فيما تتوصّلان الى إتفاق بوساطة صينية..
ايران والسعودية.. صفحة جديدة من العلاقات
بعد انقطاع تام في العلاقات بين ايران والسعودية منذ العام 2016 إثر الخلافات السياسية «المتأزمة» بينهما في ذلك الوقت، عادت المياه الى مجاريها بين البلدين الإسلاميّين بعد 7 سنوات من الجمود، حيث اتفقت الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية على استئناف العلاقات الثنائية واعادة العمل في سفارتيهما من جديد.
وعقب زيارة رئيس الجمهورية آية الله السيد ابراهيم رئيسي إلى بكين في شباط/فبرايرالشهرالماضي، فقد أجرى يوم الإثنين الماضي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الادميرال «علي شمخاني» محادثات مكثفة مع نظيره السعودي في الصين بهدف متابعة اتفاقات زيارة الرئيس الايراني للصين ومن أجل حل المشكلات بين طهران الرياض بشكل نهائي.
وفي ختام هذه المفاوضات، يوم 10 آذار/ مارس 2023، تم التوقيع على بيان ثلاثي في بكين من قبل الادميرال «علي شمخاني»، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، ممثلاً لقائد الثورة الاسلامية و»مساعد بن محمد العيبان»، وزير للدولة وعضو مجلس الوزراء وعضو في مجلس الشؤون السياسية والأمنية وفي مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومستشار الأمن الوطني في المملكة السعودية، و»وانغ يي» عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي ورئيس مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية للحزب وعضو مجلس الدولة بجمهورية الصين الشعبية.
مبدأ حسن الجوار
وجاء في نص البيان الثلاثي: «إنه واستجابة للمبادرة النبيلة لرئيس جمهورية الصين الشعبية «شي جين بينغ» في دعم توسيع العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وانطلاقا من مبدأ حسن الجوار ووفقاً لاتفاقية مع رئيسي البلدين على استضافة ودعم الحوار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، وحرصا منهما على حل الخلافات بالحوار والدبلوماسية القائمة على الروابط الاخوية، وتأكيداً على تمسك البلدين بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والمبادئ والإجراءات الدولية، فقد التقت وتحدثت الوفود الإيرانية، برئاسة الادميرال «علي شمخاني» امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني وممثل قائد الثورة، مع الوفود السعودية برئاسة « مساعد بن محمد العيبان مستشار الامن الوطني السعودي في بكين في الفترة من 6 آذار /مارس إلى 10 آذار/ مارس 2023.»
وأضاف البيان الثلاثي: «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية ممتنان لجمهورية العراق وسلطنة عمان على استضافة المحادثات التي جرت بين الجانبين في السنوات 2021 إلى 2022.
كما شكرتا قيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية لاستضافة ودعم المحادثات التي جرت في هذا البلد ومحاولة جعلها تؤتي ثمارها.»
استئناف العلاقات الدبلوماسية
ونتيجة للمحادثات، اتفقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية على استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات وإعادة الممثليات بين البلدين في غضون شهرين.
وسيجتمع وزيرا خارجية البلدين لتنفيذ هذا القرار واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل السفراء.
كما شدّد البلدان على احترام سيادة كلّ منهما وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض، في إطار تنفيذ اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بتاريخ 17/4/2001 ، وكذلك الاتفاقية العامة الاقتصادية والتجارية والاستثمار والتعاون الفني والعلمي والثقافي والرياضي الموقع بتاريخ 27/5/1998.
وتعلن الدول الثلاث عزمها الحاسم على استخدام كل الجهود لتعزيز السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إنتهاء 7 سنوات من الجمود في العلاقات
الى ذلك، كشف الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بعد توقيع البيان الثلاثي المشترك بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في بكين، أمس الجمعة: مهّدت زيارة آية الله رئيسي إلى الصين والمحادثات بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الايراني الأرضية لإطلاق مفاوضات جديدة وجادة للغاية بين وفدي إيران والسعودية.
ووصف الأدميرال علي شمخاني المحادثات بين البلدين بأنها صريحة وشفافة وشاملة وبناءة، وأضاف: إن رفع سوء التفاهم والتطلع إلى المستقبل في العلاقات بين طهران والرياض ستعمل بالتأكيد على تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين وزيادة التعاون بين دول الخليج الفارسي والدول العربية والعالم الإسلامي، وسيُسهم في مواجهة التحديات القائمة.
وثمن الأدميرال شمخاني الدور البناء لجمهورية الصين الشعبية في دعم تنمية العلاقات بين الدول، معتبراً أن ذلك ضروري لمواجهة التحديات وتعزيز السلام والاستقرار والتعاون الدولي.
الإتفاق النهائي
وقيم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الجولات الخمس للمفاوضات الأولية مع السعودية، والتي استضافها العراق وسلطنة عمان، بأنها فعالة في الوصول إلى الاتفاق النهائي وشكر جهود هذين البلدين في هذا الصدد.
كما أجرى شمخاني اتصالا هاتفيا أمس الجمعة، مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لتقديم الشكر لجهود العراق القيمة جدا لتهيئة الظروف لتوصل ايران والسعودية الى اتفاق لاستئناف العلاقات. ووجّه الأدميرال شمخاني الشكر لرئيس الوزراء العراقي الذي استضافت بلاده 5 جولات من المفاوضات بين ايران والسعودية، معتبرا الجهود التي بذلتها بغداد لتهيئة الارضية لتوصل طهران والرياض الى اتفاق لاستئناف العلاقات بأنها جهود قيمة جدا.
قدرات كبيرة للمنطقة
من جانبه أكّد وزير الخارجية «حسين امير عبداللهيان» على أنّ عودة العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية إلى طبيعتها سيوفر قدرات كبيرة للبلدين والمنطقة والعالم الإسلامي.
وبعد لحظات من إعلان الاتفاق بين إيران والسعودية غرّد «حسين أمير عبد اللهيان» وزير الخارجية الايراني على تويتر» بالقول: «إنّ سياسة الجوار و باعتبارها المحور الرئيسي للسياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة، تتحرك بقوة في الاتجاه الصحيح، كما يقف الجهاز الدبلوماسي بنشاط وراء التحضير لمزيد من الخطوات الإقليمية».
العراق يرحب بالاتفاق
الى ذلك، أعربت وزارة الخارجيَّة العراقية، أمس الجمعة، عن ترحيبها بالإتفاق الذي تمَّ التوصُّل إليه بين السعودية وإيران على استئناف العلاقات الثنائية، لتبدأ بموجبه صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسيَّة بين البلدين.
وقالت الخارجية في بيان يوم أمس: إنَّ المساعي التي بذلتها الحكومةُ العراقيَّة في هذا الإطار، عبر إستضافة بغداد لجولات الحوار بين الجانبين، وما رسَّخَتهُ من قاعدة رصينة للحوارات التي تلت عبر سلطنةِ عُمان وجُمْهُوريَّة الصين الشعبيَّة، وصولاً للحظة الإتفاق، الذي سينعكس على تكامل العلاقات بين الجانبين ويُعطي دفعة نوعيّة في تعاون دول المنطقة، بهدف إطار يحقق تطلُّعات جميع الأطراف ويُؤذِن بتدشين مرحلة جديدة.
سلطنة عمان ترحب
كما رحبت وزارة الخارجية في سلطنة عمان، يوم أمس الجمعة، ببيان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران. وأبدت الخارجية العمانية، في بيان: «ترحيب سلطنة عُمان بالبيان الثلاثي المشترك الصادر من المملكة العربية السعودية وإيران والصين باستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهرين، وعلى تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب».
وأضاف البيان: إن الخارجية العمانية «أعربت عن الأمل بأن تساهم هذه الخطوة في تعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة وتوطيد التعاون الإيجابي البناء الذي يعود بالمنفعة على جميع شعوب المنطقة والعالم». وقبل حوالي 10 أيام، قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، من لندن: منفتحون على الحوار مع إيران. وردّا على تصريحات وزير الخارجية السعودي أعلنت ايران إستعدادها لاستئناف المفاوضات وهي مستعدة للتوصل الى اتفاق. وأكد أن الجمهورية الاسلامية الايرانية دوما على أن جود إرادة سياسية ضروري لدفع المباحثات نحو الأمام.
وكانت خمس جولات من المفاوضات جعلت القضايا التي تشغل البلدين أكثر شفافية. وفي مطلع العام الجاري، أعلن وزير الخارجية السعودي خلال لقائه بمساعد رئيس الجمهورية للشؤون البرلمانية، سيد محمد حسيني، في البرازيل، استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع إيران، وقد جاءت هذه التصريحات بعد انقطاع المفاوضات بين البلدين، منذ نهاية الجولة الخامسة في أبريل/نيسان 2022. وشهدت العلاقة السياسية بين طهران والرياض انقطاعاً تاماً منذ العام 2016.