الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان وثلاثة - ١٦ مارس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان وثلاثة - ١٦ مارس ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

على أعتاب ربيع الطبيعة وربيع القرآن

«النوروز».. عيد و تراث ثقافي يجمع الشعوب

الوفاق/ تمضي الأيام بسرعة، كأنّها في سباق.. خطوة خطوة نقترب من السنة الجديدة لكي نستقبلها بحرارة وأمل، ونودّع السنة الماضية بكل ما مرّ فيها، والذكريات التي سُجّلت فيها.. في هذه الأيام عندما ننظر إلى الأشجار التي ترتدي شيئاً فشيئاً الأوراق الخضراء الجديدة التي تُعبّر عن الحياة الجديدة، فاستقبلت الربيع بزيّها الأخضر، وكأنّ الأشجار والزهور فتحت أذرعها لتستقبل الربيع بحفاوة.. وما أجمل الربيع!.. خاصة الربيع في هذا العام، حيث يحلّ علينا ربيع الطبيعة وربيع القرآن.. فيتزامن ربيع الروح وشهر رمضان المبارك مع عيد النوروز.. فنتفاءل بأنها تكون سنة مليئة بالخيرات والصحة والبركة للجميع.
وتتميز هذه المناسبة باحتفائها بالطبيعة وتغنّيها بفصل الربيع، وهو احتفال نجد نظيراً له في بعض الثقافات الأخرى، مثل "شمّ النسيم" في مصر، والذي يعود إلى الحضارة الفرعونية القديمة، وأيضا عيد "الملك طاووس" لدى "الإيزديين" في العراق، فبهذه المناسبة نقدّم لكم نبذة عن النوروز في مختلف الدول التي تحتفل به.
العيد الذي يجمع مختلف الشعوب
يعتبر عيد النيروز، العيد التاريخي في إيران، وهو ضارب في أعماق التاريخ، إذ يعود قدمه إلى ألف سنة قبل الميلاد. وكلمة "نوروز"، هي كلمة فارسية فهلوية أصيلة، فُسّرت بأنها أول يوم من أول شهر في السنة الإيرانية.
يصادف يوم 21 مارس/ آذار، عيد النوروز - عيد رأس السنة في ايران وبعض الدول الأخرى، ويوافق يوم الإعتدال الربيعي، فالنوروز العيد الذي يجمع مختلف الشعوب، ومعظم المحتفلين بنوروز حول العالم، يرتدون الملابس التقليدية الملونة للدلالة على ألوان الربيع.
يعتبر النوروز العيد الوحيد الذي يُحتفل به من قبل قوميات وأديان وشعوب مختلفة عبر القارات وبمظاهر احتفالية ضخمة وباذخة أحياناً. وهو عطلة رسمية في الكثير من البلدان مثل إيران والعراق وقرغيزستان وأذربيجان وغيرها من الدول التي تعترف حكوماتها بهذا العيد، ويصل عدد المحتفلين الذين يجتمعون في ديار بكر بتركيا إلى المليون في ساحة واحدة، عدا عن المدن الكبيرة الأخرى مثل اسطنبول. والاحتفال بهذا العيد، لا يقتصر على الشعب الإيراني، بل يشمل قوميات وبلدان عديدة مثل تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان ومقدونيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وكوجارات وشمال غرب الصين وغيرها من الأقوام في غربي آسيا.
يحتفل في الوقت الحالي ما يزيد عن 300 مليون شخص بهذا العيد حول العالم حسب منظمة اليونسكو التي أدرجت العيد في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2009.
كيف انتشر النوروز عبر القارات؟
كان للقوافل التجارية التي استخدمت طريق الحرير (الطريق التجاري الذي ربط بين الصين وأوروبا وغرب آسيا) دوراً كبيراً في نقل أفكار ومعتقدات وثقافات وطقوس الأديان بين أبناء الامبراطوريات المتعاقبة وكان عيد النوروز من بين الأعياد التي انتشرت بين مختلف الشعوب عبر طريق الحرير.
النوروز في ايران
تقول الرواية الفارسية إن هذا العيد يجسد انتصار النور على الظلام، الخير على الشر منذ آلاف السنين. ويُحكى أن ملكاً فارسياً كان يُدعى جمشيد بن طهمورث، وكان يتمتع بقدرات خارقة وهبها الإله له دون البشرية جمعاء، وتشبه قصته إلى حد كبير قصة النبي سليمان(ع)، فكلاهما عُرف عنهما تمتعهما بقدرات خارقة كالتحدث إلى الجن وحكمهم وغير ذلك.
وتقول الرواية إن جمشيد جاب بقاع الأرض من شرقها إلى غربها محمولاً من قبل الجن، على سرير مرصع بالجواهر، وعندما جلس على العرش في نهاية المطاف، كان أول يوم من أيام الربيع، فابتهج واحتفل مع الشعب وعمت الفرحة الجميع، ليكون يوم 21 مارس/آذار أول أيام الربيع، عيداً يحتفل به الناس كل عام.
مائدة "هفت سين"
تتكون مائدة "هفت سين" أي"السينات السبعة" من سبعة أشياء، وهي الخل (سركه)، ويرمز للنضج الذهني والسلوك الحكيم، وسنبل (سنبلة) وترمز إلى الطبيعة، وعملة معدنية (سكّه) وترمز للثروة، والعشب أو الخضراوات (سبزه) وترمز للحياة الجديدة، وسير (الثوم) ويرمز للعلاج والصحة، و(سمنو) حلوى إيرانية تقليدية وترمز للوفرة والبركة و(سنجد) وهي ثمرة برية تشبه العناب وترمز إلى الحب والعطاء، وقد يعوض عن واحد منها بالتفاحة (سيب) أو السماق، وإضافة إلى الأشياء السبعة، يوضع القرآن الكريم للبركة.
أجواء الاحتفال بالنوروز وطقوسه
يجتمع جميع أفراد العائلة لحظة تحويل السنة حول سفرة النيروز ويتلون دعاء تحويل السنة مع حلول أول دقيقة في ساعة العام الجديد: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ يَا مُدَبِّرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَا مُحَوِّلَ الحَوْلِ وَالْأَحْوَالِ حَوِّلْ حَالَنَا إِلَی أَحْسَنِ الْحَالِ".
بعد ذلك، يقوم كبير العائلة بفتح المصحف وقراءة سبع سور أو سبع آيات تبتدئ بكلمة سلام، ليطرد الآفات والبلايا العلوية والسفلية وإبليس اللعين من محيط بيته وعائلته ويجلب إلى البيت الأمن والهدوء في مستهل السنة الجديدة. ثم بعدها، ومن باب التبرك، يعطي كبير العائلة لكل فرد قطعة نقدية وُضعت في طيات المصحف، وفي هذه الأثناء يحلّي الجميع ألسنتهم بالحلويات النوروزية، وهناك عادات وطقوس مختلفة لإستقبال الربيع والإحتفال بعيد النوروز، فنذكر بعضها:
- تنظيف البيت وتزيينه: تشرع النسوة في إيران كل سنة وقبيل حلول عيد النيروز بتنظيف البيت وتأثيثه وتزيينه استقبالاً للعيد.
- مائدة السينات السبعة: أبرز رمزٍ ودلالةٍ لعيد النيروز ولا يخلو منها أي بيت إيراني هو مائدة "السينات السبعة"، وهي مائدة تُعدُّ خصِّيصاً لهذه الأيام تشتمل على أغذية نباتية وأشياء أخرى تبتدئ جميعها بحرف السين، وذكرناها.
- تبادل الزيارات: تبادل الزيارات بين أفراد العائلة من المراسم الأخرى التي تميّز النيروز في إيران. تدوم زيارة الأقارب وإقامة الأفراح والضيافة ثلاثة عشر يوماً الأولى من السنة الجديدة. وما يطبع هذه التجمعات العائلية هو استقبال الضيوف وإكرامهم بأنواع المكسّرات، وخاصة الفواكه الجافة مثل الفستق واللوز والبندق والبزر، إذ يستحيل أن يخلو بيت من البيوت الإيرانية من هذه المنتجات خلال أيام عيد (النوروز).
- إحياء يوم الطبيعة: تنتهي الاحتفالات بعيد النوروز في اليوم الثالث عشر من شهر فروردين (الشهر الأول في السنة الايرانية)، وهو يوم عُرف في التقويم الإيراني باسم "يوم الطبيعة".
عيد النوروز في مواثيق اليونسكو
عيد النوروز هو تقليد تاريخي يعود أصله تاريخيا الى حوالي القرن السادس قبل الميلاد معلنا بداية سنة جديدة، حلول فصل الربيع وولادة الطبيعة من جديد. ولما كان هذا العيد يساهم في تعزيز التنوع الثقافي والصداقة بين الشعوب ومختلف المجتمعات، فإنه يتماشى على نحو وثيق مع مواثيق اليونسكو. وقد أُدرج عيد النوروز، وفقاً لاتفاقية 2003 الخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي، باعتباره عنصراً من عناصر هذا التراث، في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية، في عام 2009، و مدد هذا في عام 2016، وذلك بناءً على مبادرة مشتركة لأفغانستان وجمهورية أذربيجان والهند وايران والعراق وكازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وتركيا وتركمانستان
وأوزبكستان. وفي عام 2010، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها باعلان "يوم النوروز الدولي". حيث رحب هذا القرار بالجهود التي تبذلها الدول الأعضاء التي يُحتفل فيها بالنوروز من أجل الحفاظ على الثقافة والتقاليد المتصلة بنوروز وتطويرها وتشجيع الدول الأعضاء على بذل الجهود للتوعية بنوروز وتنظيم مناسبات سنوية احتفالاً به، فنتمنى لكم عام جديد مليء بالخير والبركة.. كل عام وأنتم بألف خير.

 

البحث
الأرشيف التاريخي