في يوم القدس العالمي..
دعوة الإمام الخميني (قدس سره) أسقطت مفهوم الكبار يموتون والصغار ينسون
الوفاق/ خاص
د.خليل حمدان
يحيي العالم في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك "يوم القدس العالمي" إستجابة لدعوة الإمام روح الله الموسوي الخميني "قدس سره" بعد عودته الى ايران عام 1979 ، بالتحديد بعد اربعة اشهر من قيام نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.
هذه الدعوة المباركة اكتسبت أهمية الزمان والمناسبة، فالزمان اخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك الذي منه تستمد الامة قوة الصبر والثبات وبناء النفس واخذ العبر باستحضار تاريخ عريق يرتكز الى عوامل النصر والشهادة ما بين معركة بدر وشهادة الامام علي(ع)، وليالي القدر ما يشكل ظاهرة في عملية البناء الذاتي للعبور من بناء الشخصية الفردية الى شخصية الجماعة وصولا لنهضة يتقدم فيها العام على الخاص.
والمناسبة، الانتصار للقدس الشريف حيث يقول الامام الخميني قدس سره: "ان يوم القدس يجب ان تلتفت فيه كل الشعوب المسلمة الى بعضها، وان تجاهد في إحياء هذا اليوم ...فان هذا الامر سيكون مقدمة ان شاء الله للوقوف في وجه هؤلاء المفسدين". بالتالي هو يوم لتعبئة الجماهير كي تبقى القدس وفلسطين حاضرة كأولوية عند جميع الاحرار في العالم في مواجهة الذين يعملون على هندسة افكار الجماهير بتزييف الحقائق بتبرير الاحتلال الصهيوني للأرض المقدسة.
ان الإنتصار للقدس والدعوة لتحريرها، كما فلسطين، هي ليست دعوة طارئة او مستجدة في مرتكزات الثورة الاسلامية الايرانية او في فكر الامام الخميني قدس سره انما هي قناعة تشكلت عنده منذ بدايات مواجهة شاه ايران المنحاز للعدو الصهيوني، ولعلها من الثورات النادرة في العالم التي لم تكن لاسباب داخلية ومطالب داخلية، انما وبكل تأكيد بسبب انحياز الشاه للعدو الصهيوني عندما نصبته الولايات المتحدة الاميركية كشرطي للخليج الفارسي.
هذا الموقف المنتصر لفلسطين والقدس الشريف كان حاضرا عند المراجع الأعلام، من المرجع المقدس السيد الحكيم إلى الشهيد السيد محمد باقر الصدر، واستمرت مع قائد الثورة الاسلامية الايرانية، الامام السيد علي الخامنئي، وهذه القضية حاضرة عند الامام المغيب السيد موسى الصدر، والقدس في قلبه وعقله حيث رسخ ذلك في ميثاق حركة أمل وفي خطبه ولقاءاته وندواته وجميع المناسبات لاسيما في المؤتمرات العربية والدولية في اطار المواجهة ومنتصرا لفلسطين والقدس حتى بات الامام الصدر علامة فارقة في مواجهة المشروع الصهيوني المعتدي في جولاته الاوروبية من اولويات اهتماماته، ومن اولويات جدول اعماله كانت مسألة العدوان الصهيوني. وما حديثه في مكتب الجامعة العربية في 10/8/1970 الا واحدة من مواقفه التي اغنت القضية الفلسطينية بشرح خطر الصهيونية وزيف ادعاءاتها في دول طالما تعامت عن جرائم اسرائيل وقفزت فوق جراح كل الذين تعرضوا لآلة الدمار المعادية والمعتدية الصهيونية.
والامام يحذر العالم بأن اسرائيل لها اطماع لن تكتفي بجريمة احتلال فلسطين وقدسها، بل لديها اطماع مشيرا الى قول وزير حرب العدو الصهيوني عام 1968: "اذا كان هناك شعب التوراة فإن هناك ارض التوراة، وهذا يشي بنوايا العدو للاستيلاء على مزيد من الاراضي في لبنان وسوريا والأردن".
ويشير وزير الحرب هذا بتاريخ 15/7/1968 : "ان اباءنا توصلوا الى حدود مشروع التقسيم وجيلنا وصل الى حدود 1948 اما جيل الايام الستة فقد وصل الى السويس والاردن وهضبة، الجولان وهذه ليست النهاية".
ان رهان العدو الصهيوني على نتائج الضخ الاعلامي المزيّف والذي يحرّف الحقيقة عبر امبراطوريات اعلامية لا يمكن مواجهتها بالاستنكار سراً بل ينبغي الاستفاده من التظاهرة العالمية السنوية بيوم القدس العالمي لاسقاط مفهوم صهيوني قديم جديد ان الكبار يموتون والصغار ينسون، ولكن ما نشهده اليوم من هذا الحضور الفاعل للمقاومة داخل فلسطين وخارجها، وهذا الحضور الكبير والمتنامي عند مختلف اجيال الشعب الفلسطيني وخاصة جيل الشباب، يؤكد ان الصغار في السن لن ينسوا. نعم، هو الجيل الذي اسقط التقسيم الزماني والمكاني الذي اراده العدو الصهيوني لتهويد القدس. هذا الجيل لن ينسى، وان قافلة الشهداء مستمرة وموقف امهات الشهداء يعزز ثبات خيار المقاومة، وان العصر الاسرائيلي الى زوال كما قال الامام الصدر: " احذروا العصر الاسرائيلي، وعيشنا دون القدس مذلّة".
وبقوله أيضاً: :القدس قبلتنا وتجسيد وحدتنا ومعراج رسالتنا"، لتبقى القدس، وكل فلسطين والأراضي العربية المحتلة البوصلة المعبرة عن وجهة جميع الأحرار. ولعلّه أكبر أمل للأجيال القادمة تحرير القدس، وهي أمنية الشهداء وفي المقدمة الشهيد مصطفى شمران الذي قال: "أكبر أمل عندي تحرير القدس". وسيبقى نداء الامام الراحل السيد روح الله الموسوي الخميني خارقا للصمت وباعث امل بالوحدة حتى النصر.