طور جديد للتحالف الإيراني-السوري
ما رسائل زيارة السيد رئيسي لدمشق؟
فيما إختتم رئيس الجمهورية آية الله السيد ابراهيم رئيسي زيارته التي إستمرت لمدة يومين إلى سوريا، تحوّلت أنظار المتابعين في المنطقة والعالم نحو أهميتها والرسائل التي تحملها، إذ يرى الجميع أن الزيارة حملت ربما أهم الرسائل الإيرانية إلى المنطقة والعالم، لا سيما أنها جاءت بعد إنتصار سوريا بجيشها ومحور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الإرهاب خلال العقد الأخير.
فعلاوة على الإتفاقيات الإقتصادية والتجارية التي جرى توقيعها بين ايران وسوريا لا سيما الـ 15اتفاقية تعاون مشترك بين البلدين وبإشراف كل من رئيس الجمهورية آية الله السيد ابراهيم رئيسي والرئيس السوري بشار الأسد، طوت هذه الزيارة صفحات الحرب القاتمة، معلنة فتح صفحة الاعمار والتعاون الشامل. تعاون هو الأول في تاريخ العلاقات الثنائية، من حيث حجمه واتساع مجالاته، حمل العديد من الابعاد والنتائج التي ركّزت على المجال الاقتصادي.
رسالة سياسية شعارها الإنتصار
فالرسالة الأهم للزيارة هي رسالة سياسية شعارها الإنتصار على المحور الشيطاني بقيادة أمريكا في المنطقة، إذ لا يختلف إثنان اليوم بأن ماحصل في سوريا كان حرباً شعواء بربرية إستهدفت محور المقاومة الذي صعد نجمه بشكل كبير في المنطقة، لا سيما وأنه الخطر الأكبر على الكتلة السرطانية الصهيونية في منطقتنا. تم اتخاذ قرارات جيدة بشأن بعض المشاكل التي تعترض التعاون بين ايران وسوريا، خصوصا تلك التي تعترض عمل الناشطين الاقتصاديين. وتم إصدار قرارات في ايران بشان الضمانات المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية. هذه الزيارة ستشكل منعطفا ايجابيا وجيدا لتنمية العلاقات بين البلدين.
إنجازات عديدة
إنجازات اقتصادية عدة كان منها تصفير التعرفة الجمركية بين البلدين، والاتفاق على تسهيل الزيارات للزوار الايرانيين والتعامل بالعملتين الوطنيتين بعيدا عن النقد الأجنبي؛ وتعزيز التعاون التجاري في القطاع الخاص. وتوقيع اتفاقيات كان أهمها مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد بين البلدين، شملت مجالات النفط والزراعة والسكك الحديد والمناطق الحرة والطيران المدني وهندسة الزلازل والاتصالات وتقانة المعلومات. أما المجال الدفاعي، فقد تم التركيز على الاعتداءات والتحركات المعادية في المنطقة لاسيما لإيران وسوريا، والتأكيد على رسالة طهران في محورية القضية الفلسطينية في سياستها.
رسالة وحدة وثبات على المواقف
رسالة وحدة وثبات على المواقف، وصل فحواها إلى من يعنيه الأمر إقليميا، عبر اللقاء الذي أجراه آية الله إبراهيم رئيسي مع علماء بلاد الشام، وقادة فصائل المقاومة الفلسطينية في دمشق، الذي أكد خلالهما على أن القضية الفلسطينية وتحرير القدس قضية رئيسية للعالم الاسلامي يجب ألاّ تنسى، علاوة على أهمية لقاءاته الشعبية في كل من الحميدية بالعاصمة دمشق والصلاة التي أجراها مع المواطنين والمسؤولين في الجامع الأموي، كما حملت لقاءاته الشعبية وشكره لعائلات الشهداء في كل من مرقد السيدة زينب عليها السلام والسيدة رقية في العاصمة السورية.
زيارة رئيسي إلى دمشق، وما حملته من رسائل للحلفاء والخصوم معا، تضع العلاقات الثنائية في مرحلة جديدة، مرحلة تتخطى مستوى التعاون، وترسم شكلا جديدا للتحالف، وتضخ دما جديدا في المحور؛ زيارة رسالتها الأولى انتصار محور المقاومة عبر صمود دمشق.
منعطف في توسيع العلاقات
رسائل أوضحها رئيس الجمهورية لدى عودته قادما من دمشق الى طهران بعد أن أجرى جلسة مباحثات مع الرئيس السوري قبيل مغادرته دمشق في ختام زيارته إلى سوريا على رأس وفد وزاري رفيع، حيث أعرب السيد رئيسي عن "خالص امتنانه وتقديره لنظيره السوري الرئيس بشار الأسد والمسؤولين والشعب السوري للترحيب الحار وكرم الاستضافة"، متقدماً بدعوة رسمية للأسد للقيام بزيارة رسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وشدد الرئيسان في مباحثاتهما على تفعيل كل التفاهمات والمقترحات التي تمت مناقشتها خلال الزيارة، ووضعها موضع التنفيذ بما يخدم العلاقة بين البلدين والشعبين، وعلى استمرار التنسيق والتشاور في مختلف المجالات.
إيران ركيزة قوية
حيث قال: إن الشعب السوري وشعوب المنطقة يعتقدون اليوم أن إيران ركيزة قوية يمكنهم الاعتماد عليها والثقة بها. وتحدث رئيسي عن نتائج زيارته الى سوريا التي استغرقت يومين، واصفا هذه الزيارة بانها ذات اهمية كبيرة للبلدين كونها تأتي بعد 12 عاما من صمود الشعب السوري وحكومته بدعم من الجمهورية الاسلامية بوجه مؤامرات وفتن الأعداء. وأكد ان هذه الزيارة تمثل انعطافة في توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية والأمنية بين ايران وسوريا.
وتابع رئيسي قائلا: ان تغير الظروف لصالح الشعب السوري والمنطقة بات مشهودا بعد 12 عاما من المقاومة، مضيفا: ان ايران وسوريا تمتلكان فرصا وظروفا جيدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري، عن طريق تأسيس مصرف وشركات تأمين مشتركة وتصفير التعرفة التجارية بين البلدين ، وكذلك توسيع اعمال الترانزيت بين ايران والعراق وسوريا.
واشار رئيسي الى ان وثائق التعاون التي وقعت بين البلدين تضمنت ايضا مساهمة ايران في تحسين القطاع الزراعي السوري وقطاعي الصناعة والطاقة وتسهيل السياحة والسفر لمواطني البلدين.
وتطرق رئيسي الى لقاءاته العفوية مع ابناء الشعب السوري في بداية الزيارة وفي سوق الحميدية بدمشق، وقال: ان هذه اللقاءات كشفت علاقة السوريين الحميمة بالجمهورية الاسلامية واحترامهم وتقديرهم لقائد الثورة.
بيان مشترك على تعزيز التعاون
وأكدت الجمهورية الاسلامية الايرانية وسورية في بيان مشترك في ختام زيارة الرئيس رئيسي بدعوة من الرئيس السوري بشار الأسد، على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية على أساس العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين، وضرورة احترام السيادة الوطنية والاستقلال والحفاظ على وحدة أراضي الدولتين، وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وفيما يلي النص الكامل للبيان:
تلبية للدعوة الرسمية من رئيس الجمهورية العربية السورية الرئيس بشار الأسد قام رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور إبراهيم رئيسي بزيارة رسمية إلى الجمهورية العربية السورية يومي الأربعاء والخميس الثالث والرابع من شهر أيار 2023، وناقش خلال اللقاءات التي أجراها مع كبار المسؤولين السوريين سبل توسيع وتعزيز العلاقات الثنائية، وآخر المستجدات في المنطقة والأوضاع على الصعيد العالمي.
أجرى الرئيسان مباحثات معمقة ركزت على سبل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية على أساس العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدين، فضلاً عن مناقشتهما آخر المستجدات على مستوى المنطقة والعالم.
وأكد الجانبان على ضرورة احترام السيادة الوطنية والاستقلال والحفاظ على وحدة أراضي الدولتين وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. وأكد الجانبان على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية من خلال استمرار التعاون السياسي والاقتصادي والقنصلي ومجالات التعاون الأخرى، فضلاً عن استمرار زيارات الوفود رفيعة المستوى بين البلدين. وأعرب الجانبان عن استعدادهما ورغبتهما باتخاذ كل الإجراءات لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين من خلال الآليات القائمة بما فيها اللجنة العليا المشتركة، كما أكدا على التعاون القائم بينهما فيما يتعلق بإعادة إعمار الجمهورية العربية السورية.
كما عبر الجانبان عن ارتياحهما للتعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مشددين على استمرار التعاون المشترك من أجل القضاء على جميع الجماعات الإرهابية بشكل نهائي.
الإعتداءات الصهيونية
واستنكر الجانبان بشدة الاعتداءات التي ينفذها الكيان الصهيوني على سوريا معتبرين إياها عاملاً مزعزعاً للاستقرار في المنطقة، وأكد الجانبان على حق سورية المشروع في الرد على هذه الاعتداءات بالطريقة المناسبة.
كما رحب الجانبان بالتطورات السياسية الإيجابية في المنطقة. وثمّن الجانبان دماء الشهداء الذين ضحوا لأجل انتصار سورية في حربها ضد الإرهاب.