زيارة الرئيس الإيراني التاريخية... معاني ودلالات
الوفاق/خاص
ماهر الطاهر
وصل اليوم الأربعاء إلى دمشق في زيارة رسمية لافته السيد ابراهيم رئيسي رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية على رأس وفد سياسي واقتصادي كبير.
وسيلتقي خلال زيارته بعد لقاءاته الهامة مع السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية مع وفد يضم قادة الفصائل الفلسطينية بما يؤكد اهتمامه العميق بقضية فلسطين وكفاح شعبها المقاوم.
لقد كان لنا شرف اللقاء والتعرف على السيد ابراهيم رئيسي قبل أن يتم انتخابه رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال انعقاد مؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران قبل سنوات عديدة، وكان رئيساً ومشرفاً على أعمال هذا المؤتمر.
كما كان لنا شرف اللقاء مع سيادته عندما تم دعوة قادة الفصائل الفلسطينية لحضور مراسم أداء القسم وتسلم موقع رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبكل صدق نقول إننا أمام إنسان يعيش قضية فلسطين بعقله وقلبه ووجدانه، مجسداً مبادئ الثورة الإسلامية
الإيرانية.
لا شك أن زيارة الرئيس الإيراني التاريخية لدمشق تحمل الكثير من المعاني والدلالات العميقة في توقيتها ومضمونها وتأثيراتها على مستوى العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين سوريا وايران وانعكاساتها على مجمل الأوضاع في عموم المنطقة خاصة بعد التطورات الهامة والتحولات السياسية العميقة إقليمياً ودولياً.
إن هذه الزيارة تأتي في ظل تحولات استراتيجية عميقة تترجم وتجسد مفهوم وحدة الساحات وتجسد مفهوم وحدة وتناسق عمل محور المقاومة الذي يتصاعد ويتنامى يوماً بعد يوم، وهو الأمر الذي خلق أعلى درجات القلق في كيان العدو الصهيوني خاصة عندما أعلن رئيس الموساد الاسرائيلي قبل أسابيع "إنه قد حان الوقت لأن يفهم الجمهور في (إسرائيل) ويدرك أن هناك تآكلاً مستمراً للردع الإسرائيلي وعملية تغيير في ميزان القوى الاستراتيجي
في المنطقة".
كما تأتي هذه الزيارة للسيد رئيسي في ظل أزمة وجودية يعيشها الكيان الصهيوني وصراعات داخلية حادة وغير مسبوقة، الأمر الذي يؤكد ما قاله سماحه السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله المقاوم قبل سنوات بأن الكيان الاسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت.
كذلك تأتي هذه الزيارة في توقيت دقيق تتصاعد فيه المقاومة الباسلة في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصه في الضفة الفلسطينية التي تؤسس لمرحلة جديدة من كفاح الشعب الفلسطيني، فنحن أمام جيل من الشباب الفلسطيني الذي يفرض كل يوم وقائع ميدانية على الأرض يمتلك طاقة مقاومة هائلة تراكمت على مدى قرن من الصراع، ونحن أمام أبطال بكل معنى الكلمة يصنعون الأحداث ويرسمون معالم مرحلة جديدة في تاريخ الصراع تؤسس لبناء حركة وطنية فلسطينية جذرية تعيد الاعتبار لمعنى فلسطين وتحرير كل ذرة من ترابها.
كما تكتسب الزيارة أهميتها من حيث توقيتها ومعانيها ارتباطاً مع التطورات الهامة والعميقة على المستويين الإقليمي والدولي وخاصة توقيع الاتفاق الايراني - السعودي برعاية الصين، وعودة العلاقات الدبلوماسية بما يعنيه ذلك من انعكاسات على مجمل الملفات في المنطقة في سوريا ولبنان واليمن وفلسطين، وكذلك التحولات على المستوى الدولي وتراجع الهيمنة الأمريكية على المنطقة وعلى العالم والانتقال إلى نظام عالمي متعدد
الأقطاب.
ولا شك أن مجمل هذه التطورات التي تحيط بزيارة الرئيس الإيراني لا يمكن عزلها عن صمود الثورة الإسلامية الإيرانية وصمود الشعب الفلسطيني وصمود سوريا وشعبها وجيشها الباسل وقيادتها الشجاعة وصمود المقاومة اللبنانية والشعب اليمني العظيم وشعب العراق الشقيق، وسيسجل التاريخ أن الثورة الإسلامية الإيرانية قد شكلت السياج الحامي والسند الحقيقي لكل قوى المقاومة في عموم المنطقة.
تأتي زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى دمشق في ظل الصمود الكبير والنجاحات التي حققتها سوريا في تصديها لمؤامرة كونية كبيرة تمكنت بدماء شعبها وجيشها الباسل وقيادتها الشجاعة من إحباط أهدافها العدوانية الخبيثة.
كما تأتي في ظل فشل المحاولات الأمريكية - الصهيونية عبر السنوات الماضية لحرف الصراع في المنطقة وخلق ناتو عربي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزرع بذور الفتن الطائفية والمذهبية في المنطقة.
إننا على ثقة بأن زيارة السيد رئيسي التاريخية لدمشق سيكون لها نتائج سياسية كبيرة على صعيد تنامي وتصاعد قوة محور المقاومة بجميع أطرافه وفي القلب قضية فلسطين، كما سيكون لها نتائج هامة سياسية واقتصادية في دعم صمود سورية وتعميق العلاقات الاستراتيجية الإيرانية - السورية التي تشكل صخرة صلبة في مواجهة المخططات الأمريكية الصهيونية في عموم المنطقة.