعية التي تشكّل حبكة القصة.
تثقيف الشبان بشتى السبل
وحول مواجهة الحرب الناعمة التي يشنّها العدو وتغيير ثقافة جيل الناشئة قالت الكاتبة اللبنانية: علينا التصدي والمبادرة لنشر ثقافة الإسلام المحمدي الأصيل ونشر ثقافة المقاومة وقول كلمة الحق في مواجهة كلمة الباطل وكما أوصى سماحة القائد الخامنئي بأهمية جهاد التبيين يجب علينا توعية وتثقيف الشبان بشتى السبل وكشف الأهداف الحقّة أمامهم وحثهم على مراعاة المصالح العليا في كافة التدابير والترّفع عن الخلافات الهامشية لأن الأولوية اليوم للقضايا الكبرى ونحن في حالة حرب دائمة تتطلب مواجهة ثقافية مستمرة.
أهمية التأليف للأطفال والناشئة
وأخيراً أشارت "هلا ضاهر" إلى أهمية التأليف في مجال قصص المقاومة للأطفال والناشئة في مجال أدب المقاومة وهكذا ختمت كلامها: هو بمثابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوب قريب منهم على قاعدة خاطبوا الناس على قدر عقولهم ولتلك الفئة من القرّاء لا بد من الإهتمام عبر بث ثقافة مناسبة بأسلوب القصة لأنها الأقرب إلى القلوب وهدفنا التأثير والتغيير عند الجيل الحالي لهذا الأمر نختار كل ما هو محبب ومناسب ومهم وفيه من العبرة ما يكفي لتقديم الشهيد كقدوة وعلى سبيل المثال أذكر مرة أخرى قصة من كتاب "تحت ظلال الزيتون" الموجهة للناشئة، القصة التي تحمل عنوان "راديو أصفر" كان الشهيد حسين ابن تسع سنوات عندما بدأت حرب تموز الوعد الصادق عام ٢٠٠٦ وبسبب التهديدات والخطر الكبير على المدنيين غادرت عائلته الضاحية الجنوبية لبيروت قاصدة مكاناً آمناً عند أقاربهم وما إن وصلوا واستقروا بأمان حتى بدأ حسين بالبكاء الشديد وهتف بأعلى صوته: "أريد العودة إلى الضاحية الجنوبية لا أريد أن اترك السيد حسن نصر الله وحيداً"، ما الذي يجعل حسين ابن التسع سنوات يقول مثل هذا الكلام؟
مؤكد معرفته بقيمة القائد الرمز جعلته يشعر بالرغبة في البقاء بقربه في الضاحية رغم المخاطر المحدقة به. وأظن أن مثل هذا الموقف نقدمه كقدوة للجيل الحالي.