وثيقة السياسة الخارجية الروسية الجديدة
لا حياد بعد اليوم
موقع الخنادق
وافق الرئيس فلاديمير بوتين منذ أيام، على وثيقة تتضمن مفهوماً جديداً للسياسة الخارجية الروسية، كان لافتاً فيها الإعلان الواضح بأن الهدف الإستراتيجي الكبير، سيكون لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها (اعتُبرت أمريكا مصدر المخاطر الأساسية لأمن الاتحاد الروسي)، في ظل حقبة من التغييرات الثورية في العلاقات الدولية الجارية حالياً، في إطار عالم متعدد الأقطاب.
من جهة أخرى، فإن الورقة حافظت على عدم قطع العلاقات نهائياً مع دول أوروبا، بالرغم من اتهامها لمعظم هذه الدول بأنها تنتهج "سياسة عدوانية" تهدف إلى تقويض سيادة البلاد، وفقا للوثيقة المكونة من 40 صفحة. فقد جاء في الوثيقة بأن روسيا "لا تعتبر نفسها عدواً للغرب، ولا تنعزل عن الغرب وليس لديها نوايا معادية تجاهه. تأمل روسيا أن تدرك الدول التي تنتمي إلى المجتمع الغربي في المستقبل أن سياسة المواجهة وطموحات الهيمنة تفتقر إلى الآفاق، وستأخذ في الاعتبار الحقائق المعقدة لعالم متعدد الأقطاب، وستستأنف التعاون العملي مع روسيا مسترشدة بمبادئ السيادة". في هذا السياق، ذكرت الوثيقة بأن المساعدات العسكرية ستكون أولوية فيها لدول أمريكا اللاتينية التي تواجه "ضغوطًا أمريكية". ومع احتدام المنافسة بين الكرملين والصين على النفوذ في إفريقيا، تعهدت موسكو أيضاً بتكثيف التعاون في مجال الغذاء والطاقة مع دول القارة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات العسكرية.
وتضمنت الوثيقة هجوماً مركّزاً على المعسكر، أبرز ما جاء فيه:
فرض النموذج غير المتوازن للتنمية العالمية، الذي كفل لعدة قرون النمو الاقتصادي المتقدم للقوى الاستعمارية، من خلال الاستيلاء على موارد الأراضي والدول التابعة في آسيا وإفريقيا والغرب. ولذلك فإن التغييرات التي تحدث الآن، لا ترحب بها هذه الدول التي تستخدم منطق الهيمنة العالمية والاستعمار الجديد.
استخدام مجموعة واسعة من الأدوات والأساليب غير القانونية، بما في ذلك إدخال تدابير قسرية (عقوبات) للالتفاف على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واستفزاز الانقلابات والصراعات العسكرية، والتهديدات، والابتزاز، والتلاعب بوعي اجتماعي معين، سواءً مجموعات أو أمم بأكملها، من خلال أعمال هجومية وتخريبية في فضاء المعلومات. وهذا ما يشكّل تقدماً كبيراً في الرؤية الروسية وموقفها، بعدما كانت تتخذ مواقف حيادية.
انتشار شكل واسع من التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، مع فرض مواقف أيديولوجية نيوليبرالية مدمرة تتعارض مع القيم الروحية والأخلاقية التقليدية.
ممارسة ضغوط جدية على الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات المتعددة الأطراف، بهدف تحويلها الى منصات تؤمن مصالح بعض الدول، دون مشاركة عادلة لجميع الدول الأخرى. بناء وتحديث للقدرات العسكرية الهجومية وتدمير نظام معاهدة تحديد الأسلحة، بشكل يقوض الاستقرار الاستراتيجي. بالإضافة الى استخدام القوة العسكرية في انتهاك للقانون الدولي، واستكشاف الفضاء الخارجي والفضاء المعلوماتي كمجالات جديدة للعمل العسكري، وطمس الخط الفاصل بين الوسائل العسكرية وغير العسكرية في المواجهة بين الدول، وتصعيد العمليات المسلحة التي طال أمدها.