يتابعها الشعب الإيراني بحفاوة
الدراما العربية في إيران.. إقبال أم إدبار؟
الوفاق/ خاص - الدراما دائماً تستقطب جمهورها الخاص بها، ولكن في يومنا هذا أصبحت أحد أدوات الفنون التي تُستخدم في الحرب الثقافية الناعمة التي تدور بين الدول، فمنها المسلسلات التي تقوم بدعم المقاومة أو قضية فلسطين التي أصبحت عالمية، في حين بعضها تقوم بتبييض وجهة الكيان الصهيوني المحتل والتطبيع مع هذا الكيان المحتل، ولكن ما يلفت النظر في هذه الأجواء هو، ما هي ردود فعل المشاهدين والمجتمع حول هذه المسلسلات؟
السنة الإيرانية الجديدة في هذا العام تزامنت مع شهر رمضان المبارك، وعادة ما يتم بث المسلسلات في هذه الأيام، فقامت قناة "الأفق" الإيرانية بعرض مسلسل "التغريبة الفلسطينية"، كما أن القناة الخامسة في التلفزيون الإيراني قامت ببث مسلسل "هجمة مرتدة"، وكلّ يتطرق إلى موضوعه الخاص، فبهذه المناسبة نقدّم لكم نبذة عن هذين المسلسلين وردّات الفعل التي واجهتها في إيران وعلى المستوى العالمي.
التغريبة الفلسطينية
التغريبة الفلسطينية مسلسل دراما تاريخي سوري باللغة العربية واللهجة الفلسطينية، يُعد واحداً مِن أشهر ما أنتجته الدراما العربية في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية حسب العديد من النقاد؛ نال المسلسل العديد من الجوائز مِن عدة دول عربية مختلفة، ويسلط المسلسل الضوء على حقبة هجرة الفلسطينيين من أراضيهم، ويرد على واحدة من أشهر المزاعم العربية بشأن الفلسطينيين وانهم باعوا أرضهم أو حتى خرجوا منها.
أنتجته شركة سوريا الدولية للإنتاج الفني، وجرى تصويره بالكامل في سوريا عام 2004م، وبُث للمُشاهد في نفس العام عَبر 31 حلقة، طوال شهر رمضان عام 1425 هـ، فكان أول عرضٍ له في 15 أكتوبر 2004م، وكما ذكرنا في إيران أيضا تم عرضه قبل فترة.
وشارك بالعمل العديد من الفنانين والأشخاص من سوريا وفلسطين والأردن، ووصل عددهم إلى نحو 1000 شخص لإضفاء واقعية وخلق مناخ طبيعي للمشاهد. ونظراً لأهمية العمل رغب بعض الممثلين الأردنيين بالانضمام للعمل مجاناً لإتقانهم اللهجة الفلسطينية.
قصة "التغريبة الفلسطينية"
يروي المسلسل قصة أُسرة فلسطينية فقيرة تُكافح مِن أجل البقاء في ظل الانتداب البريطاني ثمّ خِلال الثورة الفلسطينية الكبرى، وفي خِيم اللجوء بعد النكبة، حيث تُلخص الأحداث التي مرت بها هذه الأسرة حقبةً تاريخية هامة في حياة الفلسطينيين امتدت ما بين ثلاثينيات وستينيات القرن العشرين مروراً بالعديد من الأحداث الهامة، حتى نكسة يونيو عام 1967م، وكيفية صمود أفراد الأسرة على الرغم مما واجهوه من أخطار الحرب، وقد حاول طاقم العمل تجسيد الشخصيات وتوثيق المعاناة بشكل قريب من الواقع.
أهمية المسلسل والتركيز على المناضلين
تكمن أهمية العمل في أنه نشّطَ الذاكرة الفلسطينية وصنعَ مخزوناً قِيمياً يبقى للأجيال القادمة، بعدما راهن الاحتلال الصهيوني على طمس الذاكرة الفلسطينية من عقول الأجيال المتعاقبة.
لم يلخص فقط تاريخ تلك المرحلة، بل استعرض كذلك الحياة الإجتماعية الفلسطينية بأطيافها وطبقاتها المختلفة، إذ تميز بتنوع شخصياته، فضم الفلاح والعامل والشاعر والمثقف والثائر والإقطاعي وحتى الخائن لوطنه.
وهو يقدم المأساة الفلسطينية في صيغة قريبة من فهم شرائح واسعة من الجمهور العربي تعجز وسائل تعبيرية أخرى عن إيصالها وهو ما من شأنه أن يساهم في حفظ الذاكرة الفلسطينية أمام المؤامرات والتشويه التاريخي الذي يعمل عليه الاحتلال الصهيوني من خلال الدعاية الصهيونية.
كلمات الشارة في المسلسل أيضاً هي للشاعر الفلسطيني الراحل "إبراهيم طوقان" وهي جزء من قصيدة "الفدائي" من ديوان "فلسطين".
ردّات الفعل في إيران والعالم العربي
حصل المسلسل على إشادة من النقاد ومراجعاتٍ إيجابية، وحصل الممثلون الرئيسيون على مديح أيضاً وفازوا بعدد من الجوائز. ووصفه البعض بأنه "أيقونة دراما القضية"، واعتبروه من أفضل المعالجات الدرامية للقضية الفلسطينية.
وبشهادة العديد من النقاد فإن هذا المسلسل يعتبر من الأعمال القليلة التي استطاعت تقديم مختلف تفاصيل "النكبة" وتقديم الفلسطينيين بطباعهم، وهواجسهم، وخيباتهم، ومكابداتهم، وأتراحهم، وأفراحهم، ولهجاتهم وتنوع ملابسهم وطعامهم.
استطاع المسلسل أن يلامس جوهر القضية الفلسطينية وقامت العديد من القنوات ببث المسلسل على شاشته، ولكن للأسف بعض القنوات العربية قامت بإيقاف عرض المسلسل على قنواتها حيث واجهت ردّات فعل كثيرة، واعتبروها بأنها تعمل من أجل التطبيع مع الإحتلال الصهيوني، وردّات الفعل التي كانت من قبل الجمهور أدت إلى عودة ظهور مسلسل "التغريبة الفلسطينية" بصفته مسلسلاً يفضح دراما التطبيع
في عام 2020.
وأما في إيران حسب إحصائيات دائرة العلاقات العامة في الإذاعة والتلفزيون فقط واجه المسلسل إقبالاً حيث طالب المتلقون إعادة عرض المسلسل، وقاموا بتقدير المسؤولين لعرض المسلسل، في حين عدد قليل عبّروا عن عدم موافقتهم على المسلسل، وهذه روحية إيجابية لدعم القضية الفلسطينية التي تجري في شرايين جميع أحرار العالم.
نرى أن أحد المشاهدين هكذا يبدي رأيه ويقول: لقد كان مسلسلاً مثيراً للإهتمام، لقد أحببت حقاً إيمان الأسرة القوي، أبو صالح ومظلومية أبوصالح والشعب الفلسطيني وقساوة البريطانيين كان واضحاً، القدس لنا واللعنة على اللصوص والاستعمار، يعيش الإسلام والقرآن.
مسلسل "هجمة مرتدة"
هجمة مرتدة هو مسلسل تلفزيوني مصري تم عرضه في شهر رمضان لعام 2021، المسلسل مأخوذ عن أحد ملفات المخابرات العامة المصرية، بطولة أحمد عز وهند صبري وهشام سليم ومن تأليف "باهر دويدار" وإخراج "أحمد علاء الديب"، مبني على ملفات المخابرات العامة المصرية.
قصة المسلسل
تدور أحداث المسلسل المأخوذة من الملفات الحديثة للمخابرات المصرية، حول شاب مصري يعمل في الخارج ويحاول التواصل مع جهاز المخابرات بعد محاولة تجنيده من قبل استخبارات دولة أجنبية، ويبدأ بعد ذلك التدريب على يد مسؤولين من المخابرات المصرية ليتمكن من خداع الجهات المعادية. ويحتوي هذا المسلسل على 30 حلقة وتدور قصته في عام 2007. بطلا الهجوم المضاد هما "سيف" و "دينا".
إنهم ينخرطون في سلسلة من العمليات السرية تهدف إلى كشف المؤامرات الإرهابية والإرهابيين الذين يخططون لتقسيم العالم العربي ونشر القاعدة في
العالم.
تطرقت الحلقة الأولى والثانية من أحداث المسلسل إلى "الزرقاوي" قائد تنظيم القاعدة بالعراق، ليشرح العمل ردة فعل جهاز المخابرات المصرية على ذلك، ومحاولتهم بكل السبل الوصول إلى اسم أمير التنظيم الجديد بمهمة يتم إسنادها إلى أحمد عز "سيف العربى"، وزملائه "أسامة وأشرف"، وهو الأمر الذى يحاولا الاقتراب منه رغم الصعوبات الكبيرة الذي يظهرها العمل، وخلال تلك الرحلة يستكشفان
أسراراً أخرى.
"هجمة مرتدة" في إيران
أثار المسلسل المصري "هجمة مرتدة" ردود أفعال متباينة ونرى على بعض المواقع يقولون: حقق مسلسل "هجمة مرتدة" ردة فعل مبشرة وحتى قبل إصداره شهد صدى واسعا من الجمهور، فيعتقد البعض أن في جو من الإثارة والتشويق، يحاول سيف وأعضاء فريقه إحباط عمليات ومخططات إرهابية تسعى قوى خفية لتنفيذها لتقسيم المنطقة والسيطرة على ثرواتها.
أما في إيران أيضاً نرى أنه حسب إحصائيات دائرة العلاقات العامة في الإذاعة والتلفزيون الإيراني هذا المسلسل يواجه انتقاداً أكثر بالنسبة لمسلسل "التغريبة الفلسطينية"، وبما أن هناك يطلبون البعض إعادة عرضه، ولكن الغالبية يقوم بنقد المسلسل، فعندما نقوم بالقياس بين المسلسلين نرى أن المشاهدون يدعمون قضية فلسطين والمقاومة الفلسطينية التي تواجه التطبيع، ومن جهة أخرى نظراً إلى الإحصائيات التي ذكرناها نرى أن الدراما العربية في إيران تواجه الإقبال الكبير وقضايا الأمة العربية يتابعها الشعب الإيراني.