الملصق الفلسطيني.. جمالية مقاومة برؤى بصرية (2)
نشطت الحركة التعبيرية الفنية بالملصق مع عدة أسماء تشكيلية معروفة اختارت الملصق للتجريب التعبيري والنضالي نذكر سليمان منصور غازي، انعيم زهدي العدوي، محمد أبو صبيح ،حلمي التوني، أديب خليل ، علي فرزات، عوض عمايري، ممدوح الكردي، لتتسم الحركة بالقيم البصرية التي قدّمت رؤى ومواقف سياسية وتعابير إنسانية لها جمالياتها الخصوصية وعلاماتها الانفعالية والتحفيزية، فقد غيّرت مسار التوظيف الخاص بالأفيش من الاستهلاكي إلى التعبيري والإنساني ومن مجرد دعاية لمنتوج إلى دعاية لقضية وطنية وإنسانية، وهو ما جعل من هذا التجريب يكوّن الخصوصية الفلسطينية التي خاضت هذا التعبير.
تاريخ الملصق الفلسطيني
ومن خلال التأريخ الأول لفكرة التعبير بالملصق فإن تاريخ أول ملصق فني فلسطيني يعود إلى منتصف الثلاثينات حيث عبّر عن وحدة وطنية فلسطينية واجهت المحتل البريطاني والمخطط اليهودي، كانت رموزه الأولى ذات توحّد انساني عبّر عن خصوصية الشعب والأرض بتشابك بين الهلال والصليب في رمزية الأرض ليكون هذا الملصق تعبيرا وموقفا ضد التقسيم واغتصاب الأرض. أما البداية الحقيقية للملصق الفني ذي الخصوصيات الجمالية والتعابير المختصرة بمواقفها وبإبداع فني، فقد كان ظهوره الذي شكّل ظاهرة في فترة الستينات وبالتحديد سنة 1965 مع اندلاع الثورة الفلسطينية وقيام منظمة التحرير التي اعتمدت كل وسائل التعبير الثقافي والتراثي والفني حتى تروّج لمنهج المقاومة مثل تحويل لوحات رواد الحركة التشكيلية إلى ملصقات مثل أعمال إسماعيل شموط وتمام الاكحل لتنشط الحركة ولتحمل بذاتها خصوصياتها التعبيرية فمنذ ذلك التاريخ إلى الثمانينات كان للملصق صداه في نشر فكرة الإنسانية والمقاومة المشروعة والحق الفلسطيني خاصة وأن هذه المقاومة بفصائلها أثّرت عالميا على انتشار التعبير الفني بالبوستر وأصبحت الأيقونات البسيطة رمزا لفلسطين مثل "حنظلة" و "البندقية"، "الزيتونة"، "الحمامة البيضاء"، "الكوفية"، الحرف العربي لأسماء المدن خارطة فلسطين والأطفال والحجارة. تحمل الملصقات خصوصياتها من العلامة الرمزية المألوفة والقريبة من ذاكرة المتلقي فرغم كثافتها حقّق اختصارها مجاز المعنى واحتواه وتحمّل المضمون المفهوم والتصور.