لبنان.. الإصلاحات الموضوعة لمحاربة الفساد لم تتبدل
زكريا حمودان
موقع العهد الإخباري
«الفساد» عنوان جامع للقوى السياسية الممثلة في البرلمان، لا خلاف حوله على المستوى الوطني وفيه ملفات واسعة الانتشار في إدارات الدولة. حيث يُعتبر ملف الكهرباء من الملفات الرئيسية على مستوى الهدر المالي، فإذا اعتبرنا أن الدولة اللبنانية كانت تؤمّن دعمًا ماليًا بقرابة المليار ونصف المليار دولار لقطاع الكهرباء (٣٠٪ من عجز الموازنة) فالخطير بالأمر أن اعادة بناء قطاع الكهرباء في لبنان بحسب أحد العروض الصينية تبلغ تكلفته قرابة الملياري دولار.
واذا ما أردنا الغوص في ملف الكهرباء، علينا أن نطلب من القضاء أن يتحرك تجاه كيفية التعاطي في الملف بشكلٍ عام، لكي لا يُقال ان الوزير الفلاني مُستهدف فيصبح الاستهداف سياسيًّا، فالمديرون العامون، ورؤساء المصالح، وكميات الفيول المستورد وتكاليفه المباشرة وغير المباشرة بالاضافة الى تدقيق مالي في مختلف الحسابات من أهم زوايا الهدر في المالية العامة.
بالعودة الى مضمون ملف المحاسبة، لا بد من أن نذكر أهمية التدقيق الجنائي المالي الذي أُقر في عهد رئيس الجمهورية السابق الجنرال ميشال عون، وربط تنفيذه بأحد أهم الملفات حساسية. ومن ملف الكهرباء ننتقل الى ملف الاتصالات.
«مغارة الاتصالات» هنا حيث التدقيق يجب أن يكون متشعبًا، فلا توجد ادارة واحدة ولا توجد جهة واحدة، توجد عدة ادارات تستحكم بأغلى تكلفة اتصال من المواطن، فلا الهاتف الثابت كانت فواتيره مقبولة، ولا الهاتف النقال كانت فواتيره مقبولة هي الأخرى.
بحسب المعطيات المتوفرة، ساهمت وزارة الاتصالات بتأمين موارد مالية ضخمة لبعض الاحزاب السياسية ولنافذين على مستوى الادارة العامة، بحيث باتت عائدات هذا القطاع لا ترتقي الى مستوى الغلاء الفاحش في الأسعار المفروضة.
أما الغريب في مضمون الاتصالات اللاسلكية فهو تفرد شركتين في توزيع الخدمات، بأسعار غير مدروسة وبصمت شديد من المعنيين. أما على مستوى خطوط الاتصال السلكية، فكذلك هو حال الفوضى المالية التي تبدأ من التكلفة الباهظة لتكلفة الاتصالات، وصولًا للفساد المستشري في الصيانة والتوظيف السياسي دون أن ننسى صفقات استيراد المحروقات.
ما تم ذكره أعلاه هو جزء من مغارات الهدر التي كانت منتشرة في أروقة الدولة على مدى عشرات السنين. اليوم لم يتغير شيء سوى أن أصحاب القرار فرضوا دولار منصة صيرفة تدريجيًا على جميع المواطنين من أجل رفع مداخيل الدولة، لكن حقيقة الأمر أن الاصلاحات التي من المفترض أن تحصل لمحاربة الفساد لم تتبدل، كل ما حصل هو ارتفاع في مداخيل الدولة دون أي مجهود تقني اضافي. في الخلاصة، لقد تحول الفساد في لبنان اليوم من دولار ١٥٠٠ الى دولار منصة صيرفة، ونرى الازمة في زيادة رواتب الموظفين في ادارة الدولة مقابل استمرار في نهج الفساد.