عدم التقيد بأصول الحياة وأسسها يسبب الفساد والجريمة في المجتمع
أنماط السلوك والتفاعلات داخل الأسرة وآثارها الاجتماعية
إن الأضرار الاجتماعية تشكل تهديداً خطيراً للصحة العقلية للناس، وخاصة الأطفال والمراهقين، يمكن احتساب قضايا مثل الإدمان والهروب من المنزل والعنف والعزلة الاجتماعية والتشوهات السلوكية واليأس ضمن نتائج المشاكل الاجتماعية والإصابات النفسية في العصر الحالي.
من خلال تفحص أمراض الأسرة في العالم، يتضح أنه في عصر ازدهار المعرفة والتكنولوجيا والصناعة، تم إيلاء اهتمام أقل لقوة الأسرة ودفئها ووجهت ضربات محطمة للمجتمع البشري، وعدم التقيد بأصول الحياة وأسسها الصحيحة سببت الفساد والجريمة في المجتمع.
الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأولى المسؤولة عن التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي، فالأسرة إتحاد تلقائي يتم نتيجة الاستعدادات والقدرات الكامنة في الطبيعة البشرية التي تنزع إلى الاجتماع وهي ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري واستمرار الوجود الاجتماعي، وتلعب دورا أساسيا في سلوك الأفراد بطريقة سوية أو غير سوية، من خلال النماذج السلوكية التي تقدمها لأبنائها، فأنماط السلوك والتفاعلات التي تدور داخل الأسرة هي النماذج التي تؤثر سلبا أو إيجابا في تربية الناشئين، ومع تعدد مؤسسات التنشئة الاجتماعية، إلا أن الأسرة كانت ولا تزال أقوى مؤسسة اجتماعية
تؤثر في كل مكتسبات الإنسان المادية والمعنوية، هي المؤسسة الأولى في حياة الإنسان وهي مؤسسة مستمرة معه استمرار حياته بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن يشكل أسرة جديدة خاصة به.
بالإضافة إلى ذلك فالأسرة هي المؤسسة التي ترعى الطفل وتحميه وتشبع حاجاته البيولوجية والنفسية، وهي التي تساعده على الانتقال من حالته البيولوجية إلى حالته الاجتماعية ليصبح قادرا على الاعتماد على نفسه في شؤونه الخاصة والعامة وقادرا على التوافق مع مطالب المجتمع وقيمه.
مفهوم علم الأمراض
علم الأمراض في المصطلح يعني "فرع المعرفة الذي يهدف إلى معرفة الأمراض العقلية والفردية والاجتماعية وكيف تتطور وتنمو وتتحول.
بعبارات أخرى؛ يدرس علم الأمراض الاجتماعي الأسباب والعوامل التي تسبب الأذى الاجتماعي والأوبئة، ويتم تطبيقه المهم في دراسة تاريخ الأسرة والعائلة؛ يعني معرفة العوامل التي تهدد صحة الأسرة وقوتها وتجعل الحياة الفردية والاجتماعية المستقرة والناجحة ضعيفة.
دور الأسرة في العوامل الاجتماعية الصادمة
تواجه الأسرة في سبيل تحقيق أهدافها، كغيرها من ظواهر الوجود، عوامل وعقبات مختلفة، بعضها يتسبب في انحرافها أو يمنعها من تحقيق أهدافها السامية والمقدسة ويضر بها. وعندما يضر ذلك بالأسرة، فإن وجود أفراد هذه الأسرة في المجتمع من أجل التنشئة الاجتماعية والحياة الاجتماعية يضر بتقدم وسلام المجتمع وتواجه الحياة الاجتماعية للآخرين مشاكل.
العائلات غير السوية لها عواقب اجتماعية ضارة؛ لأنها تشمل الإدمان، والهروب من المنزل، والفقر ، والطلاق، والتشرد، والعنف الأسري، وما إلى ذلك مما يسبب ارتباكاً وضعفاً، ومشاكل نفسية وعقلية في الحياة. في مثل هذه العائلات، لا يتم مراعاة ما يجب فعله وما لا يجب فعله، كما أن الإجراءات والأساليب السلوكية ليست مهمة لأفرادها. في الأسرة التي يوجد فيها اضطراب بين أفراد الأسرة، يظهر هذا الاضطراب مع وجود أفرادها في المجتمع. أو يظهر العنف الأسري نفسه في التفاعلات الاجتماعية.
وظائف الأسرة
للأسرة وظائف كثيرة باعتبارها منبع للتكوين الاجتماعي للفرد ولعل هذه الوظائف هي التي تحدد سلوك الفرد منذ ولادته وحتى سن الرشد، وبذلك فهذه الوظائف إذا وجدت بشكل جيد فهي تولد شخص متوازن من الناحية النفسية والاجتماعية، وإذا غابت أو نقصت أو كان فيها نوع من الخلل فهي بالتالي تولد خللا نفسيا أو اجتماعيا.
الوظيفة النفسية: تتمثل الوظيفة النفسية في إشباع الحاجات النفسية من أمن واطمئنان وثقة، وهذا من خلال الوحدة الأسرية وتماسك العلاقات التي تلعب دورا بارزا في نمو ذات الطفل والفرد بصفة عامة. والأهمية الخاصة للأسرة كوحدة نفسية يمكن أن نتصورها عند تقييم كل ما يقدمه الزوج والزوجة والأبناء من خلال تغيرات متوازية في كل من الوالدين، تنشأ علاقات جديدة وتولد أسرة حقيقية وتصبح الطاقة النفسية فيها أكثر فعالية ونجاح في جو يهيئ توفير إشباعات نفسية أخرى كالحاجة للانتماء والحاجة للاعتراف بالذات.
وعلى العكس فإن الاستخدام السيئ للعلاقات النفسية المتبادلة وغياب الإشباعات النفسية يؤدي إلى خلخلة الجو الأسري مما يختل النضج النفسي للطفل. من أهم الأضرار التي تؤثر على الأسرة أولاً ثم المجتمع: من السلوكيات الأساسية والمحددة لعيش حياة صحية بسلام ونجاح يجب ان يكون للانسان له ايمان بالله صحيح ومستقر. الإيمان بالله مثل الطب العلاجي الذي يزيل الهموم والشذوذ ويعطي الحياة الاستقرار الإلهي، وقد واجهت الأسرة المحرومة من نعمة الإيمان والمعتقد الديني الصحيح والمستقر جميع أنواع الهم والقلق. وهي عرضة لأضرار جسيمة ولا يمكن إصلاحها في بعض الأحيان.
اضرار عدم الايمان بالله
اكتسبت العلاقات الأسرية أهمية كبيرة في الإسلام, نظراً لأن الأسرة أصغر وحدة في بناء المجتمع، وعلى كاهلها تقع مسؤولية إنشاء ورعاية وتربية الأجيال، رجال الغد وبناة المستقبل، وقد كان للتشريع الإسلامي قصب السبق في مجال تنظيم الأسرة، ووضع الحلول لمشكلاتها.
فالأسرة بما يخيم على علاقة الزوجين فيها من هدوء وتفاهم، وبما يحكم علاقة الأصول والفروع من ود وتراحم، وبما تقدمه للحياة من ثمرات صالحة خيرة، هي المسؤولة عن صلاح الأمة، وقدرتها على حمل رسالتها الحقة إلى الإنسانية.
لهذه الاعتبارات أولى الإسلام الأسرة جل اهتمامه، يدل على ذلك النصيب الوافر الذي حظيت به أحكام الأسرة وتعاليمها، من آي الذكر الحكيم.
فضعف الروابط بين أفراد الأسرة بسبب المواقف المحدودة والمادية تجاه الحياة وانعدام الأهداف السامية وعدم وجود دافع كافٍ للعيش بسبب الغفلة وعدم الإيمان بوعود الله بالبركات والراحة في الآخرة، وعدم القدرة على مواجهة المشاكل الجسدية والعقلية والنفسية والاقتصادية، وما إلى ذلك، بسبب عدم الاهتمام بمكافآت الآخرة التي تُمنح للإنسان نتيجة لتحمل المشاكل والتحلي بالصبر والمثابرة في مواجهة المصاعب؛ والاعتداء وانتهاك حقوق الآخرين؛ تنم عن ضعف الايمان لأن الإيمان بالقيامة وتذكر العواقب السيئة لانتهاك حقوق الآخرين وعدم القيام بالواجبات يمنع الناس إلى حد ما من السلوك غير اللائق.
لذلك، من أجل حماية الخصوصية الدينية للأسرة وحمايتها، يجب على المرء أن يكون حساساً لهذه القضايا وأن يعمل ضدها بجدية وحماس ديني ومعرفة كافية ضد أي ضرر محتمل.
الأضرار الاخلاقية: يجب على الشخص أن يحاول أن يجعل أخلاقه وشخصيته الداخلية جميلة مثل مظهره. الغضب صفة كريهة تتسبب في آثار سلبية لا حصر لها في الأسرة والمجتمع، وتتجلى في التهيج، وضيق الوجه، والملل، والتي يمكن أن يطلق عليها عامة الغضب؛ وهي من الآفات والأضرار المدمرة في الأسرة والعلاقات الاجتماعية، وتضر بشخصية الإنسان. إن أهم صفة تؤسس للتواصل بين الأسرة والمجتمع ويتعامل معها أفراد الأسرة في وجودهم الاجتماعي هي "الاخلاق الحسنة". من أهم واجبات الرجل تجاه زوجته وأبنائه معاملة الأسرة معاملة حسنة وإعطاء الطمأنينة للأسرة، وينبغي أن يكون دخول الرجل إلى المنزل سبباً من أسباب الدفء والأمان لأفراد الأسرة. التواصل الصحيح والصحي مع أفراد الأسرة من افصل الاعمال المعنوية في الأسرة والمجتمع. إذا لم يكن لدى شخص ما خطاب وسلوك لطيف في المنزل، فإنه لا ينجح في التفاعلات والحياة الاجتماعية ويسبب ضرراً أخلاقياً للمجتمع في نفس الوقت والمكان الذي يتواجد فيه. في حين أن هؤلاء الناس غير مدركين لحقيقة أن التوجيه الإلهي يُعطى للحياة الفردية والاجتماعية، وينشأ عندما تقوم العلاقات الإنسانية على العواطف والمنطق والأخلاق.