أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلال استقباله المساعد الخاص للرئيس الروسي:
المشاريع الإيرانية - الروسية نموذج فعّال لإحباط العقوبات الغربية
وصل المساعد الخاص للرئيس الروسي، إيغور ليفيتين، إلى طهران يوم السبت، في زيارة استغرقت يومين، أجرى خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين حول المشاريع المشتركة بين البلدين، بما في ذلك ممر الشمال-الجنوب.
والتقى ليفيتين، أمس الأحد، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني. كما التقى مساء السبت كلاً من النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد مخبر، ووزير الطرق وإعمار المدن الإيراني مهرداد بذرباش.
الإسراع بتنفيذ المشاريع الإقتصادية المشتركة
لدى استقباله المساعد الخاص للرئيس الروسي إيغور ليفيتين، عبرّ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، عن ارتياحه لرفع مستوى وحجم التعاون الاقتصادي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا، وأكد على اعتماد سبل مختزلة للإسراع بتنفيذ المشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين، كما جرت مناقشة عملية تنفيذ اتفاقيات البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والمصرفية، لاسيما تسريع البدء في تنفيذ ممر الشمال-الجنوب.
يذكر أنه خلال زيارة ليفيتين لإيران قبل عدة أشهر، اتفق البلدان على أن الجزء المتبقي من الممر الاستراتيجي بين الشمال والجنوب، وهو الخط السككي رشت - آستارا، سيتم بناؤه بإستثمارات روسية مباشرة.
وتحدث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي عن المبادرات التي تم الانتهاء منها بين البلدين في القطاع النقدي والمصرفي من أجل تمويل المشاريع المشتركة كنموذج فعال في مجال إحباط العقوبات غير الشرعية التي يفرضها الغرب، وقال: المسار الذي انطلق للحد من تأثير الدولار في التبادلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، والذي تنضم إليه الآن الكثير من الدول، سيقلل من هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي إلى أدنى حد ممكن.
واعتبر شمخاني استكمال ممر الشمال – الجنوب وتوسيع شركاء الترانزيت بين إيران وروسيا جزءاً مهماً من المشاريع المشتركة بين البلدين، وأضاف: مع الجهود والمتابعة المستمرة من قبل المسؤولين في البلدين ستتم إزالة أي عقبات في طريق تحقيق إرادة قادة البلدين في مجال التنفيذ السريع لهذا المشروع الاستراتيجي الذي له دور حاسم في تغيير هندسة ترانزيت البضائع في المنطقة.
الإستثمار في قطاع الطاقة الإيراني
من جانبه، أكد المساعد الخاص للرئيس الروسي على تنفيذ الخطط والمشاريع المشتركة بين روسيا والجمهورية الإسلامية الأيرانية في أسرع وقت ممكن، معلناً استعداد بلاده للاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية الإيرانية، بما في ذلك الصلب والنفط والبتروكيماويات.
وقدم ليفيتين تقريراً عن آخر التطورات المتعلقة بالعلاقات التجارية والمصرفية والمشاريع الاقتصادية المشتركة بين بلاده وايران، وقال: إن روسيا ومع تأكيدها على تنفيذ الخطط والمشاريع المشتركة بأسرع وقت ممكن، خاصة في مجال الترانزيت، مستعدة للاستثمار في القطاعات الاقتصادية الإيرانية المختلفة التي تشمل الصلب والنفط والبتروكيماويات.
وفي إشارة إلى الزيارات العديدة والمستمرة للمسؤولين الاقتصاديين والمصرفيين في البلدين، قال ليفيتين: بالإضافة إلى الخطوات الهامة التي تم اتخاذها لتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي، هناك أرضيات مناسبة لعقد اتفاقيات اقتصادية متعددة الأطراف وجذب مشاركة الدول الأخرى في المنطقة في مشاريع اقتصادية مربحة.
إيران وروسيا مركز لتصدير المواد الغذائية
ولدى استقباله المساعد الخاص للرئيس الروسي، أكد النائب الأول للرئيس الإيراني، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا يمكنهما، من خلال الإنتاج والإستثمارات المشتركة، أن تصبحا مركزاً لتصدير بعض المواد الغذائية في المنطقة لتلبية جانب من احتياجات دولها.
وأشار محمد مخبر الى زيادة تبادل زيارات الوفود السياسية والاقتصادية بين طهران وموسكو، وقال: من دواعي السرور أن تنفيذ المشاريع المشتركة بين البلدين يمضي بوتيرة جيدة، وأن المتابعة الجادة والمستمرة من قبل قيادتي البلدين مهدت لرفع العقبات والإسراع في وتيرة تنفيذ الاتفاقات.
من جانبه، أعلن إيغور ليفيتين استعداد روسيا للاستثمار في مجال الترانزيت والإسراع في تنفيذ المشاريع المشتركة في مجالات الشحن والنقل، قائلاً: إن روسيا مستعدة لإبرام اتفاق للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع ايران لإنجاز هذه المشاريع.
يذكر أن هذا اللقاء كان هو الخامس من نوعه بين المساعد الخاص للرئيس الروسي والنائب الأول للرئيس الايراني خلال الأشهر الستة الماضية.
مناقشة زيادة عبور البضائع في بحر قزوين
هذا وناقش وزير الطرق وإعمار المدن الإيراني مع مساعد الخاص للرئيس الروسي بشأن تطوير التعاون في مجالات النقل الجوي والبحري وسكك الحديد والطرق والنقل متعدد الوسائط وزيادة عبور البضائع في بحر قزوين.
وقال بذرباش خلال اجتماعه مع ليفيتين: إن التجارة البحرية بين موانئ البلدين لها سجل تاريخي، إلا أن استخدام قدرة الموانئ النشطة للأطراف في بحر قزوين يمكن اعتباره في تعاون جديد.
وفي إشارة إلى استضافة إيران لأول سفينة شحن روسية "رورو" بعد 21 عاماً في ميناء نوشهر، اعتبر بذرباش مرور السفن بمثابة خطوة كبيرة في التجارة البحرية بين البلدين، وقال: تعد العقود المبرمة بين إيران وروسيا لبناء السفن في بحر قزوين مهمة، ويمكن أن تعد تطوير النقل متعدد الوسائط من التعاون الفعال في مجال النقل.
وأشار وزير الطرق إلى الحاجة إلى تطوير التعاون في مجال الطيران بين البلدين، مضیفاً: إن توسيع قدرة العبور للطريق البحري عبر ممرات بحر قزوين، بما في ذلك ممرات شرق وغرب بحر قزوين، يمكن أن يكون فعالاً في تقليل حركة المرور البرية الكثيفة في المنطقة القوقاز.
وفي هذا الاجتماع، تطرق المساعد الخاص للرئيس الروسي إلى اجتماعات الخبراء وزيارة الوفد الروسي إلى خط سكة حديد رشت – آستارا، ودعا إلى تطوير التعاون في مجال النقل في جميع المجالات.
مشروع نقل دولي عملاق
يشار إلى أن ممر الشمال - الجنوب مشروع نقل دولي عملاق، طرح خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992 كالممر التاسع من ضمن عشرة ممرات، ثم وقعت الدول الثلاث إيران والهند وروسيا عام 2000 الوثيقة الأولى لإنشائه في سانت بطرسبرغ الروسية.
وفي عام 2016، التحقت دول أخرى بالمشروع، هي: سلطنة عمان، تركيا، كازاخستان، أرمينيا، قيرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سوريا وبلغاريا، إلى جانب الدول المؤسسة الثلاث.
ويتكون هذا الممر من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي في الهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج الفارسي مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم منها يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية.
تكثيف الجهود للإلتفاف على العقوبات
الجدير بالذكر أن زيارة المساعد الخاص للرئيس الروسي إلى طهران في غضون ثلاثة أشهر، جرت فيما كشفت مصادر مطلعة على حيثيات العلاقات الإيرانية - الروسية عن تكثيف البلدين جهودهما وتحركاتهما المشتركة في الأشهر الأخيرة لبحث آليات للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليهما.
وقالت هذه المصادر: إن زيارة أمين المجلس الأعلى الأمن القومي الإيراني إلى روسيا في التاسع من فبراير/ شباط الماضي شكلت "مرحلة جديدة" في العمل المشترك ضد العقوبات الأميركية والغربية، مشيرة إلى أن شمخاني خلال هذه الزيارة أجرى "لقاء خاصاً" مع الرئيس الروسي استغرق عدة ساعات.
وأضافت المصادر: إن أحد أهم بنود أجندة اللقاء كان بحث سبل إفشال العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على طهران وموسكو. وتابعت: إنه في هذا السياق تم التوصل إلى "توافقات" بين شمخاني وبوتين "مثل إلغاء الدولار من التجارة الثنائية واستخدام متوازن لموارد النقد الأجنبي غير الدولار مثل اليوان والدرهم والروبل والريال في التجارة بين البلدين والتجارة مع دول المنطقة".