الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة - ٠٦ أبريل ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وسبعة - ٠٦ أبريل ٢٠٢٣ - الصفحة ٦

بوابة العبور لحالة الانسجام والتفاهم

التقوى الأسرية باب من ابواب السعادة الدنيوية


الوفاق/ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لايَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
التقوى نعمة يختص الله بها المخلصين من عباده.. فيتفضل عليهم بالشعور بالسكينة والهدوء هذا اذا ما التزم المرء بحدود الله وتحصّن بالعفة.
إذا ان العفة هي تلك الرافعة التي تعلي قدسية ونقاء العلاقة بين الزوجين.. وسلامة الأنساب والحماية من الوقوع في براثن الأمراض المعدية المميتة.
هل التقوى محصورة في الجانب العاطفي فقط؟ كلا.. التقوى أوسع بكثير.. من هذا البعد..ماذا لو فتحنا أعيننا على أبعاد التقوى  لننزل معاً على أهمية تطبيقها في شتى ميادين حياتنا اليومية؟ التقوى بوابة العبور لحالة الانسجام والتفاهم لبناء قواعد مشتركة مرنة لا غلو فيها.. قابلة للممارسة دون الوقوع في عوالم خيالية افتراضية.
من قال ان الزواج يلغي الفوارق بالعادات والتقاليد؟ ابدا، انما الأنسجام المحقق بعد تحصيل التقوى هو بمثابة الجسر الذي يقرب المسافات ليوصل الشريكين الى منتصف الطريق ليلاقيا بعضهما البعض.
واول نقطة التقاء في وسط الطريق هي المساحة الصلبة التي سيبني فوقها بنيان العائلة المرصوص ولتسود الالفة وتشع انوار المحبة وبذلك يحقق الأنسجام قواعد الحقوق والواجبات. ويرسي ثوابت المساواة الكاملة بين كافة مكونات الأسرة. وما حب الأبناء لوالديها الا نتيجة تحصيل الحاصل.. فلا يمكن أن تزرع قمحاً وتحصد بطيخا..
إن من يزرع الحب النوعي وليس الكمي في أرضه الخصبة وفق معايير الجودة بالعطاء والتنقية لأجود انواع البذور المتمثلة بـالتلاطف والتسامح والمساندة والصبر وروح الفكاهة وقبول الآخر ومراعاة الفروق الفردية ودراسة إحتياجات الآخر والنظر إلى نقاط القوة. ليثمر ثمراً وافراً وحتماً سيؤسس هذا الحصاد لحب متبادل حينها سيدرك الجميع قيمة وجودة البذرة الطيبة التي زرعت في القلوب.
ونظراً لضرورة  تغير الكثير من الأفكار المشوهة التي أدخلت على عقول الآباء فأصابت التربية الوالدية بالصميم وقلبت المعايير والمقاييس التربوية لتحول حب الاولاد إلى حب كمي (مشروط) غير نوعي.
سعادة اسرنا مرتبطة بشكل اساسي بسعادة الأزواج وقوة العلاقة التي تشكل رفاه الأسرة العاطفي ولا احد ينكر ان الأسر المتماسكة تنتج أجيالا واثقة واعية وكل الإحصائيات الموثوقة أكدت ان قدرات الاولاد في البيوت المتماسكة افضل من قدرات الاولاد في البيوت المتصدعة.
الأسرة وأهمیة دورها التربوي في إعداد الأجیال
مما لا شك فیه أن الدور التربوي الذي تؤدیه الأسرة تجاه أبنائها یختلف من أسرة إلى أخرى تبعاً للحالة السائدة داخل الأسرة من حیث المستوى الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، ومن حیث العلاقات السائدة بین الزوج والزوجة من جهة، وأسلوب تعاملهما مع الأبناء من جهة أخرى.
فهناك أسرٌ یسودها الانسجام التام، والاحترام المتبادل بین الوالدین وسائر الأبناء، ولا یعانون من أیة مشكلات سلوكیة بین أعضائها الذین یشتركون جمیعاً في الالتزام بالقیم السامیة التي تحافظ على بناء وتماسك الأسرة، وتستطیع هذه الأسر تذلیل جمیع المشاكل والصعوبات والتوترات الداخلیة التي تجابههم بالحكمة والتعقل وبالمحبة والتعاطف والاحترام العمیق لمشاعر الجمیع صغاراً وكباراً. ذلك إن الاحترام المتبادل بین أفراد الأسرة، وخاصة بین الوالدین هو من أهم مقومات الاستقرار والثبات في حیاتها، ومتى ما كانت الأسرة یسودها الاستقرار والثبات فإن تأثیر ذلك سینعكس بكل تأكید بشكل إیجابي على تربیة الأطفال ونشأتهم.
لكن هناك أسرٌ یسودها الانشقاق والتمزق والتناحر وعدم الانسجام، وتفتقد إلى الاحترام المتبادل بین الوالدین، ویمارس أحدهما سلوكاً لا یتناسب مع جنسه ولا یتلاءم معه، وغیر مقبول اجتماعیاً، وفي هذه الحال یفتقد الأطفال القدوة الضروریة التي یتعلم منها العادات والقیم والسلوكیات الحمیدة، وقد یلجأ الأطفال إلى البحث عن قرین لهذه القدوة غیر كفء من خارج الأسرة، غیر أن هذه النماذج تفتقر إلى عمق الشخصیة، ولا یمكن التعرف علیها بنفس الدرجة التي یتعرف بها الأبناء على الوالدین.
إن عدم الانسجام بین الوالدین یؤدي إلى صراع حاد داخل الأسرة، وقد یطفو هذا الصراع على السطح، وقد تشتعل حرب باردة بین الوالدین، وقد یترك الأب الضعیف الشخصیة المسؤولیة العائلیة للأم، وقد تحاول الأم تشویه صورة زوجها أمام الأبناء وتستهزئ به، مما یؤدی إلى شعور الأبناء بعدم الاحترام لأبیهم الضعیف والمسلوب الإرادة. ویعتقد الباحثون التربیون، نتیجة الدراسات التي أجروها، أن تأثیرات الصراع والشقاق الزوجي المستمر غالباً ما یكون أشد تأثیراً على تربیة وتنشأة الأبناء من الانفصال أو الطلاق، على الرغم من أن الانفصال أو الطلاق لیس بالضرورة یمكن أن ینهي العداء والكراهیة بین الوالدین، فقد ینتقل الصراع بینهما إلى مسألة حضانة الأطفال، ونفقة معیشتهم. إن الأسر التي جرى فیها انفصال الوالدین عن بعضهما نتیجة للشقاق والصراع المستمر بینهما جعل استمرار الحیاة المشتركة صعباً جداً، إن لم یكن مستحیلاً، ورغم أن الانفصال أو الطلاق قد یحل جانباً كبیراً من المشاكل التي تعاني منها الأسرة، إلا أن مشاكل أخرى تبرز على السطح من جدید تتعلق بحضانة الأطفال ونفقتهم، وقد یستطیع الوالدان المنفصلان التوصل إلى حل عن طریق التفاهم، وقد یتعذر ذلك، ویلجا الطرفان أو أحدهما إلى المحاكم للبت في ذلك، مما یزید من حدة الصراع بینهما، والذی ینعكس سلباً على أبناهما.
والحياة الأسرية حياة مقدسة، وهذه القداسة لا يمكن حمايتها إلاّ بعفّة الرجل والمرأة، ذلك أن التقوى والعفاف تحيطان الأسرة بهالة مقدّسة تحميانها من مخاطر التفكك والانحلال.
فإذا أردنا أن نصنع أسرة طاهرة، وبالتالي مجتمعاً طاهراً بعيداً عن كل أشكال التلوَث الاجتماعي والسقوط الأخلاقي علينا أن نصنع رجالاً ونساءً يرفعون التقوى والعفّة شعاراً لهم.
إن التقوى والعفاف تزيد من أواصر الزوجية وتعزّز من علاقات الزوجين وتزيد إنسهما وإلفتهما في حياتهما المشتركة.
الإشباع العاطفي: ليس هناك ما هو أجمل من العاطفة والحب في الحياة الزوجية، وليس هناك منظر أكثر تأثيراً من نظرات الحب والحنان والمودّة التي يتبادلها الزوجان.. الحب هو القلب النابض في المنزل، والروح التي تغمر البيت بالنور والدفءـ، الرجل ينظر إلى زوجته كنبع متفجر بالحنان والحب؛ والمرأة ترى في زوجها الظلال الوارفة التي تقيها لهيب الحياة، والملاذ الآمن من تقلّبات الزمن.
ومن هنا، فإن الإخلال بهذه المعادلة سوف يربك الحياة الزوجية ويعرّضها إلى خطر الانحراف.
من الطرق والأساليب المؤثرة في هذا المضمار هو حسن المعاشرة، ذلك أن الزواج بشكل عام محاولة لسدّ النقص الذي يشعر به الرجل والمرأة، كما أن الجانب العاطفي يشكل ساحة واسعة من هذا الشعور الفطري، فالرجل يحتاج إلى حب زوجته كما أن المرأة تشعر بالحاجة إلى عطف زوجها.
ومن هنا، فإن حسن المعاشرة يساعد على تلبية هذا النداء الفطري لدى الإنسان ويدفعه إلى التفاني في عمله وإخلاصه؛ وبعكسه فإن الانانية والنرجسية وتفضيل الذات ديدان تنخر في جسد الأسرة وتعرّضها إلى الموت العاطفي. التقوى والعفاف في حياة المرأة والرجل هما ضمان السعادة في الحياة الزوجية، ومن غير الصحيح أن يضع المرء نفسه في موضع يثير الشبهات والشكوك.
إن على الإنسان المسلم أن يصون جوارحه من الحرام، ويبني شخصيته على أسس متينة تبعده عن ألسنة القيل والقال وسوء المقال.
ومن الخطأ أن نصادر شركاء حياتنا، وأن نطلب منهم سلوكاً يتفق مع تصوراتنا، فالإنسان حرٌّ في كل شيء ما دام تحركه وسلوكه يتمّان ضمن دائرة الشروط التي يحدّدها الدين والعرف.
تعزيز الإيمان: وأخيراً، فإن الإيمان هو صمام الأمان في كل الأحوال، ذلك أن الله هو الشاهد على جميع أعمالنا وهو المطّلع على كل أسرارنا وخفايانا.
والإيمان هو بوصلة الإنسان التي تهديه إلى سواء السبيل، وعلى المرء أن يراقب نفسه ويعرف ما له وما عليه متحرّياً في كل ذلك مرضاة الله سبحانه وتعالى.

 

البحث
الأرشيف التاريخي