عدم وجود ميزان تجاري؛ أحد عقبات زيادة التعاون الثنائي
ما هي معوّقات العلاقات الإقتصادية الإيرانية - السورية؟
الوفاق/ خاص
سيد حسن محفوظي
تعاون إيران وسورية مع بعضهما البعض في مختلف القضايا وعلى مستويات مختلفة خلال السنوات الماضية، من المواضيع التي طالما أكدت عليها حكومات البلدين في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية.
على الرغم من أنه خلال هذه السنوات وأثناء زيارات المسؤولين الإيرانيين والسوريين لبعضهما البعض، تم توقيع اتفاقيات لزيادة مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، إلا أن هذه العلاقات لا تزال غير مقبولة وبعيدة عن الوضع المثالي.
في غضون ذلك، هناك تحديات على طريق تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين ايران وسورية، ومن الواضح أنه إذا لن يتم حل هذه العقبات والتحديات، لا ينبغي أن نتوقع قفزة في مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين.
تحديد القضايا ذات الأولوية ومتابعة إنهائها
من أهم معوقات زيادة مستوى التعاون بين البلدين عدم متابعة الاتفاقيات الموقعة والمعلنة في الاجتماعات الرسمية؛ لكن لم يتم تعيين جهة معينة لتنفيذها، أو في حالة وجود جهة، لا يوجد طلب من حكومتي البلدين للتوصل إلى نتيجة في هذا الشأن.
على سبيل المثال، يمكن الإشارة إلى الاتفاقيات بين البلدين في السنوات الماضية، مثل "اتفاقية إنشاء البنك الإيراني - السوري المشترك"، "إلغاء إستثناء 88 بنداً من التجارة الحرة لإيران وسوريا" و"تعاون إيران في تشغيل الموانئ والمناطق الحرة في سوريا"، واتفاقيات مماثلة أخرى تتكرر في الزيارات المختلفة للمسؤولين الإيرانيين والسوريين؛ ورغم توقيع بعض الاتفاقيات لأكثر من عشر سنوات، لم يتم تنفيذها بعد.
لذلك، يبدو أن من المهام الرئيسية لمسؤولي البلدين تحديد القضايا ذات الأولوية وتحديد جهة معينة نيابة عن كل دولة لتنفيذها.
يقترح أن يتم تعيين لجنة تطوير العلاقات الاقتصادية الإيرانية - السورية، وهو هيكل يشرف عليه النائب الأول لرئيس الجمهورية، ليكون المسؤول الرئيسي لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
في المرحلة الأولى، على لجنة تطوير العلاقات الاقتصادية بين إيران وسوريا أن تحصي معوقات تنفيذ الاتفاقيات السابقة؛ وفي المرحلة التالية، متابعة إزالة العقبات من مختلف المؤسسات، بحيث تنتقل اتفاقيات البلدين من مرحلة التوقيع والتفاهم المبدئي إلى مرحلة التنفيذ والتشغيل.
إزالة معوقات العلاقات المصرفية والمالية
بشكل عام، لتشكيل التجارة الدولية بين المستوردين والمصدرين، هناك ثلاثة متطلبات أساسية للبنية التحتية، بما في ذلك "البنى التحتية القانونية والتنظيمية"، "البنى التحتية لنقل البضائع" و"البنى التحتية للتبادل المالي". في الواقع، من أجل لعب دور في تطوير وتسهيل التجارة، يجب على الحكومات النظر في التدابير التي تؤدي إلى تحسين البنى التحتية هذه.
تعتبر العلاقات المصرفية والمالية من البنى التحتية الأساسية لتنمية التجارة، وتزداد أهمية هذه المسألة فيما يتعلق بإيران وسوريا.
وفي هذا السياق، يُقترح أن يقوم بنك إيراني وبنك سوري، بدعم من حكومتي البلدين، بإقامة علاقات وساطة مع بعضهما البعض، وتحويل جميع المدفوعات التجارية للبلدين إلى هذه القناة.
في هذه الحالة، سيتم توفير تقديم الخدمات المصرفية، بما في ذلك تبادل الأموال التجارية بين البلدين، والقروض التجارية بالريال والليرة، وخطابات الاعتماد، والضمانات المصرفية، وربط شبكة الدفع بالبطاقات الصغيرة وإبرام الثنائية، كما سيتم توفير الاتفاقيات النقدية.
تطوير النقل البري والبحري والجوي
تلعب سهولة السفر والتواصل بين المواطنين ورجال الأعمال في إيران وسوريا دوراً مهماً في تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين. في الواقع، يجب على الحكومة توفير منصة حتى يتمكن مواطنو البلدين من السفر بسهولة بحيث يكون هذا الاتصال أساساً لتشكيل العلاقات التجارية الثنائية.
على الرغم من حقيقة أنه يمكن لمواطني البلدين السفر حالياً إلى الدولة الأخرى دون الحصول على تأشيرة، إلا أن هناك عقبات مثل قلة عدد الرحلات الأسبوعية، وارتفاع تكلفة شراء التذاكر في بعض أيام السنة، واحتكار شراء التذاكر من خلال وكالات طيران محددة، وعدم القدرة على شراء التذاكر عبر الإنترنت، من التحديات التي على الحكومة الإيرانية حلّها.
من ناحية أخرى، فان السعي لتنظيم الطريق المباشر للسفن من إيران إلى سوريا وإقامة طريق بري (بري وسكك حديد) بين إيران والعراق وسوريا من الأمور التي إذا تم تفعيلها ستحسن من حركة السفن وجودة البنية التحتية لنقل البضائع وعبورها، ونتيجة لذلك سيرتفع مستوى التجارة بين البلدين، ولا يمكن إنكار دور حكومتي إيران وسوريا في تنفيذها.
تنمية التجارة بمقاربة التوازن التجاري
حالياً، الميزان التجاري بين إيران وسوريا إيجابي بالنسبة لإيران. يعد عدم وجود ميزان تجاري بين البلدين أحد العقبات الخطيرة أمام زيادة التعاون التجاري بينهما. من ناحية أخرى، لا تمتلك سوريا حالياً القدرة على توفير السلع المستوردة التي تحتاجها الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في هذه الحالة، من الضروري للجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال تحديد أولويات الاستثمار في الصناعات السورية المختارة، توفير شروط تواجد الشركات الإيرانية كشركاء للمؤسسات الاقتصادية السورية من خلال تسهيل الاستثمار وتطوير القدرة الإنتاجية للمصانع والشركات السورية، شروط زيادة الواردات من هذا البلد وحتى زيادة الصادرات السورية إلى دول أخرى.
من ناحية أخرى، ينبغي إدراج تطوير السياحة كأحد مصادر عائدات النقد الأجنبي في جدول أعمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحيث يزور المزيد من السائحين الإيرانيين سوريا كل عام. كذلك، إذا تم تسهيل الدفع في سوريا من خلال التعاون المصرفي بين البلدين في مجال شبكة المدفوعات الصغيرة، فمن المتوقع أن يزداد دخل سوريا من العملات الأجنبية، الأمر الذي سيلعب دوراً فعالاً في معادلة تجارة السلع والخدمات في البلدين.