|
دراسة استراتیجیة الکیان الصهیونی فی تطبیع العلاقات مع الدول العربیة، الأهداف والنتائج (2)
عرّف الاتحاد بشکل عام على أنه «نوع من العلاقة الخاصة بین الحکومات من أجل تحقیق أهداف معینة»، أما فی التعاریف الدقیقة فهناک اختلاف فی وجهات النظر حول طبیعة ومحتوى وأهداف وأسباب تشکل الاتحاد وأیضا حول نوع ومستوى العلاقة بین اللاعبین المختلفین فی الاتحاد (نفس المصدر السابق). عرّف جورج لیسکا الاتحاد بأنه «تعاون رسمی بین دولتین أو عدد من الدول موجه ضد دولة أخرى تعتبر تهدیدا لهم» (Liska, 3:1986)، من ناحیة أخرى عرف کل من هولستی وهوبمن وسالیوان الاتحاد بأنه «معاهدة رسمیة علنیة أو سریة بین حکومتین أو أکثر فی المجال المتعلق بشؤون الأمن الوطنی لها» (Holsti, 4:1973)، أما استیفان وولت فیقول بأنه لیس من الضرورة أن یکون الاتحاد رسمیا وقد یشمل التعهدات غیر الرسمیة أیضا علاوة على الرسمیة منها وبناء على ذلک عرف الاتحاد بانه «ترتیبات رسمیة أو غیر رسمیة للتعاون الأمنی بین حکومتین أو أکثر» (Walt, 12:1987).
لا یوجد تعریف جامع وشامل للاتحاد، والاختلافات الموجودة بین هذه التعاریف تأتی بالأساس من الاختلاف حول ثلاث خصائص للاتحاد هی الالتزام والهدف وطبیعة الاتحاد. مستوى التزام اللاعبین المشارکین فی الاتحاد، والأهداف التی یسعى هؤلاء اللاعبون لتحقیقها من وراء مشارکتهم فی الاتحاد، والطبیعة العسکریة والأمنیة والاقتصادیة أو المرکبة من عوامل مختلفة لهذا الاتحاد، کل هذا یؤدی إلى تشکل طیف واسع من الاتحادات تمتد من الاتحادات المحدودة إلى اتحادات واسعة وشاملة لجمیع المجالات.
هناک سؤالان یطرحان دائما حول الاتحادات وهما: ما هی العوامل التی تؤدی إلى تشکل الاتحادات؟ وکیف یتم الحفاظ على الاتحادات بعد تشکیلها؟ (Holsti, 88:1973). إن الأساس فی تشکل أی اتحاد هو المصالح المشترکة، وبقاء الاتحاد یعتمد على استمرار وجود تلک المصالح المشترکة، هذه المصالح المشترکة یمکن أن تکون سیاسیة أو اقتصادیة أو عسکریة أو أمنیة.
لقد حدد منظروا الاتحاد العاملین الداخلی والخارجی بصفتهما الدافع والسبب وراء اتحاد حکومة ما مع حکومات أخرى. فی البعد الداخلی فإن کثیرا من الاتحادات وخصوصا فی العالم الثالث تکون بهدف المحافظة على النظام السیاسی الحاکم وحمایته من المعارضین الداخلیین، فالحرب الأهلیة والانقلابات العسکریة والحرکات الانفصالیة وغیرها هی عوامل تؤدی بحکومة ما إلى أن تتحد مع حکومات أخرى من أجل الحفاظ على بقاءها (قوام وإیمانی، 54:1390). أما فی ما یتعلق بالدوافع والأهداف الخارجیة للاتحاد فإن النظریات تتمحور غالبا حول مفهومی «توازن القوى» و «توازن التهدید».
تستدل الواقعیة التقلیدیة والواقعیة الجدیدة الهیکلیة بأن الحکومات تسعى دائما لإیجاد توازن مع القوى الأخرى، فالحکومات تتجه إلى الاتحاد مع بعضها لإیجاد توازن فی مقابل التهدیدات المحتملة من قبل حکومة أخرى قویة. کذلک فإن التغییر فی میزان القوى أو مستوى التهدید لحکومة ما یؤدی إلى اتحاد بقیة الحکومات (Mcclla, 450:1996).
أ- توازن القوى: إن أی محاولة من طرف حکومة ما لتغییر میزان القوى یؤدی إلى قیام اتحاد فی مقابلها، فالحکومات التی تؤید الوضع الراهن تتحد مع بعضها فی مقابل الحکومات التی تسعى لتغییر موازین القوى لصالحها وذلک من أجل الحفاظ على النظام الموجود.
ب - توازن التهدید: یعتقد استیفن وولت بأن التهدیدات الخارجیة تؤدی إلى قیام الاتحادات بین الدول، من وجهة نظره فإن الاتحادات على المستویین الإقلیمی والدولی إنما تقوم بهدف إحداث توازن التهدید لا توازن القوى، وأن الحکومات تتحد مع بعضها فی مواجهة حکومة أخرى قویة عندما تشکل تلک الحکومة القویة تهدیدا جدیا لها، ویقول فی هذا الصدد: «بخلاف ما یعتقده منظروا نظریة توازن القوى فإننی أعتقد بأن الحکومات تقدم على الاتحاد من أجل إیجاد توازن فی مقابل التهدید لا من أجل القوة، وبناء على ذلک فإننی أرى بأن نظریة توازن التهدید هی بدیل أفضل لنظریة توازن القوى. على الرغم من أن القوة هی عنصر مهم إلا أنها لیست کل شیء، بشکل أدق یمکن القول بأن الحکومات تتحد ضد الحکومة التی تشکل التهدید الأکبر علیها» (Walt, 21:1987).
یرى وولت بأن التهدید الخارجی یرتبط بأربعة متغیرات هی: القرب الجغرافی، مستوى القوة والإمکانیات، القدرة الهجومیة، وإدراک نیة المهاجم (Walt, 9:1985). من وجهة نظره فإنه عند تساوی بقیة العوامل تکون الدول المجاورة أکثر خطرا من الدول البعیدة، وکذلک فإن الدول ذات القدرات العسکریة الأکبر تکون أخطر من الدول ذات القدرات العسکریة المحدودة فی إطار الدفاع عن أرضهم، وفی النهایة فإن الدول التی لدیها نوایا عدوانیة واضحة هی أشد خطرا من تلک التی تسعى فقط للحفاظ على الوضع الراهن (Walt, 11:2010). یعتبر سنایدر بأن العوامل الثلاثة التالیة تؤثر على مستوى وشدة التهدید وهی: درجة تضارب المصالح مع العدو، احتمال اتجاه العدو لحل النزاع عن طریق القوة، والقدرات العسکریة النسبیة للدولة وأعداءها (Snyder, 1997: 35).
یعرّف التهدید على أنه غیاب الأمن، وتکون بعض التهدیدات أعمق من غیرها لکونها تعرض مصالح مهمة للخطر. على هذا الأساس یمکن تصنیف التهدیدات على أساس عمقها أو درجة أهمیة المصلحة التی تعرضها للخطر بالنسبة للاعب ما إلى تهدیدات وجودیة وتهدیدات حیاتیة وتهدیدات مهمة وتهدیدات جانبیة. من جهة أخرى یمکن کذلک تقسیم التهدیدات إلى سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة وعسکریة وأمنیة، ومن حیث ماهیتها إلى ثلاثة أنواع هی: القاسیة (العسکریة)، وشبه القاسیة (الأمنیة والاقتصادیة)، والناعمة (الثقافیة والمتعلقة بالهویة).
تأتی التهدیدات فی أبعاد جیوبولیتیکیة أو آیدیولوجیة أو مزیج من الإثنین، وفی حین أن التهدیدات الجیوبولیتیکیة تهدد بقاء کیان سیاسی ما، فإن التهدیدات الآیدیولوجیة تهدد القیم التی تعتبر مصدر قوة ومشروعیة ذلک الکیان السیاسی. من حیث أن خطر التهدیدات المرکبة من کلا العاملین أکبر بکثیر من التهدیدات الأخرى فإن الکیانات السیاسیة تمیل کثیرا إلى إحداث توازن فی مواجهتها من خلال الاتحاد والإئتلاف فیما بینها.
أحد المفاهیم الأساسیة الأخرى التی توضح سلوک اللاعبین الدولیین هو «تصور التهدید» ، فلکل تهدید بعدان ذهنی وعینی، ویمکن أن یکون التصور الذهنی حول تهدید ما غیر منطبق مع واقعیته بحیث یکون فهم وإدراک أحد اللاعبین للتهدید مختلفا عن الدوافع والأهداف الحقیقیة له عند مصدر التهدید (افتخاری، 231: 1385).
یتخذ غالبیة القادة قرارات ویتبعون استراتیجیات لمواجهة التهدید على أساس فهمهم الخاص له، وکلما کان الفارق بین ماهیة التهدید الحقیقیة وفهمه من قبل الطرف المقابل أکبر کلما ازدادت تکلفته لأحد اللاعبین.
3- دراسة تاریخ العلاقات بین الکیان الصهیونی والدول العربیة
یمکن تقسیم العلاقة بین الکیان الصهیونی والدول العربیة منذ تأسیس هذا الکیان فی العام 1948م وحتى الیوم إلى أربع مراحل مختلفة، تحکم العلاقات بین الطرفین فی کل مرحلة منها مقاربة ونموذج خاص هی: العداء والسعی للسلام والتعاون الأمنی والاستخباراتی السری والخروج بالعلاقات إلى العلن وتوسیعها کما ونوعا (رضوی، 1399). أما فی ما یخص العلاقات مع الدول الإسلامیة غیر العربیة فقد کانت استراتیجیة الکیان الصهیونی مختلفة وقد کانت إحدى الاستراتیجیات الرئیسیة التی اتبعها فی مجال السیاسة الخارجیة هی الاتحاد مع الجوار. على أساس هذه الاستراتیجیة التی وضعها رئیس الوزراء الإسرائیلی السابق بن غوریون سعى الکیان الصهیونی فی بدایة تأسیسه إلى توسیع علاقاته الاستراتیجیة مع الدول الإسلامیة غیر العربیة فی الشرق الأوسط واتُّبعت هذه الاستراتیجیة فی مجال تطویر العلاقات مع ترکیا وإیران (قبل الثورة الإسلامیة)، ففی عقد الخمسینات من القرن العشرین کانت إیران وترکیا أول الدول الإسلامیة التی تقیم علاقات مع الکیان الصهیونی (teller, 2014: 100) وقد أدت هذه الاستراتیجیة إلى إخراج هذا الکیان من حالة الانزواء إلى حد ما من خلال إیجاد شرخ فی العالم الإسلامی.
د. أحمد زارعان
یتبع
القوة الإیرانیة الصاعدة وانقلاب المشهد الأحمر؟
تشیر الوقائع وتحولات الشکل والمضمون فی لغة التخاطب الغربی مع إیران وعنها إلى اقتراب لحظة الإعتراف بالقوة الإیرانیة وفک الطوق عنها وتکریس مقعدها بین الدول الکبرى والفاعلة.
طوق الحصار والعقوبات تهتک وتصدع من نوافذ الشراکات الشرقیة الوثیقة وبفعل دینامیة عالیة وسریعة أظهرها التطور الصناعی والتقنی للجمهوریة التی تحولت فی تراکم بنیانها المستقل إلى قوة صناعیة متقدمة نامیة وعملاقة واحتلت مقعدها فی مصاف دول الشرق الصاعدة رغم ما تحمله من أعباء هائلة وعظیمة فی دعم حلفاء المحور المقاوم وما تقدمه من امکانات ومساهمات عسکریة ومالیة وعملیة وتقنیة فی میادین متعددة تخوض قواها معارک فاصلة ضد الهیمنة الاستعماریة الصهیونیة الرجعیة.
لم یعد بعیدا ذلک الیوم الذی ستفرض فیه ایران انقلاب المشهد وانعتاق القوة الإیرانیة النامیة من طوق العقوبات التی تم تجویف معظمها بذکاء ومثابرة وبشراکات عابرة للبحار والمحیطات وبمفارقات مدهشة کحرکة النجدة الإیرانیة لدول أمیرکا اللاتینیة الحرة عبر بحار ومحیطات وحواجز افتراضیة دینیة وعرقیة تخطتها الجمهوریة بقرار الإمام آیة الله السید علی الخامنئی الذی تبدى بحسه التحرری الأممی ریادیا طلیعیا انسانیا وترک وقعا مدهشا لدى جمیع دعاة التحرر ومقاومة الاستعمار فی المنطقة والعالم ووهج المبادرات أقوى من تخرصات الذباب الواقعی والافتراضی المتعیش على الفضلات الاستعماریة الغربیة وروث خنازیر العمالة والارتهان.
جمیع المؤشرات السیاسیة والعملیة تدل على اقتراب لحظة الرضوخ الأمیرکی للواقع الجدید وانهیار وتهتک الجبروت الاستعلائی أمام ارادة التحرر والاستقلال الإیرانیة الصلبة ومن الواضح أن الغرب کعادته یبحث عن مکاسبه ومصالحه حین یفرض علیه الرضوخ للتحولات القاهرة.
نلاحظ الیوم تسابقا إلى استکشاف فرص الشراکة الاقتصادیة والتجاریة مع ایران واحیاء قنوات اتصال سدتها دول الغرب صاغرة بالأمر الأمیرکی رغم النبل الإیرانی الذی کان یعطی تلک الحکومات الخسیسة فرصا مغریة لو امتلکت شجاعة مخالفة المشیئة الأمیرکیة والتمایز عنها والانحیاز إلى مصالح وفیرة ومجزیة أتاحتها ایران وحرصت علیها بندیة وبطلب صداقة الشعوب والأمم الأخرى فی التعاون المثمر والبناء.
القوة الإیرانیة تکسر الطوق وتتخطى السدود فی نموها وتطورها التقنی والعلمی وفی صعودها الاقتصادی کمارد شرقی مقتدر هادر ومشع وهی نموذج مدهش فی طاقة تحمل أعباء دعم وشراکات غیر عادیة ومواصلة عملیات البناء الاقتصادی الاجتماعی الداخلی المتقدم بفضل نظام الجمهوریة الذی تحول آلیات عمله وحرکته دون التکلس والتبقرط بفضل التخطیط والتصمیم العبقری الذی جعل الاحتکام إلى الإرادة الشعبیة ناموسا ناظما لانبثاق المؤسسات وتشکلها.
ما راکمته ایران من قوة اقتصادیة وتطور تقنی رغم الحصار والعقوبات وبالرغم مما تحملته من أعباء احتضان حرکات المقاومة والتحرر فی المنطقة والعالم سیکون رکیزة صلبة لمارد شرقی جبار سوف یتهافت إلیه حملة الحقائب والعروض بعد سقوط الحظر الأمیرکی وهی لحظة وشیکة سنرى بعدها العجب العجاب لاسیما من نادی الانخلاع والتهتک العربی واللبنانی المریض.
وسنتذکر آنذاک ما أبدعته العبقریة الرحبانیة فی لوحة «الشیخ اللقیس» المتثاقل المتثائب الذی یصل دائما متأخرا فی مسرحیة میس الریم.
غالب قندیل
ارتباک البیت الأبیض فی مواجهة الهجمات العراقیة المتواصلة
مع إعلان الحکومة العراقیة انتهاء مهمة الاحتلال العسکری الأمریکی فی العراق نهایة عام 2021، هناک أدلة على استمرار وجود القوات الأمریکیة.
على الرغم من أن الحکومة الأمریکیة والمسؤولین العراقیین أبلغوا عن انتهاء الوجود العسکری الأمریکی وتقیید مهمة القوات الأجنبیة بأدوار استشاریة وتدریبیة، فإن الحقیقة هی أن ما یسمى بالتحالف المناهض لداعش بقیادة واشنطن یواصل العمل فی قواعده العسکریة. منذ بدایة إعلان رئیس الوزراء العراقی مصطفى الکاظمی انتهاء المهمة القتالیة للاحتلال الأمریکی فی 31 کانون الأول (دیسمبر) 2021، طالبت الغالبیة العظمى من فصائل المقاومة العراقیة، بمواقفها الحاسمة، بالتنفیذ الفعلی لانسحاب المحتلین ولیس کلاماً رسمیاً فقط. فی نظر هذه التیارات، فإن قصة انسحاب القوات الأمریکیة هی لیست أکثر من استعراض ولیس لها أساس حقیقی، ولن یتم تنفیذها بالکامل. وإذا لم تغادر جمیع الوحدات العسکریة الأجنبیة بلادهم، فسیواصلون نضالهم.
هجمات جماعات المقاومة والعملیات القتالیة شبه العسکریة أو الاستشاریة
بعد التأکد من بقاء الأمریکیین بعد إعلان الانسحاب من العراق، نفذت قوات المقاومة، فی ذکرى استشهاد اللواء قاسم سلیمانی وأبو مهدی المهندس فی 3 کانون الثانی / ینایر 2020، عدة هجمات على القواعد العسکریة للمحتلین. حتى أن نطاق العملیات المناهضة للاحتلال لم یقتصر على العراق، فقد تم مهاجمة المواقع العسکریة الأمریکیة فی سوریا، وخاصة فی محافظة دیر الزور. فی الأیام القلیلة الماضیة، حاول المسؤولون العسکریون الأمریکیون فی البدایة إخفاء الهجمات عن وسائل الإعلام. لکن تم الاعتراف مؤخراً بأن القاعدة العسکریة لهم فی محافظة الأنبار (قاعدة عین الأسد) وفی محافظتی بغداد وأربیل تعرضت لهجمات بطائرات مسیّرة وصواریخ. وتأکیدا لهذا الأمر، أفادت قناة «صابرین نیوز» على تلغرام، باستهداف قاعدة عین الأسد بـ 12 صاروخا، وأن القوات الأمریکیة فی حالة تأهب قصوى فی قاعدة عین الأسد الجویة. وبحسب التقریر فقد أطلقت الصواریخ من قریة البسطامیة الواقعة على بعد 25 کیلومترا من مدینة هیت. کما أکد التحالف الأمریکی الهجوم فی بیان، زاعماً أنه تم إطلاق خمسة صواریخ على قاعدة عین الأسد. فی أعقاب الهجمات، أفادت مصادر إخباریة غربیة بأن قوات الاحتلال فی القواعد العسکریة العراقیة ردت على ضربات الطائرات بدون طیار والصواریخ أو، کما زعمت، صدت الهجمات. السؤال الآن هو ما إذا کان دور الجیش الأمریکی قد تم تقلیصه بالفعل إلى الاستشارات والتدریب، أم أنهم سیستمرون فی مهاجمة الأجواء العراقیة ولعب دورهم القتالی متى شاءوا. مع الحد الأدنى من الفهم لمسألة إنهاء الدور القتالی، فمن المسلم به أن حمایة المستشارین الأجانب ستکون مسؤولیة الحکومة العراقیة اعتباراً من العام الجدید، وأن القوات الأجنبیة لیس لها الحق فی اتخاذ إجراءات مباشرة للرد على الهجمات أو القیام بعملیات هجومیة. لکن رد فعل قوات الاحتلال الآن على هجمات فصائل المقاومة یظهر بوضوح أن قصة انسحاب القوات الأمریکیة من العراق ظلت حتى الآن عرضاً وهمیا ولم یتم تنفیذها میدانیا على الإطلاق.
ارتباک واشنطن فی مواجهة موجة جدیدة من الهجمات
الهجمات الجدیدة من قبل قوى المقاومة أربکت مسؤولی البیت الأبیض أکثر من أی شیء آخر. من ناحیة أخرى، یزعم الأمریکیون أن دورهم القتالی فی العراق قد انتهى، لذلک لم یعد بإمکانهم الرد بقوة على هجمات قوات المقاومة. من ناحیة أخرى، فإن مناشدة الحکومة العراقیة توفیر الأمن للجیش الأمریکی لیس بالأمر السهل بسبب حقیقة أن البرلمان أقر قانوناً بشأن إخراج القوات الأجنبیة، وأساساً طبیعة ضبط النفس والتعاون من جانب الحکومة المستقبلیة تتضاءل إلى حد کبیر. فی ظل هذه الظروف، أصبحت حکومة بایدن، التی تعرضت لضغوط شدیدة من المعارضة الداخلیة منذ انسحابها الفاضح من أفغانستان، یائسة ومربکة بسبب التحدی المتمثل فی کیفیة التعامل مع هجمات الجماعات العراقیة. تظهر الموجة الجدیدة من هجمات فصائل المقاومة على مواقع المحتلین الأمریکیین أن هذه المجموعات، مع إدراکها الکامل للوضع الصعب الذی تواجهه حکومة بایدن لتصعید الصراع، تبنت استراتیجیة الضغط المتزاید. المعادلة واضحة جدا، وهی أنه طالما استمرت قوات الاحتلال الأمریکیة فی الوجود، ستستمر الهجمات بلا هوادة ولن یکون هناک ملاذ آمن للمحتلین. رسالة مهمة أخرى لواشنطن هی أنه لیس فی العراق فقط، بل فی جمیع أنحاء المنطقة، تتعرض قوات الاحتلال الأمریکیة لهجوم من قبل قوات المقاومة، وان انسحابها من غرب آسیا وحده هو الذی یمکن أن یعید الاستقرار إلى المنطقة.
الهجمات الجدیدة من قبل قوى المقاومة أربکت مسؤولی البیت الأبیض أکثر من أی شیء آخر. من ناحیة، یزعم الأمریکیون أن دورهم القتالی فی العراق قد انتهى، لذلک لم یعد بإمکانهم الرد بقوة على هجمات قوات المقاومة. من ناحیة أخرى، فإن مناشدة الحکومة العراقیة لتأمین الجیش الأمریکی لیس بالأمر السهل بسبب وجود قرار برلمانی بشأن إخراج القوات الأجنبیة، وسوف تتضاءل بشکل کبیر طبیعة ضبط النفس والتعاون من جانب الحکومة المستقبلیة کما هی بقدر الحکومة الحالیة.
الوقت
|
|
تعليقات القراء:
تعليقات القراء:
تعليقات القراء:
|