الاستاذة كاتبة الاطفال خديجة حيدورة للوفاق:
أدب الطفل له عالمه وكتّابه وأدباؤه ولا يشبه أدباً غيره
سهامه مجلسي
لا يوجد تعريف واحد أو مشهور لأدب الأطفال، ويمكن تعريفه على نطاق واسع على أنه مجموعة من الأعمال المكتوبة والرسوم التوضيحية بهدف الترفيه أو إرشاد الشباب، ويشمل كلاسيكيات الأدب العالمي المعترف بها، والكتب المصورة والقصص سهلة القراءة المكتوبة من أجل الأطفال، والحكايات الخيالية، والتهويدات، والأغاني الشعبية، وغيرها من المواد المنقولة شفهياً بشكل أساسي. ويُعرف بشكل أكثر تحديدًا على أنه خيال أو غير خيالي أو شعر أو دراما مخصصة للأطفال والشباب في هذا الصدد لقد اجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الاستاذة خديجة حيدورة كاتبة لبنانية في أدب الأطفال ومديرة أدب الطّفل في العالم العربيّ وفيما يلي نص الحوار:
كيف ومتى بدأت تجربتك في الكتابة الأدبية للأطفال وما هي المراحل والمحطات التي مررت بها ؟
لقد بدأت تجربتي في الكتابة الأدبية للاطفال منذ نعومة أظفاري؛ كنت أسرد القصص، وأنشد المقطوعات القصيرة، فلا يعرف من يستمع إليّ من أين آتي بها، وهذا كلّه في سنوات عمري الأولى.
أمّا الكتابة الفعليّة فقد باشرتها عندما كنت معلمة في مطلع العشرين من عمري، حيث أضفت تخصّص اللغة العربيّة على موهبة الكتابة، فألّفت الأناشيد والقصص التعليمية الخاصّة بالأطفال لمساعدة المتعلمين على فهم الأهداف والكفايات التعليمية. ولعلّني تعلمت الكتابة عندما كنت أكتب لتلامذتي، حيث كانت هذه المحطة الأولى، كتبت خلالها الكثير من القصص التعليمية الجميلة في كل المجالات: التعبير بكلا شقّيه الشفوي والكتابي، فضلاً عن قواعد اللغة العربيّة، حاكيت عناصر اللغة فصارت شخصيات تتحرك وتتفاعل فيما بينها، كانت هذه المحطة مهمة في حياتي.
كما أنني خضعت لدورة تعليمية وقدمت فكرتين مميزتين كانت من بينهما كتابات انتشرت عالميّاً وكانت هذه المحطة مهمة جدا في حياتي، استطعت عبرها التعرّف من قرب على أساليب متقنة في الكتابة على الرّغم من الفطرة في سرد القصص القصيرة .
تركت الكتابة فترة من الزمن حوالي عشرة سنوات، ثم عدت إليها من جديد ولكن عدت لها بحمدالله باندفاع وزخم يدعوني، ولأنني الآن مدربة دولية في أدب الأطفال، أكتب وأدرب في آنٍ، استطعت أن أطّلع على أنماط تفكير الكثير من الكتّاب في عالمنا العربيّ.
إنّ التدريس بالنسبة إلي مهنة تثلج قلبي لأنني أدفع الاقلام اليافعة والشغوفة بالكتابة أو تعلم الكتابة والقلوب المتعلقة بالأطفال، من الذين يهوون الكتابة للأطفال على وجه التحديد.
أمّا محطتي الثانية مع الكتابة التلفزيونية والكتابة الرقمية، وهي تجربة مميزة جدّاً في حياتي، هذا بعد أن غزا العالم الافتراض عالمنا الواقعي، وطغا على تفكيرنا فاخذ مساحة كبيرة من حيّز الإبداع والتأليف، فجاء عملنا على القصص الإلكترونية، وهي قصص رقمية من غير تسوح في عالم الخيال، يمكن أن تكون مطبوعة على الكتاب أو مصورة على شاشة التلفاز. وهذا المشروع المبارك، ما هو إلا شجرة في بستان أعمالي التي وفقني الله لها، هو بالأحرى الشجرة الباسقة بين باقي الأشجار، لماذا لأن هذا العمل يصل إلى كلّ الأطفال في العالم، وبالأخص أنّ هذه القصص الإلكترونية هي قصص دينية، تنشر الوعي الديني الاسلامي وتعزّز الارتباط بأهل البيت سلام الله عليهم.
هل يختلف أدب الطفل عن غيره من الآداب وأين تكمن صعوبته في نظرك؟
أدب الطفل لا يشبه أدباً غيره مطلقاً، ولأدب الطفل عالمه، وكتّابه وأدباؤه... أميل بأن ألقّب بكاتبة أطفال متخصّصة في مجالي، ولا أن ألقّب بكاتبة على وجه العموم، فهو تخصّص بحدّ ذاته، لا يمكن أن نلجه إلّا إن كنّا نتمتّع بمواصفات محدّدة، ولأن عالم الكتابة للأطفال هو عالم يحتاج الى كاتب خاصّ، يمسك قلمه بظروف خاصّة، وأوقاتٍ خاصّة، وبيئة خاصّة. كما المعلمة التي تعلم الروضة هي معلمة تتمتّع بمميّزات تتفرّد بها عن معلّم المرحلة الثانويّة...، وكاتب الأطفال لديه ميزاته وأدواته، إنّه السهل الممتنع؛ بكلمات بسيطة تنخر عقل ونفس الطّفل، هو ليس بالأمر الصعب ولكنه يولد مع الانسان يخلق مع الانسان كموهبة وهبه الله إيّاها. عندما نقرأ نصّاً قصصيّاً للأطفال سهل جدا ولكن فالنبحث عن كاتب يبتكر فكرة مميزة نجد هذه الأفكار قليلة جدّاً، وسوف ترين قصصاً كثيرة في عالم الأطفال ولكن الأفكار المبتكرة أين نجدها؟ لن نجدها إلا عند الكاتب المميز ادب الاطفال ليس سهلا مطلقاً، وكلما قلّ عمر الطفل صعبت الكتابة له لأنه ليس بالإمكان أن نكتب نصّاً موجّهاً من عمر صفر الى عمر 18 عاما، علينا تقسيم الفئات العمريّة بعد العامين الأولَيَيْن، ثمّ الخمس سنوات، وهكذا... وأن نقدّم نصوصاً مختلفة، لجميع الفئات تتنوّع مواضيعها بتنوع اهتمامات الطفل نسبة إلى فئته العمريّة. نتحدث عن عالم الكتابة للاطفال او أدب الطفل اذا صمّمنا أن نكتب لهم، علينا أن نعيش معهم يومياتهم، وعلينا نحاكي حالاتهم السلوكيّة والفكرية... وأن نذهب الى عالمهم لا أن نجلبهم إلى عالمنا .
على الكاتب للأطفال إن أراد قصصاً مميّزة أن يعيش بينهم، يحتكّ بهم، يقترب من طريقة تفكيرهم، يتعرّف إلى ما يشغل بالهم، يلعب معهم، يشاطرهم التفكير وحلّ المشكلات، فكيف له أن يكتب لعالم لا يعرف عنه شيئاً؟ عليه أن يتعرّف إليه عن قرب، ولن يتمّ ذلك إلّا من خلال التواصل المستمرّ والمكثّف.
أما بالنسبة لكاتب الأطفال فإنّ الطفولة التي بداخله لا زالت حيّة، ولا زال عقله الطفولي ينشد المرحلة الجنينيّة حيث حضن الأمّ الدّافئ، والأرض، والطبيعة، والكائنات... واللعب.
إجمالاً، فإنّ الكتابة لها علاقة بعلم النفس وهي عملية تفريغ نفسي، فكاتب الأطفال يفرغ من شجونه، ويعيش حالة نكوص لطفولته، يرغب بالعودة طفلاً، ولعلّنا نرى كتاب الأطفال المبدعين هم الأكثر توقاً لأن يعودوا أطفالاً، وهنا تكمن هذه الصعوبة لأننا لا نريد أن نكون أطفالاً بشكل عام.
ما هي مميزات قصص الأطفال بشكل عام ؟
قصص الأطفال جميلة، مميزة برونقها، وسلاستها، وجماليتها بأنّ مواضيعها تتعلّق بأمور الحياة وبكل ما هو مفيد للطفل، وبناء الإنسان، أدب الطفل ممتع ومفيد في آن. بعض النظريات تقول إن أدب الاطفال هو للتسلية فقط، لكن بالنسبة لي يجب أن يكون هناك هدف محدّد من القصّة التي بين يدي الأطفال، وأكثر الرؤى في هذا المجال، أنّ أدب الاطفال هو الأدب الذي يجمع بين المتعة والفائدة، يجب أن يكون هناك غاية، وهدف ما... هذا ما يميز أدب الأطفال وقصص الاطفال نحن نعلم الاطفال بالمتعة باللعب بالقراءة بالاستماع هذا ما يميز قصص الاطفال بشكل عام ايضا يميز قصص الاطفال انها تكون ببناء شخصية الانسان وتساعد على بناء هذه الشخصية بشكل سليم ومتكامل أيضا.
تعدّ قصص الأطفال أداة تربوية تثقيفية ناجحة، فهي تُثري خبرات الأطفال، وتنمّي مهاراتهم، وتكسبهم الاتجاهات الإيجابية.. وهي تزوِّدهم بالمعارف والمعلومات والحقائق عن الطبيعة والحياة، وتُطلعهم على البيئات الاجتماعية. كما أنها تُثري لغتهم وترقى بأساليبها، وتنمّي قدراتهم التعبيرية عن الأفكار والمشاعر والاحتياجات. وللقصة الطفلية دورٌ فعال في النمو الانفعالي للطفل، من خلال ضبط انفعالاته، وتخفيف التوتر عنه، والتنفيس عن رغباته المكبوتة، ومعالجة بعض المشكلات، والأمراض النفسية، وبعض العيوب اللفظية لديه. وهي أيضاً وسيلة جيدة لتكريس علاقات وأنماط سلوك إيجابية في حياة الطفل، وتعزيز الاتجاهات التي تنمي قدراته على مواجهة المشكلات. كما تهدف إلى تحقيق أهداف ترويحية وترفيهية عدَّة، والاستجابة لميول الطفولة إلى اللعب والحركة، وتوفير قسط من المتعة والترفيه، وتبديد أجواء الروتين والرتابة. إنّها عمليّة مسرحة للحياة، فالأطفال يتعلّقون بالقصص، يشبعون حاجاتهم النفسيّة عبر قراءتها، ويحلّون مشاكلهم، ويطوّرون مداركهم السلوكيّة والاجتماعيّة.
ما الفرق بين الكتابة للصغار والكتابة للكبار؟
الفرق بين الكتابة للكبار والصغار أنك سوف تكتبين بلغة الصغار، أمّا الكتابة للكبار فإنك تستفسرين في الكتابة لا تعيرين انتباهاً إلى الكتابة الصعبة والمفردات غير المفهومة، وتكتبين للصغار بجهد هناك جهد عند الكتابة للصغار، حيث أنك تبحثين عن مفردات يفهمها الطفل، وأن لا يشكّل له عائقاً لعملية القراءة والإدراك، لما يؤدي الى عدم استمراره بالقراءة بينما الكتابة للكبار أسهل بالنسبة للكتاب، لأنّ الكتابة للصغار تحتاج الى مواضيع معينة ويجب أن تعالج بطريقة ونوعيّة الكتابة، لدينا قصة ولها عناصر ولدينا تفاصيل محددة مشتركة بين الكتابة للصغار والكبار، على الكاتب أن يوصل الرّسالة بعدد قليل جدّاً من الكلمات، على العكس الرواية أو القصّة الموجّهة لليافعين، فبإمكانه أن يشرح فكرته ويوصل مفهومه في عدّة صفحات، وأن تكون الكتابة الموجّهة للطّفل مكثّفة على عكس الإسهاب الموجود في القصة الموجهة للكبار، ولكنّ الكتابة للصغار كتابة لها عالمها كما ذكرت آنفاً.
إنّ المهتم بأدب الطفل هو إنسان شفّاف، وحساسٌ جدّاً، وطفوليٌّ، ويجب أن يبقى طفوليّاً حتى لو بلغ عمره الثمانين عاماً، يجب أن يبقى طفلاً بما معناه أنّ كاتب الأطفال هو إنسان يشبههم ببراءتهم، ولطفهم، وحبّهم... فلا يشوّه نفسه بأيّ صفة غير محمودة، لأنها لن تكون عاملاً مساعداً في تطوّر الكتابة عنده، إن كان يكتب قصصاً أو أشعاراً أو أناشيد، عليه أن يكون إنساناً شفّافاً بريئاً مسالماً وطفلاً أيضاً.
أين موقع المرأة العربية في أدب الطفل اليوم؟
للمرأة العربية حضور واضح والمرأة المسلمة تحديداً، إذا بحثت عن اسماء الكاتبات بشكل عام ستجدين الكثير الشخصيات العربية من النساء اللواتي لمعن في مجال كتابة أدب الطفل، وإذا أردنا تسليط الضّوء على المرأة المحجبة فهناك كاتبات ملتزمات موجودات في الساحة العربية والعالمية والأدبية في مجال الكتابة، وهذا الشيء يدل على الوعي التي وصلت إليه مجتمعاتنا في هذا الزمن هو وعي ليس بالأمر السهل لأن المرأة العربية والمرأة المسلمة استطاعت أن تحلّ في مواقع كثيرة، وأن تكون رائدة في مجال اختصاصها.
هل لديك اهتمامات أدبية أخرى غير أدب الأطفال؟
حاليّاً أكتب رواية تحكي سيرة أخي الشهيد (نعمة حيدورة) بالتعاون مع جمعية أحياء، لنوثّق مفاصل مسيرته الجهاديّة، ولنوصل للشباب مفهوم المجاهد المثقّف كما كان هو. وإنّه لتوفيق كبير ان اوفّق لإتمام هذا العمل. ومن ضمن الاهتمامات أيضاً، تأليف المناهج التعليمية؛ حيث أنعم الله عليّ بإصدار سلسلة لتعليم اللغة العربيّة للمغتربين الناطقين بها، من الصفّ الأوّل حتّى الرابع الأساسيّ، ويجري العمل حاليّاً على إتمام السلسلة حتّى الصفّ السادس، وهي تستخدم في التعليم في العديد من المدارس في كندا وألمانيا. فضلاً عن المناهج الخاصّة بالروضات التي نعمل عليها بالتعاون مع دار الشمال العالميّة، والحمدلله لدي العديد من الاصدارات المنشورة، هناك ثلاث مجموعات منتشرة قصة جديدة حاليا وهناك 12 قصة ضمن منهاج تعليمي لرياض الأطفال قيد الطباعة...
بالنسبة لكتابتي في مجال النشر الالكتروني فالحمد لله فقد تمّ نشر عدد لا بأس به منها، ولدي مشاريع مستقبلية، أدعو الله أن يوفقني لكي نستطيع أن نكمل هذه الرسالة لأن لدي رسالة في هذا المجال خاصة الاطفال، أعتبرها رسالة وأدعو الله أن لا أرحل عن هذه الدنيا إلا وأكون قد أنجزت رسالتي التي أرغب أن تصل الى العالم كله، وأن تملأ القصص الخاصة بالكتابات الإبداعية الدينية للاطفال في الفضاء الافتراضي.