الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة - ٠٩ أبريل ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وتسعة - ٠٩ أبريل ٢٠٢٣ - الصفحة ۷

مفكر إسلامي للوفاق:

رضا الرعية في شؤون حياتهم  كاشف عن نجاح الحاكم

الوفاق/ خاص
مرضيه متوليان/ هليا فراست

أجرت صحيفة الوفاق حواراً خاصّاً مع المفكر اللبناني والباحث الديني الشيخ توفيق علوية والذي إشتهر بسبب محاضراته الدينية المستدلة في لبنان ووسائل الإعلام اللبنانية عن موضوع مكانة الدين في إدارة شؤون المجتمع وإليكم نص الحوار:
في الشريعة الاسلامية ما هي مكانة الدين في ادارة شؤون المجتمع؟
خلق الله المتعال عالم التكوين ليكون كل ما في الكون مسخرا للانسان من اجل تحقيق الغايات من الخلقة، و جعل بجنب عالم التكوين عالم التشريع لحفظ المكتسبات الدنيوية و تنظيمها من اجل ان لا تتحول الى عنصر اختلاف بين الناس ، ولاجل تأمين الزاد للعالم الاخروي ايضا. 
وظاهر الايات والروايات و ما عليه التحقيق والتدقيق والوجدان والبرهان أن احكام الشريعة الاسلامية تغطي سائر وقائع الحياة ، بحيث تصدق مقولة: ما من واقعة الا ولله المتعال فيها حكما . وقد صرح القران المجيد بذلك حيث قال الله المتعال : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } . والايات صريحة في ذلك ، ومن ذلك قول الله المتعال :{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } ، ومن ذلك قول الله المتعال : ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنـَاهُ تَفْصِيلاً } . وفي كتاب الكافي الشريف عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وجعل لكل شيء حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه وجعل على من تعدى الحد حدا .( الكافي ، ج ٢ ، ص ١٧٦ ) . ومثله غيره من الاحاديث الواردة بنفس هذا اللسان. 
ومهما يكن من شيء فإن الاسلام اولى للفرد اهتماما واولى للمجموع اهتماما ، وقال باصالتهما معا ، فالفرد له تاثير على المجتمع ، والمجتمع له تاثير على الافراد بطبيعة الحال ، واذا تأملنا في الاحكام الشرعية المرتبطة بالشان العام نظير الاحكام المالية والجهادية والامر بالمعروف النوعي والنهي عن المنكر النوعي ، واحكام الحدود والديات . 
والقضاء وما اشبه ، نجد ان تنفيذها یتوقف على وجود حكومة والا فلا حظ لها من التطبيق و التنفیذ، بل حتى التدين الفردي وتأهيل الافراد للانضواء تحت راية الالتزام بالاحكام الشرعية بالمعنی الفردي لا بد له من وجود نظام الهي يعيش الافراد تحت إشعاعاته، التقوى والتدين وممارسة العبادات ، ولنفترض انه لا يوجد حكومة الهية فماذا عن العملية التربوية من يديرها وضمن اي توجيه فكري تقوم ؟ وماذا عن العملية الاقتصادية وتحت اي قانون تسير ؟ هل تسیر تحت القانون الربوي والعياذ بالله ام ماذا ؟ وماذا عن العملية القضائية وعلى اي اسس تقوم ؟ وماذا عن العملية السياسية وعلى اي اساس يتم جريانها؟ وماذا عن الاحوال الشخصية و التوجيهات الثقافية والفكرية للمجتمع ؟ من يدير دفتها ؟ وماذا عن المنظومة العسكرية والامنية ؟ على ضوء ماذا هي تنتظم ؟ كل هذه الامور ان لم يكن الاسلام مهتما بها فبماذا یهتم ؟ مع العلم بأن الاسلام يحتاط في النفوس والاعراض والاموال احتياطا كبيرا ویهتم اهتماما كبيرا فهل يكون الاسلام حريصا كل الحرص ان لا تقع ثمرة على الارض فجعل لها وليا ولا يكون حريصا على الاهم من ذلك بكثير اي النفوس والاعراض والاموال وعقول الناس فيتركها لاي حاكم او اي نظام حتى لو قام باتلافها وتضييعها ؟! هذا امر عجيب ! من هنا نعلم بأن الاسلام له الاهتمام الكبير بالمجتمع وجعله ضمن نظام الهي عادل بحفظ كل مكتسباته ويقيم فيه التوازن المطلوب لتحقيق الاهداف التي خلق الانسان من اجلها .
لاحظوا كيف ظهر اهتمام الاسلام بادارة الشأن العام ادارة الهية عبر الحجج الالهية اي الرسول والاوصياء والائمة عليهم السلام ومن جعلوه نائبا عنهم ، فقد قال الله المتعال : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ ۖ } .
ما هي وجهة نظر الاسلام حول دور الشعب في تشكيل الحكومة ؟ ما هي مكانة الديمقراطية في الحكومة الاسلامية ؟ 
الحكومة الاسلامية في عصر الحضور هي بقيادة المعصوم عليه السلام وهو منصوص عليه من قبل الله المتعال ، الا ان للشعب الدور المهم في نجاح الحكومة الاسلامية واخفاقها ، اذ ان له دور مساندة القائد الالهي في تنفيذ مشروعه ، والقائد الالهي هو الذي يجعل من نبض الشعب مؤشرا على صحة عمل الولاة الذين يعينهم او خطأ عملهم ،وبالعموم ان نجاح الطاقم الاداري والتنفيذي للقائد الالهي او اخفاقه ،يدور مدار نبض الشعب و مساندة الشعب ففي بعض الاحيان تكون ألسنة الناس اقلاما للحق کما هو المأثور ، وقد ورد ان الامام امير المؤمنين عليه السلام قال لاحد ولاته عندما ساله : هل انت راض عني يا امير المؤمنين ؟ قال : ما ارضاني عنك ان رضي عنك الناس . لاحظوا رضا القائد الالهي عن احد ولاته متوقف على رضا الناس ،و رضا الناس كاشف عن رضا القائد الالهي طبعا رضا الناس في الامور المطلبية وسير شؤونهم لا في الباطل . 
وورد عن الامام علي عليه السلام انه قال في عهده لمالك الاشتر : وليكن أحبّ الأمور إليك أوسطها بالحق وأعمها بالعدل وأجمعها  رضا  الرعية . 
لاحظوا : ( واجمعها رضا الرعية ) فرضى الرعية في سير الشؤون الحياتية والمطلبية يكشف عن نجاح الحاكم ، وفي مورد اخر يرجح الامام امير المؤمنين عليه السلام رضا العامة على سخط الخاصة دون العكس ، حيث يقول في عهده لمالك الاشتر : فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة ، وإنّ سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة .
ففي عصر حضور المعصوم عليه السلام للشعب دور المساندة ومراقبة اداء الولاة والقائد الالهي يستشعر نبض الناس في هذا المجال ، اما في عصر غيبة المعصوم عليه السلام فالشعب له دورعظيم و كبير اولا وبالاساس له دور في لزوم تشكيل الحكومة الاسلامية لان احكام الاسلام لا يمكن تطبيقها الا بواسطة حكومة مبسوطة اليد تكون بقيادة الولي الفقيه الذي هو نائب الامام المهدي عجل الله فرجه ، وثانيا للشعب الدور الحصري في تشخيص الحاكم الذي تنطبق عليه المواصفات المحددة من قبل النصوص الشرعية وذلك من خلال الرجوع الى اهل الخبرة ، كما ان للشعب دور المشورة ، واضافة الى ذلك فان له دور النصرة والحضور في الساحات لمساندة الحاكم في تنفيذ مشروعه ، اذ ان الحاكم لولا الشعب وحضور الشعب وتأييدالشعب لما بوسعه تنفيذ المشروع الالهي .
بالنسبة للديمقراطية ، فقد لا تكون الاكثرية ناتجة عن قناعات شخصية وانما قد تنتجها الدعاية والاعلام ، وقد ينتجها المال الخفي المستخدم لانتاح اكثرية ، وقد ينتجها القهر والتعسف ، وقد تنتجها السلطة ، وقد تنشأ جراء ظاهرة متفشية في مجتمع كما حصل مع اكثرية انتجت طبقة حاكمة بسبب ان المرشح او المرشحين من الفنانين المشهورين في السينما العالمية لان الذوق العام هو ذوق فن وسينما ، فمعيارية الاكثرية والاقلية في هذا الزمان امر متعسر تحديده ، لكن الاسلام في غير الامام المنصوص عليه من قبل الله يحرص على ان يكون جميع الناس ضمن بوتقة واحدة في تنفيذ المشروع الالهي ، واذا كان الاكثر مع هذا المشروع فهو يرحب به ايما ترحيب ، لان هذا هو المعبر عنه في الاخبار الشريفة بوجود الناصر ، ولا يقمع الاسلام القلة بطبيعة الحال ، وهذا تحقق في زمن امير المؤمنين عليه السلام مع الخوارج ، ففي كتاب دعائم الإسلام : خطب الامام علي عليه السلام بالكوفة ، فقام رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلا لله . فسكت علي عليه السلام ، ثم قام آخر وآخر ، فلما أكثروا عليه ، قال : كلمة حق يراد بها باطل ، لكم عندنا ثلاث خصال : لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدأونا به، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين أنه لا يخرج علينا منكم فرقة – قلت أو كثرت إلى يوم القيامة - إلا جعل الله حتفها على أيدينا، وأن أفضل الجهاد جهادكم، وأفضل الشهداء من قتلتموه، وأفضل المجاهدين من قتلكم؛ فاعملوا بما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، و{ لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون } . ( راجع موسوعة الامام علي في الكتاب والسنة والتاريخ للري شهري ، ج ٦ ، ص ٣٤٢) . لاحظوا كيف اعطى للاقلية المعارضة حقوقهم الثلاثة بالرغم من انهم يقولون بتكفير الحاكم ، يعني يقولون للامام على عليه السلام للخليفة انت كافر بينما نجد ان غيره عليه السلام من الحكام يقوم بقتل من لا يدعو له في المساجد فما بالك بمن يعارضه ؟ بل فما بالك بمن يصرح بتكفيره ؟! 
وبالنسبة للحريات فقد ضمن الاسلام الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والحرية الفردية ما لم يؤد ذلك الى تخريب المنظومة العامة البشرية من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والدينية والعلمية والتربوية والسياسية وباقي النواحي بطبیعة الحال.
ماذا هو الاعتبار للحديث الذي يقول : كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت ؟ 
وردت جملة من النصوص التي تفيد ان تشكيل اي حكومة في عصر الغيبة انما هو تعبير اخر عن حكومة الطاغوت او حكومة الاذية للمؤمنين او حكومة التاخير للظهور ، او حكومة الضلال ، وتدعو هذه النصوص بحسب ظاهرها الى القعود والعزلة والجلوس في احلاس الديار وما اشبه ذلك ، ومن هذه النصوص كما في وسائل الشيعة ما ورد عن سدير قال: قال أبو عبد الله ( الصادق ) عليه السلام : "يا سدير الزم بيتك وكن حلساً من أحلاسه ، واسكن ما سكن الليل والنهار ، فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك". .ومنها ما ورد عن أبي بصير عن أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السلام أنه قال: " كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل". ومثل هاتين الروايات عدیدة و الاخبار متنوعة نظير ما ورد عن مالك بن اعين الجهني عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال : كل راية ترفع قبل راية القائم (عليه السلام ) صاحبها طاغوت (انظر الغيبة : ١١٣ ب ٥ ح١٠) .
وهذه النصوص اولا معارضة بالاحكام الشرعية التي يتوقف تطبيقها على اقامة حكومة اسلامية ، وثانيا هي متعارضة مع التكاليف الشرعية الداعية الى الجهاد والدفاع والامر بالمعروف والنهي عن المنكر و اقامة الحدود والديات وإماتة البدع واحياء السنة وحرمة الركون الى الظالمين وما اشبه ذلك نظير عدم الرضى بتعطيل احكام الشريعة وما ماثل وناظر وشابه هذه الامور ، وثالثا هي لا تنسجم مع افتراض ان الله المتعال يترك الامة لظالم وفاسد يحكم بالطاغوت ، ايقول العقل ان حكومة عصر الغيبة هي حكومة طاغوت وفي الوقت نفسه يقبل بحكومة طاغوت اخرى ؟ هذا خلاف التفكير العقلائي ، ورابعا ان القران المجيد صرح بأن من الكفر والنفاق والفسق القبول بغير حكم الله المتعال، وبالمقابل حتی على تحكيم شريعة الله المتعال ، كما دعا الى عدم الركون للظالمين ، والى الكفر بحكومة الظالمين ، وصرح بلزوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والى اقامة العدل وما اشبه ذلك ، وخامسا النصوص الواردة عن اهل البيت عليهم السلام دعت الى اخذ الحق للضعيف من القوي ، والى بغض الله المتعال للعبد الضعيف الذي صفته انه لا يامر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر .
 فعن ابن أبي عمير عن جماعة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "ما قدستْ أمة لم يؤخذ لضعيفها من قويها غير متتعتع" ، وسادسا هذه الروايات ناظرة الى من يدعي المهدوية ولا دخل لها بالتمهيد للراية المهدوية الحقة ، وبتعبير علمي الروايات الذامة هي تتحدث عن ما هو في عرض المهدوية لا عن ما هو في طولها ، كما ان هذه الروايات ناظرة الى من يستغل الراية المهدوية لمنافع السلطة الخاصة نظير ما فعل بنو العباس فإنهم دعوا الى الرضا من ال محمد الا انهم بالواقع كانوا يدعون الى انفسهم ، و صدور هكذا نصوص انما نشأت في ظرف الثورات المشبوهة التي کانت تدعي انها تدعو الى الرضا من ال محمد ، اضف الى ذلك ان هذه الروايات لم تنف ان يكون المؤمن مع اهل البيت عليهم السلام بدليل ان بعضها دعا الى انتظار سماع خبر السفياني وبعضها دعا الى انتظار خروج الامام المهدي عجل الله فرجه الشریف، وبعضها دعا الى الانتظار بالمطلق ، وبديهي ان المراد بالانتظار هو الانتظار التهيؤي الاستعدادي لا الانتظار السلبي الراكد الضعيف ، ونستطيع اضافة مسالة مهمة وهي الحديث عن وجود رايات هدى كراية اليماني وراية الخراساني وعن وجود الابدال والعصائب والنجباء ، وهؤلاء لهم شوكة كما لا يخفى لا انهم في حالة ضعف.


 

البحث
الأرشيف التاريخي