تقرير خاص للوفاق عن ملف «حميد نوري»
السوید والمعايير المتناقضة في ملفّين قضائیّین
جاسم الأهوازي
كاتب مقيم في النرويج
مضى ما يقارب أربع سنوات من إعتقال "حميد نوري" وذلك فور دخوله إلى مطار ستوكهولم على خلفيّة دعوى رُفعت ضدّه إلى المحكمة السويدية. قضى "نوري" هذه السنوات في خلّية إنفرادية في السجن السويدي. يُشكّل أفراد زمرة منافقي خلق الإرهابية والذين تلطّخت أيديهم بدماء مايقارب 17 ألف مواطن إيراني من مختلف الأعمار حيث كان فيهم أطفال رُضّع إلى كبار ناهزوا من العمر أكثر من 70 سنة.
لماذا أُعتُقل نوري؟
في ثمانيات القرن الماضي كان أفراد زمرة منافقي خلق الإرهابية يقومون بإغتيال أعضاء الحرس الثوري والتعبئة الشعبية (البسيج) على خلفيّة محاولتهم لإضعاف الثورة الإسلامية وتقديم المساعدة للنظام الصدامي متزامناً مع إنطلاق الحرب المفروضة ولم يكتفوا بذلك بل إنّهم كانوا يغتالون كلّ من كانت لحية على وجهه لأنهم كان يعتبرون اللحية علامة التديّن.
علي سبيل المثال أشارت المجلّة الرسمية لزمرة المنافقين في تأريخ 6 يوليو 1983 (يعني بعد مضي أربع سنوات من إنتصار الثورة الإسلامية في إيران)، في تقرير لها إلى أنّهم إغتالوا ألف شخصية من العلماء وقادة الحرس الثوري والناس الذين كانوا يحمون الثورة الإسلامية. وجاء في نفس التقرير أنّ 600 شخص منهم كانوا من أهالي العاصمة الإيرانية طهران و الآخرون من شتّى محافظات ومدن في البلاد.
كانت من الأعمال الإجرامية التي كانوا يقومون بها في ثمانيات القرن الماضي أصحاب المحلات والذين كانوا ينصبون صور الإمام الخميني(قدس) على جدران محلّاتهم أو النساء المتحجّبات واللاتي كانت عندهنّ نشاطات ثقافية في المساجد والأحياء لنشر الثقافة الإسلامية الثورية
بين الناس.
وفي تلك السنوات، على خلفيّة إعادة الأمان إلى المجتمع ومطالبة الشعب بمحاسبة المتورّطين في إراقة الدماء الأبرياء قامت أجهزة الأمن الإيرانية بملاحقتهم وتلوها قامت السلطة القضائية بمحاسبتهم.
من الأمور التي تجب الإشارة إليها أنّ هناك عمليّة عسكرية كبيرة نفّذتها زمرة المنافقين بدعم من النظام الصدامي ضد إيران والتي سمّوها بـ"فروغ جاويدان". كان المنافقون يحاولون إحتلال إيران ومارسوا القتل والدمار ولكن بمقاومة شعبية لامثيل لها هُزموا كل الهزيمة وتمّ أسر الكثير من هؤلاء المجرمين على يد قوات التعبة الشعبية والحرس الثوري والجيش الإيراني.
جاء إعتقال حميد نوري إثر دعوى قضائية رفعها المنافقون في السويد والذين تلطّخت أيدهم حتى المرافق بدماء الناس ضده لأنّه في ذلك الحين كان موظّفاً في إحدى المحاكم القضائية في مدينة كرج التابعة أنذاك لمحافظة طهران حسب زعمهم.
لماذا في السويد؟
ذهب حميد نوري إلى السويد بناءً على طلب أحد أصدقائه والذي قاله له: "أنا بحاجة إلى مساعدتك" ليُقدّم مساعدة له ولكن ما إن دخل مطار ستوكهولم حتى أُعتُقل على يد الشرطة هناك. إكتشفت وسائل الإعلام لاحقاً أنّ هذا الشخص الذي أرسل دعوة لـ"نوري" فعلها إزاء تلقّيه مبلغاً كبيرا من المنافقين.
رسالة الرئيس لـ"نوري"
في زمن تولّي حسن روحاني لرئاسة الجمهورية كانت الحكومة تُرسل رسائل نصيّة "SMS" لكلّ أفراد الشعب ويبارك لهم عيد رأس السنة الشمسية والتي يُسمّيها الشعب الإيراني بـ"النوروز".
من أهمّ المستندات التي تمسّك بها المنافقون لإثبات علاقة نوري والرئيس الإيراني أنّهم أشاروا إلى هذه الرسالة فيما تمّ إرسال نفس هذه الرسالة إلى جوالّات مايقارب 80 مليون إيراني.
جريمة التصوير في المحكمة
في السياق ذاته قال نجل "نوري" "نحن شاهدنا في هذه الأشهر الأكاذيب تلو الأكاذيب نشرها المنافقون في وسائل الإعلام وقدّموها لقاضي المحكة السويدية وأيضاً شاهدنا إزدواجية المعايير الحقوقية وهي أظهر من الشمس.
على سبيل المثال قال قاضي المحكمة لايجوز التصوير من المحكمة قانونياً وهدّدنا بالمحاسبة إذا نقوم بالتصوير ولكن حينما قلت له أنا شخصياً بأن قناة "بي بي سي" قامت بالتصوير وبثّت أفلام عن المحكمة، قال: "أنا أعرف هذه القناة!!!".
حسب القانون القضائي السويدي كان ممنوع أي نوع من التصوير من المحكمة ولكن صوّر كلّ من أراد يُصوّر في ظل إطلاع المحكمة على هذا الأمر ولكن لم يسمحوا لنا بالتصوير".
سرقة اوراق اختبار الطلاب!
تابع نجل "نوري": أنا معلّم في وزارة التعليم وأدرّ س في إحدى المدارس الإيرانية في إحدى المرّات التي جئتُ بها إلى السويد لأشارك في جلسة محاكمة أبي، جلبتُ معي أوراق إختبار طلابي لأنّه كان يجب عليّ أن أعلن علاماتهم للمدرسة ووسط المحاكمة أعلن القاضي فرصة للراحة في ذلك الحين ذهبتُ إلى كافتيريا كانت بجنب المحكمة حتى يتسنّى لي مشاهدة الأوراق وإعطاء العلامات.
بعد ماقمتُ بهذا الأمر حان وقت الرجوع إلى المحكمة وأسرعت إلى المحكمة بالسرعة ولكن حينما وصلتُ إلى المحكمة علمتُ أنّني نسيتُ أوراق الإختبار هناك في كافة تريا. رجعتُ إلى الكافتيريا ورأيتُ أنّ المنافقين زعموا أنّ هذه أوراق دفاعيّة أبي فبهذا السبب قاموا بسرقتها خوفاً من تقديمها للمحكمة.
السويد.. تدافع عن "حبيب الأسيود"
قبل ثلاثة أيّام أُعدم رئيس زمرة النضال الإرهابية والذي قام بعمليّات إرهابية عدّة أُريقت فيها دماء الأطفال والنساء والرجال وكان يقول إنّني لم يهمّني قتل الناس الفُرس وحينما كان يُخبرونني أنّ هناك كان قتلى عرب كنُت أقول لإرهابيّي زمرة النضال لاتحملوا همّاً لأنّ العرب يدخلون الجنّة.
هذا الشخص هو الذي تلطّخت يداه بدماء عشرات من المواطنين أطفالاً ونساءً ورجالاً ولم ينس الشعب الإيراني الطفل الذي كان بعمر البراعم "طه إقدامي" والذي أغتيل على يد أفراد زمرة النضال الإرهابية حينما جاء مع أمّه لمشاهدة الإستعراض العسكري للجيش الإيراني في أهواز.
وهو العنصري التكفيري الذي دبّر تفجير مصرف سامان الإيراني والذي فجّروه بذريعة أنّه كان يحمل إسماً إيرانياً ولاعربياً مع الناس العاديين الذين جاؤوا إليه ليقوموا بأعمال مصرفية.
ولكن في يوم إعدامه إستدعت الخارجية السويدية السفير الإيراني وإعترضت على قضية هذا المجرم الإرهابي الذي قال في إعترافاته لو بقيت حيّاً لقمتُ بإهدار الدماء أكثر فأكثر.
الفناء الخلفي للصهاينة
أصبحت السويد الفناء الخلفي للصهاينة حيث يُجرى في السويد كلّما يريد الكيان الصهيوني من الأعمال الإجرامية نحو حرق القرآن الكريم والذي تكرّر للأسف الشديد لعدّة مرّات بدعم مُعلن وواضح من الحكومة والشرطة السويدية.
ليس من الغريب أن تدعم الحكومة السويدية الزمر الإرهابية التكفيرية من قبيل زمرة المنافقين وزمرة النضال الإرهابية بكل ما تمتلك من القوة بل إنّه أمر متوقّع حيث قاموا بجريمة أكبر وهي الدعم لمُحرقي القرآن الكريم.
من هنا نفهم لماذا قامت الحكومة السويدية بسجن "حميد نوري" والذي حسب زعم المنافقين الارهابيين لـ17 ألف مواطن بريء إيراني.