الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وعشرون - ٢٩ أبريل ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان واثنان وعشرون - ٢٩ أبريل ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

د. رُلى فرحات بمناسبة اليوم العالمي للمستشار النفسي:

الإكتئاب إضطراب وفقدان الرغبة من ممارسة الفعاليات اليومية

سهامه مجلسي
الصحة النفسية وفقاً لمنظمة الصحة العالميّة تعني الحياة التي تتضمّن الرفاهيّة والاستقلال والجدارة والكفاءة الذاتيّة بين الأجيال وإمكانات الفرد الفكريّة والعاطفيّة. كبرنا ونحن نسمع مقولة العقل السّليم في الجسم السّليم، واليوم نقول الجسم السّليم في النفسيّة السويّة والسليمة في مختلف مراحل حياة الإنسان، من الطفولة حتى الشيخوخة مرورا بالمراهقة والرّشد. تتعدّد الأسباب والنّتيجة واحدة «اضطرابات وأمراض نفسيّة تنعكس سلباً على صحة الإنسان العقليّة والجسديّة وكذلك على عائلته ومحيطه ومن ثمّ مجتمعه. ومن هنا كان لا بّدّ من التّركيز على أهميّة الصّحة النفسيّة والعمل على كسر القيود المجتمعيّة الباليّة بوصم المرض النّفسي بالعار من خلال نشر الوعي والثّقافة النفسيّة لينعكس ذلك إيجاباً في جيلٍ سويٍّ ومجتمعٍ سوي لحياة تستحقُّ أن تُعاش. وبالطّبع هناك نصائح عديدة وإرشادات مختلفة للحفاظ على الصّحة النّفسيّة وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع السيدة رُلى كامل فرحات دكتوراه في علم النّفس وفيما يلي نص الحوار:
ما هو تعريف الإكتئاب من الناحية العلميّة والمَرَضيَّة؟
يُعدُّ إضطراب الإكتئاب والّذي له مسميات أخرى (الكآبة، الاضطراب الاكتئابي، الاكتئاب النفسي، اكتئاب المزاج) من أخطر أنواع الأمراض النفسيّة شيوعاً وأكثرها فتكاً. علميّا، يُعتبرُ الإكتئاب إضطراباً في المزاج يُسبّبُ شعوراً متواصلاً بالحزن، ونقص بالتركيز وفقدان المتعة بالأمور التي اعتاد الشخص على الاهتمام بها مثل الرياضة، المطالعة، العلاقات الإجتماعية وغيرها، إذْ يتكوّن لدى الشّخص المكتئب شعوراً بانعدام أية رغبة في الحياة. هذا الاضطراب قد يكون مصحوباً بالشعور بالذنب، ونقص في تقدير الذات وكذلك نوع من جلد النفس وعدم الاكتراث. هذا المرض له تأثيرات سلبيّة في الأفكار وطريقة التّفكير، في التصّرفات (الفعل وردّات الفعل) في المشاعر والأحاسيس، مما يُسبّب ُكثيراً من المشكلات العاطفيّة والإجتماعيّة والإنعكاسات الجسديّة الّتي لا تقلُّ خطورة وسوءاً عنّها، والتّي بدورها تُؤثر في أداء  الشّخص على مختلف الصّعد وفي كافّة الأنشطة اليوميّة ،وهذا الاختلاف يكون ظاهراً بوضوح للمُحيط. فالاضطراب الإكتئابي المزمن هو نوع من الاكتئاب المستمر طويل الأمد. فقد يشعر الشخص بالحزن والخواء والفتور عن أداء الأنشطة اليومية، ويواجه صعوبات في إنجاز مهامه. وربما يشعر الشخص كذلك بتراجع الثقة بالنفس، وهيمنة مشاعر الفشل واليأس عليه. وتستمر هذه المشاعر لعدة سنوات، وقد تؤثر على العلاقات والدراسة والعمل والأنشطة اليومية.
ما هي أهم الأسباب المؤديّة للمرض وما هي أنواعه؟
للإكتئاب أسباب عديدة وتختلفُ من شخص لآخر. والسّبب الدّقيق لظهور الإكتئاب ليس معروفاً، لكن يُوجد العديد من العوامل التي يبدو أنّها تزيدُ من خطر الإصابة بمرض الاكتئاب أو تسبب تفاقمه، ومن بينها:  مزاج إكتئابي في فترة الصّباح، حالات إنتحار في العائلة، تناول مستمر لفترة طويلة لأدوية معيّنة مثل: أدويّة من نوع معيّن لمعالجة إرتفاع ضغط الدّم، وحبوب منوّمة، وحبوب منع الحمل في بعض الحالات، أمراض مثل: السّرطان، الزهايمر، الإيدز، أمراض القلب..
العوامل البيئية: تُعد البيئة بدرجة معينة مسبباً لظهور الإكتئاب، وتُعتبر العوامل والظروف الحياتيّة الصّعبة التي قد يمر بها الفرد أحد عوامل الخطر للإكتئاب، مثل ضغوط العمل، فقدان العمل، خسارة عزيز، ترك الدراسة قسريا  أو الفشل بأمر ما، أو التعرض للتوتر لفترات طويلة. لا نسى الأوضاع المعيشيّة والإقتصاديّة والحياتيّة ومقدرة الشخص على التّأقلم والتعايش والسّعي للّتغيير في مواجهة صعوبات الحياة المستمرة. الوحدة لفترة طويلة، والتعرض للعنف، وغيرها...
العوامل الوراثيّة والتّاريخ العائلي: يزداد خطر الإصابة بالإكتئاب عند الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالإكتئاب أو أي إضطراب مزاجي آخر. ولا يزال الباحثون يُحاولون الكشف عن الجينات ذات العلاقة بالتسبّب بمرض الإكتئاب.
بعض الحالات الطبيّة: تؤدي الإصابة ببعض الحالات الطبيّة إلى حدوث إكتئاب، مثل بعض الأمراض المزمنة لاسيما التي يُصاحبها ألم مزمن، والأرق، والسرطان، ومرض باركنسون (الشلل الرعاش). أو بعض المُستجدّات المُسبّبة للخوف والقلق مثل جائحة كورونا.
كيمياء الدماغ: من المحتمل أن المواد الكيميائيّة الموجودة في دماغ الإنسان بشكل طبيعي والتي تُدعى الناقلات العصبيّة لها علاقة بالمزاج وتلعب دوراً بالتسبب بمرض الإكتئاب، فالخلل في التوازن الهرموني (دوبامين، سيراتونين، أردنيالين..) في الجسم من شأنه أن يكون سبباً في ظهور الإكتئاب، خاصّة وأنّه قد ارتبطت مستويات منخفضة من السيروتونين مع الإكتئاب.
نوع الشخصيّة: كأن يكون الشخص كثير القلق، أو يُعاني قلة الثّقة بالنّفس، أو يُكثر من لوم ذاته، وغير ذلك.
مرحلة المُراهقة: وتصادم المُراهق المستمر ما بين رغباته وقيود أسرته ومجتمعه خاصّة مع انعدام التّفهم الأسري لهذه المرحلة واحتياجاتها، وعدم وجود التربيّة الجنسيّة الصّحيحة (وهذا بحثٌ مُستقلٌّ بحدِّ ذاته).
التّقدم في العمر: وما يُرافقه من أفكار و أحاسيس وشعور بالوحدة والّتي كلها تترافق مع قلق الموت المؤدّي للإكتئاب عند المُسنين.
هل الاكتشاف المبكِّر للمرض يفيد في العلاج وكيف؟
حقيقة إنّ الكشف المُبكر عن أي مرض جسدي أو نفسي أو إضطراب يُساعد حتماً في سرعة شفائه او على الأقل يعمل على الحد من تطوره وتفاقمه خاصّة في تلك الأمراض الّتي تتطلب علاجاً دوائيّاً مثل الفصام وإضطراب الشخصيّة المّعاديّة للمجتمع، حيث مَنْ يُعانون من هذه الاضطرابات يُشكّلون خطراً على أنفسهم وعلى مُحيطهم على حدًّ سواء. كذلك مرضى الإكتئاب، فالكشف المُبكر والتّشخيص الدّقيق يُساعد في الحد من تفاقم الحالة ومُساعدتها في وقت قصير وجهدٍ أقل ومعاناة أخف من التّحسن والعودة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي خاصّة أن الإكتئاب وكما ذكرنا أعلاه يُعرّض صاحبه أولاً لأفكار إنتحاريّة ومن ثمّ لتنفيذ محاولاتٍ إنتحاريّة قد تودي بحياته في كثيرٍ من الأحيان.
وعليه فإنّ الأفراد ممن كانوا يعانون من أمراض نفسية استطاعوا ان يتماثلوا للعلاج بعد خضوعهم للعلاج النّفسي المُناسب بعد تشخيصهم الصّحيح في وقت مبكر. من ناحية ثانيّة فإنّ تأّخر ذهاب المرضى النفسيين لتلقي العلاج يُؤثر بطريقة سلبيه عليهم ويجعل إمكانية علاجهم أكثر صعوبة وتعقيد. ولا ننسى أن هناك نسبة كبيرة من المرضى النفسيين يرفضون تلقي العلاج النفسي من المتخصصين ويذهبون الى بعض طرق العلاج التقليدية خوفا من النظرة السلبيّة المجتمعيّة تجاههم لأنّهم يعتبرون المرض النّفسي (عاراً) يُهدّدُ مكانتهم الإجتماعيّة والأسريّة ويشعرون به بالدّونيّة وعدم الإحترام. وبالطّبع هذا الإعتقاد خاطئ وعلينا نحنُ المختّصّون في هذا المجال وأنتم الأقلام الحُرّة السّعي دوماً لتغيير هذه الصّورة النّمطيّة ولنشر الوعي اللازم مُشدّدين على أهمية أن يتعاطى أفراد المجتمع بطريقة إيجابية مع المرضى النفسيين بشكل خاص ومع مجال الصحة النفسيّة بشكل عام لا سيما أن مجال الصّحة النفسيّة أصبح من المجالات الأساسيّة والرئيسيّة لأي مجتمع يتطلع إلى النّهوض والتّطور والتّقدم نحو الأمام، فنُحققُ بذلك مجتمعاً يتمتّع بصحة نفسيّة جيّدة تنعكسُ إيجاباً على مختلف القطاعات المجتمعيّة والإقتصاديّة والتعليميّة والتربويّة وغيرها...
 ما هو الفرق بين الإكتئاب والكآبة وفقاً للأعراض وطرق العلاج؟
الكآبة هي مشاعر حزينة تتسمُ بالضجر وبالرغبة الشديدة في البكاء، تُهاجم الشّخص وتُسبّب له الحزن والتشاؤم مع الكثير من الأعراض التي تجعل حياته أصعب بكثير ممّا كانت عليه. وهي من المشاعر الطبيعيّة التي يمرُّ بها كل النّاس في مختلف مراحل عمرهم، وتكون هذه المشاعر رد فعل لمواقف كثيرة تحدث للشّخص تُفقده القدرة على المقاومة والصّمود. إنّ الكآبة شعورٌ يُصيبُ الملايين من النّاس في مختلف أرجاء العالم ويعتبرها الأطباء حالة نفسيّة إيجابية يُعبر الشّخص بها ومن خلالها عن ما أصابه من حزن وألم، حيث أن كتمان هكذا مشاعر يمكن أن يُسبّب للشخص مشكلات نفسية أكبر فهي رد فعل إنفعالي طبيعي ينتج عن تعرض الشّخص لصدمة نفسيّة أو موقف أليم. عادة لا تستمر أعراض الكآبة والحزن لفترة طويلة.
الفرق بين الكآبة والإكتئاب: على الرغم من أن مشاعر الكآبة وكما ذكرنا على أنّها مشاعر صحيّة وتمرُّ على الكثيرين، إلّا أنّ البعض لا يُمكنه التّفرقة بين أعراضها وأعراض الإكتئاب.
يتخلّص الشخص من مشاعر الكآبة بمجرد إنتهاء الموقف المُسبّب لهذه الأعراض، أو عندما يُشارك الشّخص في أنشطة جديدة تُساعده على الخروج من حالة الحزن الّتي أصابته، أو حدوث تغييرات على البيئة المحيطة بالمُصاب. وعادة لا يحتاج المصاب بالكآبة إلى تناول أدوية أو إلى الخضوع إلى العلاج النّفسي، ما يحتاجه الشّخص في هذه الحالة الدّعم النّفسي فقط من المُحيطين به ومن الأصدقاء والأعزّاء والمُؤثّرين فيه. كذلك بث روح الأمل والتفاؤل بداخله من جديد، ومساعدته على طرد الأفكار السّوداويّة والسلبيّة والتشاؤميّة حتى يستعيد نشاطه والقدرة على التّفكير بإيجابيّة من جديد خاصّة حين الإضاءة على الأمور الّتي تهمه والتي هي بحدّ ذاتها مصدر للأمل والفرح والسّعادة.  أمّا بالنسبة للإكتئاب فهو إضطراب نفسي شديد يُؤثّر تأثيراً كبيراً في كيان الشّخص ويُغير كل تفاصيل حياته، ويُنغّص هناء عيشه. تختلفُ شدة أعراضه من حالة لأخرى لكن المؤكد هو استمرارها لفترة طويلة تزيد عن أسبوعين. وللإكتئاب الكثير من الأبعاد البيئيّة والاجتماعيّة الوراثيّة، ويحتاج للعلاج النّفسي، مثل العلاج السّلوكي المعرفي، العلاج السّلوكي الجدلي العلاج الأسري النّسقي وغيرها بحسب الحالة. أحياناً يستعين المعالج النّفسي بالطّبيب النّفسي لوصف بعض الأدويّة المُعدّلة للمزاج وبحسب ما تستدعيه حالة العلاج. والإكتئاب يحتاج علاجاً لفترة طويلة لا تقل عن ستة أشهر وقد تصل إلى سنتين.
هل هناك من وسائل وقائيّة أو داعمة للتخلص من الاكتئاب؟
هناك عدة خيارات ومراحل لعلاج الإكتئاب والتّخفيف من أعراضه. وقد يتم الجمع بين أكثر من أسلوب معاً وبحسب الحالة وبما يراه المُعالج مُناسباً تماشياً مع شدة الإكتئاب والأسباب الّتي أدت إلى نشوئه. وتتضمن خيارات علاج الإكتئاب ما يلي:
العلاج النّفسي: يُعتبر العلاج النّفسي أحد ركائز علاج الإكتئاب من أي نوع كان، إذ يساعد تردّد المريض إلى عيادة المعالج بشكل دوري للخضوع إلى جلسات علاجيّة يتراوح معدّلها بين 45 إلى 60 دقيقة وفيها يتحدث المريض مع المعالج النّفسي المختص والعارف بهذه الأمور وصاحب الخبرة في هذا الشأن، خاصّة بعد أن يكسب ثقته، وهذا ما يُساعده على التعامل مع المشاعر السيئة والأفكار السّلبيّة والمعتقدات الخاطئة بشكل أفضل وأوضح ممّا يُؤدّي إلى تغييرها واستبدالها بمشاعر إيجابيّة وأفكار صحيحة ومعتقدات مُتزنة. وهذا كلّه يتم عبر وضع المُعالج للخطة العلاجيّة المُناسبة وإشراك المريض فيها.
العلاج الدّوائي: يخضع مريض الإكتئاب إلى العلاج الدّوائي بالإضافة إلى العلاج النّفسي إذا تطلّبت حالة الشّخص ذلك، وهذا يتم بالتّعاون بين المعالج النّفسي والطّبيب النّفسي الّذي وحده مُخوّل بوصف هذا النّوع من الأدويّة. (المعالج يستطيع فقط وصف بعض المُكملات الغذائيّة والطبيعية والتي تُساعد في عمليّة العلاج).
كيف يمكن الوقاية من الإكتئاب النفسي؟
قد يكون من الصعب الوقاية من الإكتئاب، إذ يصعب تحديد مسبباته ومحفزاته لتجنبها، ولكن بشكل عام فإنّه يُنصح باتّباع نمط حياة صحي للوقاية من تطوره، ومن العادات الصحيّة التي تُساعد في تقليل خطر الإصابة بالإكتئاب:
بناء علاقات جيّدة مع الآخرين، الحفاظ على نظام غذائي صحي، للحد من التوتر، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، الحصول على قدر كافٍ من النوم، التّحدّث إلى المعالج النّفسي المختّص لأخذ الاسشارة فهو لايقل أهميّة عن طبيب العائلة، ممارسة الهوايات الّتي يحبها الشّخص ويسعد بها مثل الرّسم، الموسيقى، المُطالعة، الكتابة،. فكلها منافذ للفضفضة والتّرويح عن الضغط النّفسي...

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي