الصفحات
  • الصفحه الاولي
  • محلیات
  • اقتصاد
  • دولیات
  • الثقاقه و المجتمع
  • مقالات و المقابلات
  • الریاضه و السیاحه
  • عربیات
  • منوعات
العدد سبعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون - ٠٥ مارس ٢٠٢٣
صحیفة ایران الدولیة الوفاق - العدد سبعة آلاف ومائة وخمسة وتسعون - ٠٥ مارس ٢٠٢٣ - الصفحة ٥

من الكنعانيين الى الصهاينة السرّاق

الثوب الفلسطيني يواجه لصوص التراث(1-2)

حسني شحادة
كاتب فلسطيني
علاقة الإنسان بتراثه علاقة طبع متقدّمة على تاريخه، في ثنايا الزمان، هذا السديم الّذي يتّسع لكلّ شيء؛ فالفنّانون يعبّرون تعبيراً أصيلاً عن مصالح الشعب، ومطامح أفراده، ويستلهمون في ذلك تفجير الطاقات الإنسانيّة الخلّاقة ورفع المستوى الروحيّ والخُلُقيّ والاجتماعيّ، وتوليد الحاسّة الإبداعيّة للعمل
 والإنتاج. فالفنّ الشعبيّ ذو رسالة أخلاقيّة في الحفاظ على التراث – الثقافة الموروثة – لأنّ الفنّ الشعبيّ الأصيل يحتوي في طيّاته على أساس كلّ فضيلة، فيحقّق مصلحة الشعب في الحفاظ على مأثوراته ومُثُله العليا.
السطو على التراث
في إغفاءة من الزمن العربيّ، اغتصبت الصهيونيّة قلب الأمّة العربيّة، فأقامت لها كياناً في عام 1948، بعد أن خطّطت لتأكيد أسطورتها الخرافيّة بأرض الميعاد، وانطلاقاً من تأكيد ذاتيّتها عَمدَت إلى سرقة التاريخ والتراث الفلسطينيّ العربيّ، فسرقت اسم فلسطين وغيّرته إلى إسرائيل، ومزّقت العلم العربيّ ليخفق على ساريته علم النجمة السداسيّة، وزيّفت الموضوعات والمعاجم، ونسبت التراث الإسلاميّ العربيّ الفلسطينيّ إلى إسرائيل، وعرضته فأقامت في عواصم ومدن أوروبّا وأمريكا وأفريقيا معارض للأزياء الشعبيّة الفلسطينيّة بتطريزها البديع، وجمالها الأخّاذ، وأقامت المهرجانات والحفلات والرقصات الشعبيّة، وما يرافقها من الموسيقى والأغاني والأهازيج، ونسبت كلّ ذلك بالزيف والتضليل لنفسها، وادّعت أنّه تاريخها وتراثها الأصيل في أرض الميعاد.
التحدّي الفلسطينيّ
الواقع أنّ تاريخ الشعوب حافل بتراث شعبيّ أصيل، بدأ ينحسر أمام المدّ الحضاريّ ويتراجع في مواجهة مظاهر المدينة الحديثة. وإذا كانت المجتمعات تدفع، بتراجع مأثوراتها واختفاء تراثها، ضريبة هذا المدّ الحضاريّ، وهذه المدينة الحديثة، فكيف بالتراث الفلسطينيّ الّذي يتعرّض لأعنف هجمة تريد نقل جذوره إلى الصهيونيّة، في محاولة لتكتب لنفسها تاريخاً حضاريّاً يعتمد على تراث شعبيّ أصيل. أمام هذا التحدّي، يقف الشعب الفلسطينيّ بما أوتِيَ من صبر وصلابة، وعمق وأصالة، كشعب له تقاليد وعادات ومأثورات ميّزت شخصيّته العربيّة الإسلاميّة، بثقافة حضاريّة تحافظ على التراث وتواكب ركب التقدّم، لأنّ الشعب الفلسطينيّ أيقن أنّه يقف أمام تحدٍّ مصيريّ ينذر بأن يكون ليبقى، أو لا يكون فيزول؛ فبدأ، في مهاجر شتاته محتفظاً بتراثه الشعبيّ وبثقافته الأصيلة وحضارته الباقية، يصوّرهما في أنماط حياته وأساليب معيشته وطرق تفكيره، يسجّلهما في أغانيه وأهازيجه ورقصاته، وينسجهما في خياله وأمانيه وآماله، يطرّزهما في ملابسه وأزيائه.
الوعي الجماليّ
كان الشعب الفلسطينيّ في وطنه على وعي بالجمال والفنّ، يظهران في جميع أنواع الفنون، لأنّ هذا الوعي كان ضارباً جذوره في عمق التاريخ؛ فكان الفنّ الشعبيّ عصارة جذور حضاريّة قديمة، تحكي علاقة الحبّ الكبير؛ حبّ الناس، وحبّ الأرض بأشجارها وأنهارها، وبحيراتها وبحارها، وغورها وشعابها، وجبالها وسهولها. وبذلك زادت قدرة هذا الشعب على الدفاع عمّا يحبّ؛ فكان تاريخ فلسطين تاريخ الجهاد المستمرّ على مدى الزمان. وكان ذلك حافزاً لهذا الشعب للإبداع في التعبير الجماليّ الّذي ظهر في العمارة والزخرفة والتطريز والشعر والقصّة والعلوم، فكلّ هذه المعالم كانت تغنّي للحياة. بعد النكبة الأولى عام 1948، انفجر مثل قوّة تعبير تستلهم المناهج الفنّيّة المعاصرة، فقد تغيّرت التحدّيات؛ فأصبح التحدّي يعني البقاء أو الفناء، وصار للفلسطينيّ خصوصيّة ذات معايير جدّيّة تفرض عليه أن يبقى عربيّاً إسلاميّاً في عموميّته، وأن يكون فلسطينيّ الملمح والصورة، فلسطينيّ الفنّ والتعبير، فلسطينيّ الحركة والتغيير، لأنّه أمام تحدّيات كبيرة تهدّد باقتلاع جذوره، واجتثاث أصوله، وطمس حقوقه المشروعة.
یتبع

 

البحث
الأرشيف التاريخي