الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائتان - ١٣ مارس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائتان - ١٣ مارس ٢٠٢٣ - الصفحة ۸

القِيادة السعوديّة خدعت کیان الاحتِلال

عبدالباري عطوان
كاتب ومحلل سياسي
الاتّفاق السعودي الإيراني الذي رعَته الصين، يُشَكّل "تسونامي" استراتيجي يُنبئ بقُرب نهاية 80 عامًا من الهيمنة الأمريكيّة البريطانيّة على مِنطقة الخليج الفارسي والشّرق الأوسط، وصُعود دور الصين كلاعبٍ استراتيجيٍّ مُهم في المِنطقتين، وعبر البوّابة السعوديّة الأهم سياسيًّا واقتصاديًّا.
هذا الاتّفاق يعكس بشكل أكبر، علامات الضّعف للثّنائي الأمريكي الإسرائيلي في المِنطقة والعالم بأسْره، وبداية انهِيار مشاريع هذا التّحالف الضّخمة وأبرزها تأسيس محور للاعتِدال بقيادته من الممالك ودول الخليج الفارسي الغنيّة، ونسْف كُل خططه باستِخدام "بُعبُع" إيران، وخطرها المزعوم، كورقة ابتِزاز عسكريّة وأمنيّة، وبما يُؤدّي إلى استِمرار الهيمنة وتعميقها.
أيضاً، “إسرائيل” وطِوال السّنوات العِشرين الماضية، كانت، ولا تزال، تعيش "هَوَسًا" اسمه إيران، وتحشد كُل قُدراتها وعلاقاتها ولوبيّاتها اليهوديّة من أجل مُحاربتها، وإضعافها، وتشكيل حائط صدٍّ لها في الدّول العربيّة للأسف، ووضع الخطط لشن عُدوان عليها لتدمير برامجها النوويّة، ولكنّ النّتائج جاءت عكسيّةً تمامًا، فها هي إيران تُعيد علاقاتها مع السعوديّة، خصمها المُفتَرض، وتُوقّع اتّفاقًا تاريخيًّا يُعيد تفعيل التّعاون الأمني بين البلدين.
والقِيادة السعوديّة خدعت کیان الاحتِلال، مثلما خدعت أمريكا، وكُل حُلفاء الأخيرة في مِنطقة الشّرق الأوسط، ونحنُ نتحدّث هُنا عن مِصر والأردن، والمغرب وإسرائيل والسودان، عندما أخفت عن هذه الدّول خططها بالاتّجاه شرقًا إلى الصين، وشِمالًا إلى روسيا بسبب نظرتها الاستراتيجيّة بعيدة المدى، والقائمة على أساس دراسات مُتعمّقة، عمودها الفقري التوصّل إلى قناعةٍ بانتهاء العصر الأمريكي، وزعامته للعالم.
أين المُخابرات الإسرائيليّة التي تزعم أنها ترصد حركة النّمل بدقّةٍ في المِنطقة، وتجني المِليارات من وراء بيع خُبراتها للمُغفّلين في هذا الإطار، لماذا لم تكتشف هذه المُفاوضات السعوديّة الإيرانيّة وتُقدّمها ابتداءً من جولاتها الأولى في العِراق والثانية في سلطنة عُمان، والثالثة المُتوجّه للاتّفاق في بكين؟
كُنّا، ومُنذ عُقود، نُطالب بعدم الانجِرار خلف المُؤامرة الأمريكيّة الإسرائيليّة لشيطنة إيران، من خلال مشروع التّحريض الطّائفي، وخلق فتنة تقود إلى العداء والحُروب الاستنزافيّة المُدمّرة، وطالنا الكثير بسبب هذا الموقف، فإيران دولةٌ جارة مُسلمة، لا يُمكن التّعامي عن وجودها، وإلغاء مكانتها الجُغرافيّة ودورها الحضاري وتاريخها الامبراطوري الذي يمتدّ لأكثر من 8000 عام على الأقل.
السعوديّة تتغيّر استراتيجيًّا، واليمن الجديد القويّ عائدٌ على أرضيّة التّصالح معها، والصين أصبحت لاعبًا استراتيجيًّا في الخليج الفارسي والشّرق الأوسط عبر بوّابة السعوديّة، وعلى حِسابِ تراجُع النّفوذ الأمريكي، ومهرجانات “اللّطم” في تل أبيب ستطول، ولا عزاء للحُكومات العربيّة التي أعماها الضّلال الإسرائيلي عن رؤية التطوّرات المُتسارعة هذه، وقطعت كُل علاقاتها مع إيران تماشيًا مع الإملاءات الأمريكيّة الإسرائيليّة.
نحنُ أمام نُقطة تحوّلٍ تاريخيّة في مِنطقتنا نأمل أن تستمرّ وتتعمّق، فهذا الاتّفاق يُؤذن بنهضةٍ جديدة، على أُسس الحِوار والتّفاهم، وإنهاء 80 عامًا من الهيمنة الأمريكيّة والغربيّة كانت استِعمارًا مُقنعًا.

 

 

البحث
الأرشيف التاريخي