بعد عودة العلاقات بين إيران والسعودية
مسار تجاري جديد مع جار آخر
مع عودة العلاقات بين إيران والسعودية، تم التمهيد لمسار تجاري جديد مع جار آخر، مما يدل على إصرار الحكومة الإيرانية على تحقيق أهدافها التجارية من خلال تطوير التجارة مع الدول المجاورة، الذي شهد قفزة خلال العام الإيراني الماضي.
فقد تم في الأيام الأخيرة من شهر مارس الماضي، نشر نبأ الإتفاق بين إيران والسعودية بوساطة الصين لإعادة العلاقات، وهو الذي مهّد الطريق لسياسة جديدة في علاقات إيران مع دول الجوار.
الجيران.. أولوية
في بداية الحكومة الثالثة عشرة، أكد رئيس الجمهورية آية الله إبراهيم رئيسي أنه من أجل تطوير التجارة ثم تحسين الوضع الاقتصادي، يجب أن نعطي الأولوية لجيراننا، لأن الدول المجاورة يمكن أن تساعدنا في العبور من الممرات الصعبة.
بناء على ذلك، وقعت إيران إتفاقيات واسعة النطاق مع دول الجوار، من التبادل المالي بدون الدولار إلى تخفيض الرسوم الجمركية إلى صفر بالمائة مع دول الجوار. ونتيجة لذلك أيضاً في العام الماضي، حققت ايرانية تبادلاً تجارياً بقيمة 100 مليار دولار.
المفاوضات مع السعودية
الإجراء المهم الآخر الذي كان لابد من إتمامه على المستوى الحكومي هو المفاوضات مع السعودية، والتي اختتمت بوساطة الصين. وفي 19 مارس من العام الإيراني الماضي، نقلت وسائل الإعلام على نطاق واسع الإتفاق بين البلدين وأصبح عنواناً إخبارياً عالمياً.
بالنظر إلى أن هذه الاتفاقيات تنص على أنه بعد سبع سنوات، ستستأنف العلاقات الدبلوماسية خلال شهرين، بما في ذلك إعادة فتح السفارات في البلدين، وأن هذه الإجراءات السريعة تشير إلى أن شروط استئناف المبادلات التجارية بين طهران والرياض، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الأعمال التجارية.
ويمكن رؤية هذه التغييرات حتى قبل بدء المفاوضات، لأنه منذ بداية العام حتى 10 يناير الماضي، تم تصدير أكثر من 30 ألفاً و791 طناً من البضائع بقيمة 14 مليوناً و710 آلاف و331 دولاراً إلى السعودية، والتي كان في الأعوام السبعة الماضية غير مسبوق. أدى نشر خبر إستئناف العلاقات بين إيران والسعودية إلى خفض سعر الصرف في السوق الإيرانية، لهذا السبب فان تطبيق الدبلوماسية الاقتصادية مع السعودية يمكن أن يحول هذا البلد إلى سوق مهمة في الجوار.
الطاقة التجارية
وبحسب دراسات وآفاق التجارة بين البلدين، تبلغ الطاقة التجارية لإيران والسعودية حوالي ثلاثة مليارات دولار، ومن الضروري التخطيط للاستفادة من إجمالي تجارة هذا البلد في السنتين المقبلتين، مما سيخلق قفزة كبيرة في اقتصاد البلاد. ومن السلع التي يمكن إدراجها في قائمة صادرات إيران للسعودية المنتجات الزراعية، وبسبب الظروف الجوية الجافة وغير المؤاتية لهذا البلد، فيعتبر من أكبر مستوردي المنتجات الزراعية والغذائية في منطقة غرب آسيا. وعلى الرغم من السياسة التي تم تطويرها لزيادة مستوى المعرفة بالإنتاج الزراعي وتطوير شبكات الري وتوسيع مرافق التخزين لتطوير القطاع الزراعي، إلا أن إنتاج منتجات استراتيجية مثل القمح يواجه عدة عوائق؛ وفي هذا الصدد، يمكن لإيران أن تتخذ خطوة كبيرة نحو زيادة حصة الصادرات إلى هذا البلد.
البتروكيماويات والأدوية والمعادن ومنتجات الصلب والمعرفة الزراعية والتعاون القائم على المعرفة وإرسال التكنولوجيا والمعرفة التقنية والهندسية هي تدابير أخرى يمكن أن توفر تنمية الصادرات الإيرانية إلى هذا البلد.
وبحسب إعلان مصلحة الجمارك الإيرانية في عام 2019، كان الميزان التجاري بين إيران والسعودية 44 مليوناً و700 ألف دولار، أي من إجمالي حجم التبادل بين البلدين تبلغ حصة إيران من الواردات 70 مليوناً و400 ألف دولار، وحصة التصدير 115 مليوناً و100 ألف دولار.
وفي عام 2012، وبسبب انخفاض مستوى التجارة بين البلدين، بلغت واردات إيران من السعودية نحو 44 مليوناً و200 ألف دولار، وبلغت الصادرات نحو 91 مليوناً و400 ألف دولار، و200 ألف دولار من عام 2011 مازالت إيجابية بالنسبة لإيران. يذكر أن صادرات إيران إلى السعودية ارتفعت في عام 2013 بشكل طفيف إلى 110 ملايين و400 ألف دولار، بالمقابل استوردت إيران 39 مليوناً و500 ألف دولار من البضائع من السعودية.
وتم تسجيل أعلى قيمة تداول بالدولار بين إيران والسعودية في عام 2014 قبل عام من إنهاء العلاقات التجارية بين البلدين، وفي ذلك العام بلغت القيمة الإجمالية للتجارة بالدولار 212 مليون دولار، منها قيمة الواردات من السعودية حوالي 78 مليون دولار، والصادرات 134 مليون دولار، وبعد ذلك لم تكن هناك تجارة بين البلدين منذ سبع سنوات، وكانت الإحصائيات تساوي الصفر.
نقلة نوعية
ومع تسارع إعادة العلاقات والجهود التي بذلت الشهر الماضي لتهيئة الظروف لتنمية العلاقات، هناك أمل في أن يشهد هذا العام نقلة نوعية في التبادل التجاري بين البلدين.
يظهر هذا الاتجاه أن الحكومة كانت وفية لوعدها بتطوير العلاقات مع الدول المجاورة من أجل تقليل حاجة البلاد إلى الغرب وتوسيع علاقاتها التجارية مع الدول المجاورة، والتي يمكن أن توفر الوصول إلى أسواق الدول الثالثة. من ناحية أخرى، تقلل هذه العملية من اعتماد الحكومة والاقتصاد الإيراني على الدولار، الأمر الذي يمكن أن يحسن الوضع الحالي ويقلل من أسعار صرف الدولار واليورو؛ وبناء على هذا الأساس، سيؤدي الازدهار التجاري مع دول الجوار إلى تحسّن اقتصاد البلاد.