لقاء ودي يجمع الشعراء الایرانیین والعرب في طهران
اصداء قصائد الشعراء اللبنانيين امام قائد الثورة
موناسادات خواسته
أيام وليالي شهر رمضان المبارك تختزن مناسبات وزيارات متبادلة بين جميع ابناء الشعب، خاصة بعد الإفطار، ومن أجمل هذه الزيارات والجلسات التي تُقام سنوياً، هي لقاء قائد الثورة الإسلامية الامام الخامنئي حفظه الله مع جمع من فئات المجتمع، ففي أجمل ليلة من هذا الشهر المبارك وتزامناً مع الذكرى العطرة لليلة ميلاد الامام الحسن المجتبى (ع) السبط الأكبر لنبي الرحمة محمد بن عبدالله (ص) والذي يصادف الخامس عشر من شهر رمضان المبارك، استقبل قائد الثورة الاسلامية مجموعة من اساتذة اللغة والادب الفارسي والشعراء المخضرمين والشباب الإيرانيين والأجانب بما فيهم الشعراء اللبنانيين، وألقى عدد منهم قصائدهم في محضر سماحة قائد الثورة الاسلامية.
وقد جرى هذا اللقاء الميمون والمبارك بإسم كريم آل بيت رسول الله (ص) غروب يوم الاربعاء حيث حلّ هؤلاء الأدباء ضيفاً على سماحته، وفي بداية هذا اللقاء الذي استغرق حوالي 5 ساعات، أنشد بعض الشعراء قصائدهم، ثم تم أداء صلاتي المغرب والعشاء بإمامة سماحته، تلاها مأدبة الأفطار، وكما في السنوات السابقة، قام عدد من الشعراء الشباب والمخضرمين بإلقاء أشعارهم باللغات الفارسية وغير الفارسية أمام سماحة قائد الثورة.
صاحب الإجتماع نفسه شاعر ومحب للشعر وناقد
ما هو يجلب الإنتباه عند الحضور في الصالة نرى أنه هناك بخط جميل مكتوب: "قال رسول الله (ص): إن من الشعر لحكماً وإن من البيان لسحراً".
أتساءل في نفسي أي زعيم في أي ركن من العالم يعرف الشعر والأدب والفن والثقافة مثل قائد الثورة الإسلامية؟
القائد الذي نعرفه، بصرف النظر عن كرامته الدينية والفقهية والسياسية، له باع طويل في الأدب والشعر.
هو نفسه شاعر ولطالما كان على دراية بدواوين عظماء شعراء اللغة الفارسية وهو رفيق لشعراء معاصرين منذ صغره شارك في لقاءات شعرية في خراسان وطهران، وكان مع الشعراء المشهورين مثل شهريار و "سايه" وغيرهما. يأخذون منه شعرا ويعطيهم شعرا ويقرأ لهم الشعر ويقرأون عليه، وبصرف النظر عن الاهتمام بالشعر والأدب، هو قائد خبير في مجال النقد الأدبي وينتقد شعر الشعراء بدقة اكثر من النقاد الأدبيين، ويعطي النصح ويستمع إلى النصح.
حيث نرى خلال لقائه مع الشعراء يقوم بنقد أشعار بعض الشعراء وهذا يدل على معرفته بالشعر والأوزان وانواع الشعر، ومن أي زاوية ننظر إلى هذا الاجتماع وصاحبه، فنرى أنه جذاب وجميل ومهم.
الشعر أداة مؤثرة
وفي هذا اللقاء، أعرب آية الله الامام الخامنئي عن ارتياحه لتوسع عالم الشعر في البلاد، ووصف الشعر بأنه اداة مؤثرة ودائمة، وأشار إلى عالمية الشعر وأهميته التي لا يمكن تعويضها في فترات تاريخ العالم الإسلامي، وقال: إن من السمات المميزة للشعر الفارسي إنتاج الموارد المعرفية والمعنوية التي تبلورت في قمم الشعر الفارسي والقصائد الحكيمة والمعرفية لشعراء بارزين مثل فردوسي ونظامي ومولوي وسعدي وحافظ.
وأشار قائد الثورة إلى الحفاظ على رصيد وجوهر الشعر الفارسي حتى في أصعب الظروف في تاريخ إيران، مثل فترة الهجوم والغزو المغولي وقال: بطبيعة الحال فإن مغول العصر اي الغربيين لديهم مظهر وغزو مختلف، فبالإضافة إلى التاريخ الأسود لجرائمهم في فترة الاستعمار، قاموا في عصرنا، بتجهيز كلب مسعور مثل صدام بجميع أنواع الأسلحة، وخاصة الأسلحة الكيماوية، لمهاجمة إيران، أو بعد ذلك من خلال العقوبات.
المرأة في ايران
وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى محاولة إضعاف تدين المرأة كإحدى النقاط الأخرى للهجوم على إيران، وأشار إلى دور المرأة الفعال في انتصار الثورة الإسلامية والمراحل التي تلتها، ونوّه إلى أن الغربيين لا يشفقون على المرأة الايرانية واحترام حقوقها، لكن لديهم ضغينة ضدها ويقدمون أنفسهم زوراً على أنهم مناصرو حرية وحقوق المرأة.
في هذا اللقاء تم إنشاد أشعار جميلة من قِبَل الشاعرات الإيرانيات والتي واجهت الترحيب من قائد الثورة الإسلامية والآخرين، وهذا هو دليل آخر على أن المرأة الإيرانية هي تحضور في جميع المجالات بقوة.
استخدام الفن بالفكر والمعرفة
كما أعرب سماحة القائد عن ارتياحه لوجود العديد من الشعراء الطيبين والمؤمنين والثوريين في البلاد، وقال: إن روح الشاعر مرهفة وعاطفية، ولكن عند مواجهة القضايا، لا ينبغي للمرء أن يتصرف عاطفياً، بل عليه اداء واجبه باستخدام الفن بالفكر والمعرفة الصحيحة للمشهد.
وأكد آية الله الخامنئي على ضرورة معرفة العدو وأهدافه وأساليبه وقال: إن معرفة أبعاد حرب العدو الناعمة أمر ضروري للجميع، لكنه ضروري للغاية للناشطين الثقافيين والفنيين حتى لا يصبحوا هم انفسهم سلبيين وأن ينبهوا الآخرين أيضاً على هجوم العدو.
إنشاد قصائد الشعراء العرب
ولم تبدأ تحيات الشعراء بقائد الثورة الإسلامية، فقد وقف شخص من بين الشعراء وأنشد قصيدة بصوت عال،
وعندما يبدأ، نفهم أنه شاعر ناطق باللغة العربية. يقرأ شعره بصوت عالٍ ملحمي. ينهض الشاعر التالي قبل أن يجلس الشاعر الأول وكذلك يقرأ قصيدة باللغة العربية، الشخص الثاني يجلس، والشخص الثالث يقوم وينشد أيضاً قصيدة باللغة العربية،كأن هناك مسابقة لقراءة الشعر عند سماحة القائد! وهذا يدل على محبة القائد وشوق الإنشاد عنده، حتى عند الشعوب العربية، وهذا ما رأيته كل سنة عند لقاء الضيوف الأجانب في بلدهم الثاني في لقاءاتهم مع قائد الثورة الإسلامية في المناسبات المختلفة، كنت أرى بأم عيني كيف تتجمع الدموع في أعينهم ليلة قبل اللقاء وينتظرون لقاء قائد الثورة الإسلامية، وهذا اللقاء أيضاً لا يستثنى من هذه الخصوصية فأول ثلاثة أو أربعة أشخاص من المتحدثين باللغة العربية، ينشدون أشعارهم بالعربية، ويقول القائد مازحاً: "أصبح اللقاء عربياً بالكامل"!.
الشعراء اللبنانيين وقائد الثورة
وفي هذا اللقاء، تلا عشرات الشعراء الشباب والمخضرمين قصائدهم بحضور قائد الثورة الإسلامية، ومنهم شعراء لبنانيون الذين حضروا اللقاء بالتعاون مع المستشارية الثقافية الايرانية في لبنان، فالتقى خمسة شعراء لبنانيين مع قائد الثورة عشية عيد ميلاد الإمام الحسن المجتبى (ع).
وتم اختيار هؤلاء الشعراء اللبنانيين في مسابقة الشعر التي نظمتها مستشارية ايران الثقافية العام الماضي، وهؤلاء الشعراء كانوا الأكثر مشاركة وفازوا بالمراكز الأولى، فهم: علي عبد الحسن عباس، أحمد غالب سرحان، محمود عفیف نصار، علی حسین حمادي وعلي حسن عاشور.
شاعر لبناني أنشد قصيدة باللغة العربية. وقائد الثورة الإسلامية رد عليه بجمل عربية لطيفة، وقال سماحته: بالطبع، كان مفهوماً بشكل عام، ومن أجل فهم أفضل، يجب على المرء أن يفكر أكثر في القصيدة. وأجاب الشاعر اللبناني باللغة الفارسية، وبلهجة جميلة قائلا: شكرا جزيلا لك، نسألكم الدعاء، وقال سماحة قائد الثورة الإسلامية ان كان حديثه بالفارسية مثل لغتي العربية!.
وقرأ الشاعر الهندي بلرام شوكلا قصيدة باللغة الفارسية جاء في بدايتها: "إيران بلدي!" أعز من حياتي! مرحباً وسلاما عليك!". قصيدة جميلة جداً قالها القائد في البداية بوجه مفتوح السلام عليكم.
اللقاء السنوي منذ سنين
ومهما كان الأمر، فإن إقامة هذا الحفل مرة أخرى أعطى حياة جديدة لأدب وشعر بلادنا. بعد ثلاث أو أربع سنوات، أقيمت أهم وأكبر أمسية شعرية في البلاد وتلا الشعراء أشعارهم أمام أعظم شخصية وطنية ودينية وسياسية في البلاد.
لقاء الشعراء مع قائد الثورة الإسلامية تقليد يقام كل عام في منتصف شهر رمضان المبارك وفي ليلة ميلاد كريم أهل البيت (ع). ولم يعقد هذا الاجتماع لمدة ثلاث سنوات بسبب انتشار جائحة الكورونا، السنة الأخيرة التي عقد فيه لقاء القيادة مع الشعراء في منتصف شهر رمضان المبارك كان عام 2019 م. يُعقد هذا اللقاء منذ سنين حوالي خمسة عشرة سنة، وفي ظل الروح اللطيفة الفنية التي يحظى بها قائد الثورة الإسلامية ففي كل سنة وبمناسبات مختلفة يجتمع سماحته مع الفنانين والشعراء والأدباء ويستمع الى كلامهم وشعرهم، ففي هذه اللقاءات الصميمية تحدث مشاهد جميلة جداً.
هذا العام، بعد انقطاع دام عدة سنوات، كان جميع الشعراء أكثر حماساً مما كانوا عليه ، وكانوا متحمسين لرؤيته، وطبعا سماحة القائد قال بعد الإفطار اننا أيضا كنا ننتظر هذا الاجتماع. كان هذا الحنين واضحاً حقاً وكان وجود المزيد من الوجوه الشابة أحد ملامح هذا العام، حيث تضمّن موضوعات مختلفة من حب الوطن الى احترام الوالدين، وحضر اللقاء من جميع الفئات في مختلف المحافظات الإيرانية، وخلّد ذكرى جميلة في الأذهان.