مع إقتراب موعد تدشين أنبوب تصدير الغاز الإيراني إلى السلطنة
إيران شريك تنموي للإقتصاد العماني
أن المشروع الكبير الذي يسعى إلى تنفيذه كل من سلطنة عمان وإيران المتعلق بمد أنبوب لتصدير الغاز الإيراني الى السلطنة اقترب من التدشين بعد عقد كامل من السعي الحثيث الذي بذلته طهران ومسقط.
مدير شركة هندسة وتطوير الغاز الإيراني رضا نوشادي، قال في تاريخ 2 أبريل 2023: إن ايران تستعد لبدء مد خط أنابيب جنوبي البلاد، تمهيداً لتصدير الغاز إلى سلطنة عمان، خلال العام الجاري.
وأوضح نوشادي: أن اتفاقية تصدير الغاز الإيراني إلى سلطنة عمان تنص على مد أنابيب الغاز من مدينة ميناب إلى منطقة كوه مبارك، قرب ميناء جاسك الإيراني. وأعرب عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة إبرام مزيد من اتفاقيات تصدير الغاز إلى خارج إيران. وكان البلدان وقعا، عام 2013، اتفاقاً بقيمة 60 مليار دولار على مدى 25 عاماً؛ تزود إيران بموجبه عمان بالغاز عبر خط أنابيب تحت البحر.
وفي عام 2016، جدد البلدان جهودهما لتنفيذ هذا المشروع، وقالت إيران في عام 2017 إنها اتفقت مع السلطنة على تغيير مسار خط الأنابيب المخطط له لتجنب المياه التي تسيطر عليها الإمارات.
وجرى تأجيل المشروع لاحقاً بسبب خلافات سعرية وضغط أميركي على عمان لإيجاد مزودين آخرين، وتداعيات انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 بين القوى العالمية وإيران، وإعادة فرض العقوبات على طهران في 2018. وكان الرئيس الإيراني، آية الله إبراهيم رئيسي، وقع مع سلطان عمان هيثم بن طارق، خلال زيارته لمسقط، في مايو الماضي، على اتفاقية لإحياء مشروع خط أنابيب.
خط أنابيب الغاز الإيراني-العماني
يمتد خط أنابيب الغاز الإيراني - العماني من مقاطعة رودان إلى ميناء كوه مبارك في إيران، ثم تحت الماء إلى ميناء صحار في سلطنة عمان.
وتعود ملكية خط الأنابيب هذا إلى وزارة النفط الإيرانية، وتشغله الشركة الوطنية الإيرانية لتصدير الغاز، وتبلغ سعته 1000 مليون قدم مكعبة يومياً، بينما تبلغ السعة المقترحة 5/1 مليار قدم مكعبة يومياً، حسبما نشر موقع مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور.
وقدرت المؤسسة طول خط أنابيب الغاز الإيراني - العماني بنحو 400 كيلومتر، وتمويله بـ2/1 مليار دولار. وتعدّ محطة "قلهات" للغاز الطبيعي المسال في سلطنة، أحد المشروعات المصاحبة لخط الأنابيب.ويشمل خط أنابيب الغاز الإيراني العماني قسماً برياً بدأ بناؤه في عام 1994. وتعزو الشركة الوطنية الإيرانية لتصدير الغاز بسبب التأخير في بناء الجزء البحري من خط الأنابيب إلى العقوبات المفروضة على البلاد.
في أبريل/ نيسان 2018، التقى فريق من إيران وسلطنة عمان لوضع اللمسات الأخيرة على المسار. وتوقع مسؤولون لدى شركة "أوفشور إنستوليشن" أن يستغرق البناء من 3 سنوات.
ووافقت وزارة البيئة الإيرانية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، على خطة خط الأنابيب. في مايو/ أيار 2021، كرر وزير الطاقة والمعادن محمد بن حمد الرمحي عزم بلاده على إحياء المشروع.
فوائد عمان
وزير الطاقة والاقتصاد العماني، سالم العوفي، قال حول أنبوب الغاز العماني - الإيراني، في وقت سابق من أبريل الجاري: إن مشروع مد أنبوب الغاز ليس جديداً، والمفاوضات تجري منذ فترة طويلة. وأضاف: وصلنا إلى إمكانية تحديد سعر بيع الغاز والأهداف الإيرانية منه؛ إن كانوا يريدون أن يرتبط سعر الغاز الإيراني بأسعار الغاز العالمي أم بسعر الغاز المحلي، وهل الغاية هي الدخول للأسواق العالمية عن طريق سلطنة عمان أم هو هدف اقتصادي بحت.
وأكد العوفي أن "هذه الأمور كان يجب أن تكون واضحة جداً، وعليه كانت زيارتي الأخيرة لطهران"، مبيناً أن هذه المفاوضات كانت سبب التأخير، إضافة إلى الحظر على إيران. وأوضح أن الإيرانيين حققوا إنجازاً في إتمام المشروع، حيث وصلوا إلى اليابسة في البر الإيراني.
ولفت الوزير العماني إلى أن استيراد السلطنة للغاز الإيراني لا يتعلق بحاجتها للغاز، مؤكداً أن لدى عمان اكتفاء ذاتياً من الغاز يكفي لتغطية احتياجاتها 10 أعوام قادمة في أقل تقدير.
وذكر أن هناك منافع أخرى "قد يكون من بينها التصدير من عمان بهيئة غاز مسال أو هيدروجين أزرق، وربما توسيع الصناعات المحلية، أو ربط السلطنة مع الهند ودولة الإمارات"، مبيناً أن "جميع الخيارات مفتوحة، فوجود الغاز الإيراني في عمان يجعل جميع الخيارات ممكنة".
شريك تنموي
وفي هذا السياق، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي العماني، ماجد بن عابد الخروصي: إن سلطنة عمان ترى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دولة جارة، كما يفرض ذلك الواقع الجغرافي، وهي أيضاً دولة ترتبط بها السلطنة بروابط صداقة قديمة.
وأضاف الخروصي: إن الأحداث القريبة أسهمت في تعميق الروابط بين البلدين، مشيراً إلى أن أهمها كان حينما حلت السلطنة وسيطاً للاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضح أن "السلطنة ترى أن العزلة السياسية ليست من صالح أي طرف من أطراف المنطقة، بل إنها تعمق النزاعات وتضر بمصالح جميع الأطراف".
وفق الخروصي، فان مسقط ترى أن العلاقات السياسية الجيدة مع الجار الإيراني ينبغي أن تنعكس إيجاباً على الجوانب الاقتصادية والتجارية. وتابع: لكون إيران تملك ثاني احتياطي للغاز في العالم، فان المنظور العماني يعتقد أن إيران هي شريك تنموي للاقتصاد.
ويقول الخروصي: إن الحصول على الغاز الإيراني بسعر تفضيلي يسهم في تقليل التكلفة، ويعزز من فرص النمو في المناطق الاقتصادية والصناعات في عمان، فضلاً عن أن المشاريع الاستراتيجية تدعم أمن المنطقة واستقرارها.