نائبة عراقية سابقة للوفاق:
بعض المؤسسات الحقوقیة تحاول تقنین الإنحراف الأخلاقي في العراق
الوفاق/ خاص
زهراء مرادي
إنّ من أشدّ الأمور التي تُشكّل تهديداً للمجتمعات الإسلامية وبشكل خاص دول محور المقاومة، هو الغزو الثقافي الغربي الذي يُمارسه العدو ضد بنيان الأسر في المنطقة بهدف التهديم الكامل لمكانة الأم في الأسرة ولضرب العفة والحياء عند البنات. لو نخطئ لو نَقول إنّ الخسائر التي يُكبّدها الغزو الثقافي لمجتمعاتنا ليست أقلّ تأثيراً من الغزو العسكري وخسائرها. هناك مؤسسات في مختلف الدول تُموّل من قبل أمريكا وبعض البلدان الأوروبية واللوبي الصهيوني لتعمل على مجال نشر الإباحية وبالأخص زعزعة مكانة الأمهات في المجتمع. إنّ أمريكا اليوم تُعرف بصفات مختلفة في العالم ولكن يمكننا أن نصفها بصفة جديدة وهي "العدو الأكبرللأمهات في العالم" نظراً إلى سياسات تتّخذها لضرب بنيان الأسر ومكانة الأمهات وتأثيرها التربوي على الأجيال الجديدة والقادمة.
في السياق ذاته أجرت صحيفة الوفاق حواراً خاصّاً مع المحللّة السياسية سميرة الموسوي وهي نائبة برلمانية سابقة في العراق وإليكم نصّ الحوار:
برأيكم ما هي أدوات الغرب للتأثیر علی بنیان الأسر العراقیة؟
أدوات الغرب و أمریکا وأساليبهم للتاثیر علی بنیان الشعوب المستضعفة والشعوب المستهدفة للهیمنة علیها بعد تمزیقها إجتماعیاً و سیاسياً و إقتصادياً وفکرياً وعقائدياً ،عديدة جداً وهذه الأدوات تمثلّت بعناصر العولمة الرئیسیة و منها معظم أو کل مؤسسات هیئة الامم المتحدة لتُعتبر محرکات العولمة وهذه المؤسسات تتمتع بقطاع أوروبی وأمریکی مع الدولة والجهات و الأشخاص المساندین طوعاً أو کرهاً ومن تلک المؤسسات منظمة حقوق الإنسان التي تسعی الی إخراج المرأة من المنظومة الأسریة کمربّیة تنفّذ القیم الدینیة الإسلامیة الی افراد الأسرة، ومنظمة حقوق المرأة باتفاقیة القضاء علی جمیع أشکال التمیيز ضدها سُمیت بـ"سیدا" اختصاراً، منظمة حقوق الطفل، فضلا عن قیام هذه المنظمات و الفعالیات الغربیة والأمریکیة لتنفیذ المفاهیم النّسویّة والقضیة تترکز حول الأنثی و کذلک بعض المنظّمات تسعی الی تقنین الإنحراف يعني وضع القوانين لهذا الانحراف في الدول المستضعفة، قوانین لحمایتها حسب ما يرتأون في دساتيرهم و في قوانين اخرى و منها العراق.
و من الأدوات الغریبة الخطرة الأخرى هي الفوضی التی یتمرکز عملها علی إيجاد حرکات إجتماعیة وسیاسیة وفکریة مهمتها تهدیم کل ما هو قائم، تمهیداً لإعادة البناء وفق الأجندة الخادعة التابعة لأهداف الغرب و أمریکا.
و هناک مفهوم، قضیة الحرب الناعمة کأدوات في غایة الخطورة للتاثیر علی بنیان الأسر العراقیة و کذلک الحرب المرکبة لمفاهیمها المعقدة والحرب المركبة، الحرب هي عدة حروب في آن واحد الحرب العسکریّة والحرب النفسیة و والحرب الدوبلوماسیة والحرب السیاسیة و الإقتصادیة و الاجتماعية و حتی إقامة الدعوات في المحاکم الدولیة کلها ضمن الحرب المرکبة و هذه الأدوات تستهدف الأسرة و أفرادها الأساسیین الثلاثة وهم الأب والأم والأولاد، مجتمعین أو منفردین وعندما نفکر بالقضاء أو تحجيم تاثیر هذه الأدوات ینبغی أن توحّد الدول المستضعفة أسالیب تصدیها لهذه الأدوات و تاثیرها علی بنیان الأسر یعنی ان دولة واحدة لا تستطیع وحدها دفع هذه الأخطار لانها تحتاج الی تعاون إقلیمي و تعاون دولي.
ما هو تاثیر الغزو الثقافي علی أسلوب الحیاة في العراق؟
الغزو الثقافي الغربي هو احد اهم أرکان الحرب المرکّبة والحرب الناعمة و تاثیر هذا الغزو کان متضامناً مع مجمل أسالیب التدمیر التي رافقت الأساليب العسکریّة وکان الغزو الثقافي متمركزا من البدایة علی اضعاف وزعزعة البنى الاجتماعیة العراقیة بشتى أسالیب التّشکیک و الکراهیّة بین الطوائف و نشر بذور الفتنة.
الامر الذي ادّی الي زیادة الانفصال الاجتماعي مع إضعاف مفهوم المواطنة و إشاعة اللاأُبالیّة و تضعیف أو تضییق الشعور بالمسؤولیّة، هذا کله للوصول إلى تكريس الفردیة و بأنانیّة کبیرة مفرّطة حتی يصبح أسلوب الحیاة العراقي مفتقرا الى الثقة بین الناس و تزداد خشیة الفرد من أخیه، هذا زرع عدم الثقة بین الناس بحيث كل فرد يخاف و يخشى من اخيه و فضلا عن ذلک إن محاولات الغزو الثقافي لم تهدأ حول اضعاف القیم الاسلامیة و الدّعوة الی التّخلّي عن الرموز الدینیة و دائماً طعن المراجع و الرموز الدينية و اتهام بامور باطلة و منها النظر بقلّة اهتمام الى العمامة و المعممین. خلاصة القول أنّ هذا النوع من الغزو حقیقة زعزع الثوابت الاساسیة التي یتماسک بها المجتمع العراقي وهذا ما يؤثر على اسلوب حیاتهم.
إلى أي حد يؤثر الغزو الثقافي على المجتمع العراقي المتدين ؟
إن أحد أهم أهداف الغزو الثقافي هو التسلل الى صميم المجتمع المتدين العراقي و قد نجحوا بنسبة عالية في دق إسفين بين الأفراد والمجتمع أو بين مجموعاته يعني دق اسفين البغضاء، الذين خططوا لهذا الغزو الثقافي على دراية تامة بكيفية الاختراق و لذلك فقد كان دخولهم من خلال تعميق الخلاف أو تحويل الاختلاف بين وجهات نظر المتدينين الى احتراب او تباغض و إلى تجريم أو تكفير فالمجتمع المتدين في العراق يقوم على مبدأ التقليد لدى الشيعة الى حدود كبيرة و يقوم على مبدأ التوريث المذهبي لدى السنة و بين الشيعة و السنة شبه قطيعة فكرية يعني لها جذورها التاريخية المعروفة ولكن هذه القطيعة تقف عند حدود الموروثات الفقهية و النظرات الخلافية و لم تصل بصورة عملية الى تناحر اجتماعي عملي واضح لم تصل الى مسائل تناحر وإنما تقف عند الحدود الفكرية الفقهية .
ولكن الغزو الثقافي يعرف بوجود بعض التقاطعات و عمل على تعميقها ثم عمل الى تحويلها من فكرية الى عملية بأساليب مختلفة يعني الى التباغض و الى التكاره و الى امور أخرى و كانت أساليبهم مختلفه كما عمل على غلق الابواب و السبل بوجه الجهود المبذولة لاصلاح ذات البين ، حتى وصل الأمر الى أن ينظر العراقي الى أخيه نظرة مذهبية و ليس دينية ثم (طور القضاة) تلك النظرة لتشمل النظر الى شعوب و دول اخرى بحسب الانتماء المذهبي.
اما منهجية التصدي ضد هذا الغزو فلم تكن سوى دعوات تقوم بها جماعات تتوخى بها وجه الله الكريم و تتمثل بمحاضرات و ندوات بين بعض النخب الدينية التي ليس لها أثر عملي على المجتمع .
ما هي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية و مؤسساتها الثقافية لمواجهة هذا الغزو الثقافي؟
أقول الحقيقة إن الموسسات الثقافية العراقية الحكومية و حتى غير الحكومية و بحسب ما يتوفر لدينا من معلومات لم تصدر عنها اجراءات جدية مستدامة للتصدي للغزو الثقافي و بقيت اجراءاتها اسيرة لاجتهاداتها الشخصية غير النافذة ولكن هناك جهودا شخصية أو جهود مجموعات دينية أو ثقافية تعمل على التصدي بصفتها الشخصية عبر وسائل الإعلام و مواقع التواصل الإجتماعي.
و يبقى الحديث عن هذا الموضوع بصراحة يدمي القلب و لاينسجم مع حجم الموارد البشرية و الاقتصادية يعني أي جهد يذكر مع الأسف الشديد.
نعم ندعو الله سبحانه و تعالى أن يوفق العاملين في الدولة والحكومة الى اتخاذ منهج آخر والتصدي لهذا الغزو بشكل جدي و بشكل عملي ومؤثر.
ما هي أهداف الغرب وراء غزوه الثقافي للتأثير على النساء والأمهات العراقيات؟
نقول إن التاثیر علی النساء بصورة عامة و منهنّ الأمهات له محوره الخاص في أجندة الغزو الثقافي الغربي، ذلک أنّ النساء في الدول الإسلامیة و منها العراق یمثل الموضوع الأهم في الأسرة من حیث بذل الجهود لتربیة الأولاد و رعایتهم و متابعة شؤونهم في حین أنّ الرجل تقع علیه مسؤولیة الإنفاق، کما أنّ المجتمع یبیح للرجل أن یکون عضواً مساعداً في التربیة و لیس أساسیا فضلا علی أن المرأة يکون کل وقتها للأولاد و فيما یکون للرجل بعض الوقت، فإن أيّ تاثیر علی المرأة تاثیر علی الأسرة و من ثم تاثیر علی المجتمع، لانّ الأسرة مثلما تعلمون هي لبنة تکوین المجتمع و فضلاً عن هذا فإنّ التزام النساء بصورة عامّة يؤثر بأخلاقیات المجتمع.
ان المجتمع المستقر والمحترم له قیم و تعالیم دينية فإذا أحدثت المرأة خرقاً في جانب واحد أو جوانب مما هو مفروض علیها أخلاقیّاً و دینیاً فانه سیخلق اختراقاً في الأسس التّربویّة لبناء الأسرة و المجتمع و إنّ مجموع الإختراقات سیؤدّي حتما الی خلق مجتمع هش ویسهل تدمیره کما یسهل إیجاد بیئة قابلة لزعزعة الدولة وإضعافها و من ثم الهیمنة علیها و إنفاذ الأجندات التي تستنزف موارد الدولة الإقتصادیّة والبشریّة وإیقاف أيّ خطّة تستهدف دیمومة التحریر یعنی التمتع بحیاة حرة وکریمة و هذا هو الهدف الأساس للغرب و للسیاسة الغربیة و الأمریکیة في تهدیم المجتمعات الإسلامیة و کذلک الدول الأخری في العالم.