|
الباحث السوری حسن أحمد حول الاعتداءات الصهیونیةلـ«الوفاق»:
سوریة لن تقف مکتوفة الأیدی أمام الحرب المزمنة والمرکبة
فی الحرب العالمیة التی فرضت على سوریة کان التدخل العسکری واللوجستی والاستخباراتی الإسرائیلی واضحاً جداً، إلى ما کان یطمح هذا التدخل ؟
أشکرکم أولاً على الاستضافة، وثانیاً على الدقة والکفاءة فی اختیار السؤال الأول، انطلاقاً من أن فهم الظاهرة یکون بالغوص لمعرفة الجذور والأسباب والأهداف، والانطلاق منها للوقوف على التداعیات المحتملة والنتائج المتوقعة أو المطلوبة، ومن هنا أستطیع القول بالتحلیل: إن کل ما حصل فی المنطقة تحت عنوان "الثورات ـ الربیع المزعوم" کان لتهیئة البیئة الإستراتیجیة المطلوبة لاستهداف سوریة وجرفها مع التیار الذی تم التسویق له على أنه قدر لا یمکن مواجهته، ولا أمل أمام دول المنطقة حکوماتاً وشعوباً إلا بالإذعان للإرادة الأمریکیة التی تضع فی أول سلم اهتماماتها فی المنطقة مصالح الکیان الإسرائیلی و"أمنه" قبل أی اعتبار آخر.
إن استهداف سوریة کدولة مستقلة فی منطقة الشرق الأوسط لیس حدیث العهد، ولم تکن البدایة مع انطلاقة شرارة ما سمی ربیعاً عربیاً لسبب جوهری یتعلق بالدور الذی تضطلع به سوریة (واسطة عقد المقاومة) العصیة على الترویض أو التهمیش، وأکثر ما یزعج المسؤولین الأمریکیین أن یروا من یستطیع أن یقول لهم: "لا" ویمتلک الإرادة لتحصین تلک ال "لا" وهذا ما تمیز به محور المقاومة الذی أخذت معالمه تتبلور بوضوح أکثر منذ فجر انتصار الثورة الإسلامیة الإیرانیة بقیادة سماحة الإمام روح الله الخمینی قدس سره الشریف.
إذن استهداف سوریة یتجاوز الجغرافیا التقلیدیة المعتمد فی الجغرافیا السیاسیة للدول، ویمتد إلى الجیوبولتیک أی الدور المطلوب تغییره لضمان تمریر ما اتفق علیه واعتمد فی الغرف المظلمة لضمان السیطرة الکونیة، وخیر شاهد على صحة هذا الأمر "صک الإذعان" الذی حمله کولن باول إلى دمشق بعد الاحتلال الأمریکی للعراق عام 2003م. وما تضمنه من إملاءات جوهرها فک الارتباط السوری ـ الإیرانی، وإدارة الظهر لحرکات المقاومة الفلسطینیة والتنکر لها، فالموقع والدور الجیوبولتیکی السوری والمقاوم جزء أساسی فی کل ما یتعلق بالنظریات والمقولات الإستراتیجیة الأمریکیة التی طرحت فی العقود الأخیرة بهدف بسط السیطرة والنفوذ على العالم بکلیته، وضمان أن یکون القرن الحالی الحادی والعشرین قرناً أمریکیاً صرفاً: /صراع الحضارات ـ نهایة التاریخ ـ رقعة الشطرنج الکونیة ـ الشرق الأوسط الکبیر والموسع../ ویمکن القول بثقة ویقین: إن التعثرات التی أصابت ما خطط له المحافظون الجدد والیمین الأمریکی المتصهین قد تبلورت بفضل صمود محور المقاومة وتزاید قدراته کماً ونوعاً وفاعلیة، زادت من أحقاد مفاصل صنع السیاسة الصهیو ـ أمریکیة على سوریة بخاصة، وعلى محور المقاومة بکل أطرافه بعامة، ویبدو أن واشنطن وافقت على التضحیة بحسنی مبارک وزین العابدین بن علی وغیرهما کمقدمة للوصول إلى سوریة الأسد، وضمان إمکانیة الاستمرار فی عملیة التضلیل الاستراتیجی لإسقاط سوریة الدولة والدور، وتظهیر ذلک على إنه إرادة ثوریة للشعب السوری، وبالتالی الاقتراب أکثر باتجاه إیران التی تشکل کابوساً حقیقیاً یقض مضاجع أولئک، وإتمام إخراج بقیة فصول المسرحیة الصهیو أمریکیة لضمان غسل الأدمغة ومصادرة القرار والإرادة فی هذه المنطقة الجیو إستراتیجیة من العالم، ولیتصور أی متابع واقع المنطقة ومستقبلها لو استطاعت أعاصیر ربیعهم الإرهابی المزعوم أن تأخذ سوریة کما کان مخططاً، وأیة علاقات دولیة کانت تفرض ذاتها على العالم برمته؟
باختصار شدید یمکن القول: إن التدخل الإسرائیلی المباشر کان واضحاً منذ اللحظات الأولى لانطلاق شرارة أقذر حرب عرفتها البشریة، وجحافل الإرهاب التکفیری المسلح الذی تم تجمیعه من کل أنحاء الکون والزج به على الجغرافیا السوریة یشکل" الجیش الإسرائیلی البدیل" على الأرض السوریة، والشواهد والدلائل کثیرة ودامغة على صحة هذا، ویکفی هنا التذکیر بأن منظومات الدفاع الجوی کانت أحد أهم الأهداف التی رکز علیها المسلحون منذ الأیام الأولى خدمة وتنفیذاً لأوامر أسیادهم فی تل أبیب التی استضافت جرحاهم للعلاج فی المشافی الإسرائیلیة، وتباهى نتنیاهو بزیارتهم وهم على أسرَّة العلاج.
مع ازدیاد عدد الاعتداءات المتکررة على سوریة،ارتفع مستوى مرتبات الدفاع الجوی فی الجیش العربی السوری والذی أصبح یُسقط معظم صواریخ الطائرات،مما جعل العدو الإسرائیلی یکمل اعتداءاته من خارج الأجواء السوریة، هل لدى الجیش العربی السوری المزید من المفاجآت على صعید الدفاع الجوی والقوة الجویة ؟
من المفید التذکیر هنا بأن منظومات الدفاع الجوی السوری کانت متکاملة الأداء والأدوار عبر "الدفاع الجوی الإقلیمی" عن کامل الأجواء السوریة، ولکل منظومة منها مهمة حسب نوعیة الاستهداف المعادی المحتمل سواء ما یتعلق بالارتفاع أو بالمسافة لضمان التصدی الحتمی والناجح لأی عدوان ممکن وإفشاله فی تحقیق أهدافه العدوانیة، وطبیعة عمل سلاح الدفاع الجوی تفرض نشره فی الأماکن المرتفعة وعلى مساحات جغرافیة واسعة، مما یجعل من حمایة السلاح ذاته مهمة إضافیة مستقلة، وهنا یظهر ارتباط المسلحین التکفیریین المباشر بالکیان الإسرائیلی، ومن حق أی متابع موضوعی أن یتساءل ما علاقة "الثورة المزعومة" بإقدام المسلحین على استخدام المطارق الفولاذیة لتحطیم رؤوس صواریخ دفاع جویة منصوبة للتصدی للطیران الإسرائیلی، ولا یمکن استخدامها إلا ضد أهداف جویة حصراً؟.
أمام هذا التکثیف الممنهج لاستهداف منظومات الدفاع کان القرار بإعادة تجمیع ما یمکن تجمیعه، وهذا ما قلل من الفاعلیة والقدرة على تنفیذ المهام المنوطة بالدفاع الجوی، مع الأخذ بالحسبان انتشار الجیش العربی فی غالبیة المناطق الجغرافیة بدلاً من المواقع القتالیة المخصصة على الاتجاه الجنوبی لمواجهة أی عدوان إسرائیلی محتمل.
من الطبیعی أن دولة مثل سوریة لن تقف مکتوفة الأیدی أمام مفرزات تفرضها الحرب المزمنة والمرکبة، ومع امتداد سنوات الحرب کان لا بد من سد الثغرات التی أحدثتها المواجهة المفتوحة على الجغرافیا السوریة، وکانت المفاجأة الصادمة لأعداء سوریة فی کفاءة رجال الدفاع الجوی السوری، والتعامل مع موجات غیر مسبوقة من العدوان الصاروخی على سوریة فی نیسان 2018م. حیث تم التصدی وإسقاط ما قاربت نسبته حوالی 90% من الصواریخ الأمریکیة والبریطانیة والفرنسیة التی أطلقت باتجاه دمشق ومحافظات أخرى، وقد خرج السکان المدنیون بأعداد کبیرة إلى الشوارع تعبیراً عن وقوفهم مع جیشهم وقیادتهم، وکانت ساحة الأمویین فی قلب دمشق مع ساعات الفجر الأولى تغص بالناس من مختلف الأعمار، وهم یتابعون ملاحم الکفاءة والمهارة التی أبداها رجال الدفاع الجوی والحرب الإلکترونیة فی التعامل مع الصواریخ المعادیة وإسقاطها بنسبة تقارب ثلاثة أضعاف ما یمکن أن تسقطه أحدث منظومات الدفاع الجوی بما فیها منظومات "الباتریوت" الأمریکیة، وکل ما یتعلق بمفهوم "الدرع الصاروخیة" الأطلسیة، أو القبة الفولاذیة الإسرائیلیة، وقد شکل هذا الأمر أحد المفاصل الأساسیة فی مسار الحرب المفروضة على سوریة ومحور المقاومة، وثبت على أرض الواقع أن سوریة لیست وحیدة فی هذه الحرب المرکبة والمفتوحة.
النقطة الأخرى التی تجدر الإشارة إلیها هنا تتعلق بأهمیة النظر موضوعیاً إلى ما یحدث على أی بقعة جغرافیة خاصة بهذا الطرف أو ذاک من أطراف محور المقاومة بشکل متکامل، ولیس بشکل منفصل عن غیره، أی لا أستطیع أن أنظر إلى ما یحدث فی سوریة وکأنه منفصل عما یحدث فی لبنان أو العراق أو الیمن أو إیران، وبالتالی محور المقاومة فرض تعدیلات جوهریة على قواعد الاشتباک التقلیدیة، فالساحات أصبحت موحدة، والجبهات متصلة، وإذا نظرنا من هذا المنطلق إلى تکرار الاعتداءات الإسرائیلیة وزیادة وتیرتها فی الآونة الأخیرة لیس فقط فی الداخل السوری، بل رفع حدة الخطاب، ومحاولة استهداف حتى الداخل الإیرانی عبر الذراع الاستخباراتیة، ومحاولة التباهی، فهذا یعنی أننا أمام عنوان عریض یشیر إلى أن هناک قلقاً وجودیاً یعانی منه المستوطن الإسرائیلی سواء أکان شخصاً عادیاً أم مسؤولا صغیراً أو کبیراً فی مفاصل صنع القرار، وکی یتم التخفیف من حدة وطأة هذا القلق الوجودی یبدو أنهم یحتاجون إلى بعض الرسائل الخارجیة، أو کما یقال: الهروب إلى الأمام عبر تکرار الاعتداءات الصاروخیة والجویة التی تستهدف الداخل السوری.
علینا أن لا ننسى أنه فی مثل هذه الحروب المزمنة تختلط الحقائق بالتضلیل الاستراتیجی، وفی العلم العسکری یوجد ما یسمى"الاستطلاع بالقوة"، حیث یکون أحد أهداف تکرار الاعتداءات الجویة معرفة حقیقة القدرة العسکریة السوریة، ولاسیما ما یتعلق بالدفاع الجوی، لکنهم واهمون إن ظنوا أن رفع سقف التهدیدات، ومحاولة دفع المنطقة إلى حافة الهاویة قد یضطر سوریة أو بقیة أقطاب محور المقاومة لإزاحة الستار عما یجب أن یبقى مجهولاً، فلیس صواباً أن یؤدی الرد إلى طمأنة العدو إلى حقیقة موازین القوى التقلیدیة وغیر التقلیدیة، فعندما یرتفع منسوب الخوف من المجهول قد یکون من المفید دفع أصحاب الرؤوس الحامیة لمزید من التهور والتقدم بوتائر أسرع من حافة الهاویة، وبالتالی مساعدة أولئک فی الإقدام على الانتحار، وإطلاق النار بأیدیهم لیس على أقدامهم فقط، بل وعلى قلب کیانهم المتجه إلى الزوال عاجلاً أم آجلاً.
فی السنوات الماضیة فرض حزب الله معادلة ردع مع الجیش الإسرائیلی..ومع إسقاط الجیش العربی السوری لطائرة حربیة متطورة للجیش الإسرائیلی،کنّا أمام فرصة فرض معادلة ردع قویة .. ما الذی منع هکذا فرصة من التبلور والنمو لتکون معادلة ردع قویة؟
لاشک أن یقین حکام تل أبیب بالقدرة الردعیة لدى حزب الله قد فرض قواعد اشتباک جدیدة، وبتقدیری الشخصی أن الأمر لیس تسلیحیاً صرفاً، فکما أنهم یقتنعون ویعلمون ولدیهم تصور عن القدرة الردعیة لدى حزب الله ـ وأنا شخصیا أتمنى أن تکون أضعاف ما هی علیه الیوم ـ إلا أنهم یعلمون أیضاً بأن ما تمتلکه سوریة من قدرات ردعیة عشرات الأضعاف، ولفهم الموضوع على حقیقته لابد من أن ننطلق من أن محددات السیاسة والتعامل المتعلقة بمنظمة مقاومة، أو حزب مقاوم، أو مجموعة مقاومة مثل حزب الله تختلف عن المحددات التی تحکم سیاسة دولة مستقلة مثل سوریة، والمحددات الخاصة بالسلوک وتعامل دولة تواجه حرباً مزمنة کسوریة تختلف عما هی علیه لدى دولة إقلیمیة کبرى مثل إیران، کما أن محددات السیاسة لدولة إقلیمیة کبرى تختلف عنها لدى دولة عظمى مثل روسیا الاتحادیة الملزمة بمراعاة محددات خاصة والأخذ بها.
کما أنه لدى سوریة أصدقاء وحلفاء، فکذلک لدى الکیان الإسرائیلی أصدقاء وحلفاء وکثیر من العملاء، وهناک من یقول: إن رفع مستوى الرد السوری لیصل إلى العمق المعادی الإسرائیلی کفیل بتقلیل الأخطار والتهدیدات التی تخلفها الاعتداءات الإسرائیلیة المتکررة، وأنه لمواجهة الخطر الداخلی لا بد من نقله إلى الخارج، ولا شک أن مثل هذه القراءة لیست مجانبة بالمطلق للصواب، لکن هناک قراءة أخرى تقول: منذ عام 2011 یدرک المتابعون أن ما کان مخططاً لسوریة کفیل بدکدکة دول عظمى، وما کان بإمکان سوریة أن تصمد وفق جمیع الحسابات التقلیدیة المعتمدة، وبالتالی القیادة التی قادت دفة المواجهة العسکریة والسیاسیة والاقتصادیة والإعلامیة والدبلوماسیة و..و.. الخ بهذه الحنکة، وبهذه المهارة والکفاءة، واستطاعت أن تحقق إنجازات میدانیة نوعیة تضع وراء الظهر أخطر الفصول فی هذه الحرب المفروضة، ومثل هذه القیادة ترى الصورة على حقیقتها من مختلف جوانبها، وهی تدرک ما ترید، وتخطط وتنفذ، ولا تتعامل بردود الأفعال، وتعلم کیف تصل إلى تحقیق الأهداف المعتمدة والمحددة مسبقا.
کثُرَ الحدیث عن الرد السوری على الاعتداءات الإسرائیلیة وعن موعد ومدى حجم الرد، أو بالأحرى لماذا لا یرد الجیش العربی السوری وهو المنتصر بالحرب التی فرضت علیه من کل أصقاع الأرض؟
کثیرون یتساءلون إلى متى یبقى الجیش العربی السوری یراوح عند عتبة الاکتفاء بصد الاعتداءات الإسرائیلیة المتکررة والمتزایدة؟ ولماذا لا یتم الرد فی العمق الإسرائیلی ؟.
قبل الإجابة المباشرة على مثل هذا التساؤل المشروع فی بعض جوانبه ودوافعه، من المهم التوقف عند ثلاثة أمور مهمة، وهی:
1-محددات اتخاذ القرار العسکری تختلف عنها فی اتخاذ أی قرار آخر، فللقرار العسکری خصوصیة ذاتیة، لأن ما یبنى علیه یتعلق بالأمن الوطنی الشامل للدولة الذی لا یقبل الغفلة، لأن تداعیات ذلک تفرض على بقیة قطاعات الدولة التعامل الإلزامی مع ما تؤول إلیه الأمور.
2-القرار العسکری لا یحتمل التقدیر الخاطئ فی الحسابات الإستراتیجیة، أو الصورة غیر المکتملة التی یستند إلیها قبل اتخاذه، وبخاصة ما یتعلق بمسألة الحرب واتخاذ القرار الذی قد یقود إلى بدء الأعمال القتالیة على امتداد الجبهات مع العدو الإسرائیلی، وهذا یعنی نجاح العدو فی جرنا إلى الحرب وفق توقیتاته التی یحددها وحساباته الذاتیة.
3-الجیش العربی السوری هو المعنی أولاً وأخیراً بالرد على أی عدوان، ولیس هناک من مواطن عادی أو مثقف أو مسؤول أو إعلامی أو غیر ذلک فی سوریة أو من خارجها أکثر حرصاً على هیبة الدولة السوریة من مؤسستها العسکریة، وکل ما یتعلق بالتعامل المیدانی المباشر مع أی عدو شأن ذاتی وحصری یرتبط بما یصدر من أوامر وتعلیمات وفق توجیهات القیادة العامة للجیش والقوات المسلحة.
استناداً إلى النقاط الثلاثة المذکورة من المسلم به أن جمیع السیناریوهات المحتملة والخیارات الممکنة التی یتم تداولها والحدیث عنها معروفة وواضحة لدى القیادة العامة للجیش والقوات المسلحة، ومن الطبیعی أن تخضع جمیعها لثنائیة: "التکلفة والمردودیة"، وعلى ضوء النتائج یکون القرار، وهذا الأمر معتمد فی جمیع المدارس العسکریة فی شتى دول العالم، ولذا من المهم توضیح بعض الملابسات التی قد تکون أحد أهم أسباب الکلام العاطفی والمواقف الرغبویة التی قد تظهر، ویتم تداولها وتبنیها والترویج لها من دون التوقف عند مضامینها، وما تحمله من أخطار لا یمکن المجازفة بانتظار تبلورها لتصبح واقعاً لا بد من التعامل معه، وهنا یمکن التوقف عند بعض النقاط المهمة، ومنها:
•الهدف من تکرار الاعتداءات الإسرائیلیة معنوی أکثر مما هو عسکری، وسیاسی أکثر مما هو میدانی مباشر، وهی تأتی فی إطار الحرب على الوعی لمصادرة الإرادة، والرد الأنجع على ذلک یکون بتحصین الوعی وتصلیب الإرادة، وهذه مسؤولیة جمیع المواطنین الشرفاء، وجمیع أنصار محور المقاومة.
صحیح إن هذه الحرب المفروضة قد طالت مدتها وتجاوزت الأحد عشر عاماً، وقد خلَّفت خسائر لا یمکن لعاقل نکرانها، لکن من قال: إن عدونا مرتاح سواء داخلیاً أو خارجیاً على مستوى الفعالیة والدور المأمول من قادة تل أبیب إقلیمیاً ودولیاً.. أتمنى الانتباه إلى سعی أمریکا لدفع روسیا للغرق فی أوکرانیا، فضلاً عن التوتر الکبیر تجاه الصین، وهناک القلق غیر المسبوق إقلیمیاً ودولیاً من اقتراب مفاوضات الملف النووی الإیرانی من الوصول إلى نتائج إیجابیة، إضافة إلى التناقضات الداخلیة التی تقلق حکام واشنطن وتل أبیب، وتجاوز کل ذلک مرهون بتفجیر هذه المنطقة الحیویة من العالم لتغطیة الخلافات الداخلیة الکبیرة، وتصدیرها إلى الخارج، وهذا یعنی الزج بکل الإمکانیات لتدمیر الدولة السوریة، وسحب ما تبلور من عوامل قوة لدى الصین وروسیا وإیران وغیرها، فهل من العقلانیة أن نساعد أعداءنا فی تحقیق هکذا أهداف؟.
الحدیث عن أن الأصدقاء الروس یمنعون الجیش السوری من الرد على الاعتداءات الإسرائیلیة، أو أن خلافات ما قائمة فی الموقف بین روسیا وإیران، وهذا أحد الأسباب التی تقیّد الجیش العربی السوری، وما شابه ذلک من تخرصات ودعایة مفضوحة الأهداف، فأصدقاء سوریة أوفیاء، وهم یدرکون جیداً أن سوریة الأسد سیدة قرارها فی کل ما یتعلق بأمنها الوطنی، ویتفهمون ذلک ویقدرونه على أنه قیمة نوعیة مضافة وعامل قوة حقیقی للجمیع، ولیس لأی طرف على حساب غیره، فسوریة القادرة على منع الأعداء من تحقیق أهدافهم تشکل قوة دعم للأصدقاء والحلفاء، والعکس صحیح.
|
|
تعليقات القراء:
|